عوّل الغرب كثيرًا على الهجوم الأوكراني المضاد في بدايته لدحر روسيا، وتعالت نبرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن بلاده لن تقبل بأي مفاوضات، وأن الحل الوحيد للسلام وإنهاء الحرب هو طرد كل القوات الروسية خارج أراضي بلاده، ومع استمرار الهجوم الأوكراني المضاد المدعوم من الغرب بالمعدات الحديثة، لم تحقق كييف التقدم المأمول.
منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، قال إن الولايات المتحدة أعطت الأوكرانيين كل ما طلبوه لشن الهجوم المضاد، إلا أنه كرر أن التقدم "أبطأ مما يود الغرب"، ومع ذلك حذر من الخريف، قائلًا إنه سيكون من الأصعب الاستمرار في الهجوم المضاد.
وتابع "كيربي" أن أمريكا وحلف الناتو لبّيا طلبات أوكرانيا بالكامل: "لقد تلقوا كل ما قالوا إنهم يحتاجونه للهجوم المضاد.. الولايات المتحدة ستواصل تزويد أوكرانيا بكل ما هو ضروري لاختراق الخطوط الدفاعية للجيش الروسي".
لم يتبق الكثير من الوقت
وأكد مستشار البيت الأبيض، بحسب موقع "topwar"، أن أوكرانيا لم يتبق لها سوى القليل من الوقت لمحاولة تغيير الوضع في ساحة المعركة، مضيفًا: "البيت الأبيض يتذكر وعود زيلينسكي بالذهاب إلى بحر آزوف والاستيلاء على شبه جزيرة القرم، والتي تم بموجبها تسليمه الأسلحة والمعدات العسكرية"، لافتًا إلى أن الطقس في الخريف سيضيف صعوبات جديدة.
لماذا يزيد طقس الخريف صعوبة؟
أوضح "كيربي" أنه مع دخول الخريف سيكون من الصعب على الأوكرانيين المناورة على الأرض واستخدام الطائرات دون طيار، وأنظمة الدفاع الجوي، مضيفًا: "إنهم يقاتلون كل يوم، هذا ليس تجميدًا وليس طريقا مسدودًا.. حتى الآن لا تتحرك الأمور بالسرعة التي يريدها زيلينسكي".
ويمكن القول إن الوقت ليس في صالح أوكرانيا، لأنه بحلول الخريف ودخول موسم الأمطار، تصير الطرق غير الممهدة موحلة، ما يصعب عملية التقدم إن لم يحوله إلى أمر مستحيل، بحسب تقرير لـ"بي بي سي".
وأشار التقرير أنه ما لم يحقق الأوكرانيون مكاسب حاسمة، على صعيد القتال قبل حلول الخريف، فمن غير المؤكد مواصلة الولايات المتحدة وحلف الناتو، تقديم الدعم لكييف على نفس المستوى الحالي.
الخطة B
ونقلت "روسيا اليوم"، تصريحات الخبير العسكري الروسي فلاديسلاف شوريجين، قوله إن الدول الغربية انتقلت إلى الخطة البديلة، بعد إدراكهم أن هزيمة روسيا عسكريًا لم تتحقق، وأن الهجمات الجديدة لن تنجح، على حد قوله.
وأوضح في تصريحات لصحيفة "إزفيستيا": "لقد بدأوا في الانتقال إلى الخطة B، التي يجب أن تكرر نتيجة الحرب العالمية الأولى، عندما كانت روسيا منهكة وكانت تعيش أزمة سياسية"، ومن أجل تنفيذ هذه الخطة، على الدول الغربية النهوض بالصناعات العسكرية لكي تتجاوز روسيا.
قمة سلام في الخريف
تحدث الرئيس الأوكراني عن أمله في عقد قمة سلام في الخريف المقبل، مشيرًا إلى أنه يعمل وفريقه لحشد دعم واسع لها، وذلك في تصريحاته حول محادثات جدة، التي قال إنه يأمل أن تكون خطوة جديدة نحو قمة الخريف.
وقال زيلينسكي: "الخريف قريب جدًا، لكن لا يزال هناك وقت للتحضير وإشراك معظم دول العالم"، وذلك في وقت تسعى فيه كييف لإقناع المزيد من الدول لدعم صيغتها للسلام، واستمالة الدول التي تقف على الحياد مثل الهند والبرازيل.
وتنص صيغة سلام زيلينسكي، على الاستعادة الكاملة لوحدة أراضي أوكرانيا، والدعوة لحماية إمدادات الغذاء والطاقة، والسلامة النووية، والإفراج عن كل الأسرى.
بايدن وحزمة مساعدات جديدة
وطلب الرئيس الأمريكي، الخميس، أكثر من 24 مليار دولار، دعم جديد لأوكرانيا، للحفاظ على دعم الحرب هناك، وسط مؤشرات على تراجع الدعم بين الأمريكيين، بحسب سي إن إن.
ويبدو أن طلب بايدن، والذي يتضمن أكثر من 13 مليار دولار من المساعدات العسكرية و 7.3 مليار دولار للمساعدات الاقتصادية والإنسانية لأوكرانيا، سيثير معركة محتملة بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس، في ظل الشكوك حول جدوى توفير المزيد من الأموال لأوكرانيا.
سبب بطء التقدم الأوكراني
لم تتقدم القوات الأوكرانية، على مدار شهرين من الهجوم المضاد، سوى 16 كيلو مترًا في منطقتين على طول الجبهة البالغة 160 كيلو مترًا، بحسب بي بي سي، التي أشارت إلى أن التقدم بطيء أكثر مما كانت تأمل أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون.
ويأتي بطء التقدم الأوكراني، بسبب توقع الروس للهجوم الأوكراني المضاد، وتدشينهم تحصينات وصفت بأنها الأكبر في التاريخ الحديث، إذ نفذوا على مدار شهور، خنادق ومخابئ ومصائد للدبابات يطلق عليها اسم "أسنان التنين"، كما زرعوا آلاف الألغام، بما يمثل عقبة أمام أي تقدم أوكراني.
وقالت تري ميرون، وهي خبيرة في مجال الدفاع، بكلية كينجر كوليدج بلندن، أن أوكرانيا عليها أن تخفض سقف طموحاتها في الجنوب، خاصة فيما يتعلق باستعادة شبه جزيرة القرم، قائلة: "لا أعتقد أن هذا ممكن في أي وقت قريب"، وأن أقصى ما يمكن للأوكرانيين أن يأملوا فيه استعادة مدينة توكماك، التي تعد مركزًا لوجستيا للقوات الروسية، وتقع على مسار رئيسي في جنوب شرقي البلاد.
وأشارت "بي بي سي" إلى أن الروس لجأوا إلى تكثيف استخدام الألغام المضادة للدبابات، وتحايلهم على مركبات الألغام التي تستطيع إزالة لغم واحد فقط، ولهذا عمدوا إلى زرع لغم فوق آخر، من أجل مضاعفة الأثر.