رغم أن الحرب الروسية الأوكرانية لم تضع أوزارها بعد، إلا أن روسيا قررت إدراج عمليتها العسكرية في الكتب الدراسية للطلاب، بدءا من سبتمبر المقبل، لشرح وجهة نظر الدولة وأسباب شنها للعملية، وأهدافها في أوكرانيا، وعلاقتها باجتثاث النازية من جذورها.
ولا يعد تعديل المناهج الدراسية الروسية أمرًا جديدًا، فسابقًا عمد الرئيس الروسي إلى إدخال بعض التعديلات على المناهج الدراسية، لصنع جيل جديد يؤيد اتجاه الدولة الروسية، ويرفض الانفتاح على الغرب، بحسب ما نشرته "واشنطن بوست" في يوليو 2022.
ماذا عن التعديل الجديد؟
بحسب وزير التعليم الروسي سيرجي كرافتسوف، فإن كتاب التاريخ الجديد لطلاب السنة الأخيرة من المرحلة الثانية، تم إنجازه في نحو 5 أشهر، ويغطي الفترة بين 1945 وبداية القرن الواحد والعشرين، بغرض جعل الطلاب يفهمون أهداف العملية العسكرية الروسية، في أوكرانيا، من اجتثاث النازية ونزع سلاح الدولة السوفيتية السابقة.
وفي وقت سابق تحدث وزير التعليم الروسي أمام الرئيس عن "حرب حقيقية مستمرة ضد التاريخ"، واتهم أعداء روسيا باستغلال سذاجة الأطفال لتقسيم الشعوب وزرع الفتنة، بحسب "إندبندنت".
وقال فلاديمير ميدنسكي، مستشار "بوتين"، للصحفيين، إن الكتاب الجديد ينشر وجهة نظر روسيا بطريقة أبسط مقارنة بالكتب المدرسية السابقة.
وعلى غلاف الكتاب، الذي جاء باللون الأزرق، نجد جسر كيرتش، أو جسر القرم، وهو الرابط الوحيد بين شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014 والبر الروسي.
ويشيد الكتاب الذي سيكون متاحًا في جميع المدارس بداية الشهر المقبل، بالجنود الروس الذين "أنقذوا السلام" في شبه جزيرة القرم عام 2014، إضافة إلى التنديد بالعقوبات الغربية على روسيا، بما في ذلك تجميد أصول روسيا في الخارج، وتعهد الوزير الروسي، إنه بعد نهاية العملية العسكرية الخاصة بنصر روسيا، سيقومون بإكمال الكتاب.
بوتين وخلق جيل جديد من المؤيدين
في يوليو من العام الماضي، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا عن سعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لخلق جيل جديد من المؤيدين من خلال المدارس، موضحة أنه بداية من الصف الأول سيحضر الطلاب في جميع أنحاء روسيا دروسا أسبوعية، تعرض أفلامًا عن الحرب، وأن الأطفال سيتلقون جرعات ثابتة من المحاضرات حول مواضيع مثل القيم التقليدية، و"الولادة الجديدة" لروسيا في عهد بوتين.
وأوضحت أنه وفقًا للقانون الذي وضعه بوتين، سيتم تشجيع الأطفال الروس على الانضمام إلى حركة شبابية وطنية جديدة، على غرار منظمة "رواد" التي كانت موجودة وقت الاتحاد السوفيتي، تحت إشراف الرئيس الروسي نفسه.
ورغم فشل محاولات الدولة الروسية في نقل أيدولوجية الدول إلى أطفال المدارس، فإن بوتين يرى أن الأمر بحاجة إلى تغيير، خاصة مع الحرب الروسية الأوكرانية، ومحاولته استغلال المدارس البالغ عددها نحو 40 ألف مدرسة يتشكل فيها وعي وقيم النشء الجديد.
وتحدث موقع "azattyq" الروسي، عن اتجاه روسيا لتغيير المناهج الدراسية للانحياز نحو العسكرية الكاملة، إذ اشتكى النائب أندريه كارتابولوف، في اجتماع لمجلس الدوما، من عدم استعداد الشباب المتطوعين لدخول الخدمة في الجيش.
وقال كارتابولوف، إن الشباب الصغار غير مستعدين للحياة الواقعية من نواح كثيرة، وأن المدارس الروسية ستعالج على مدار الفترة المقبلة، هذه المشكلة، عن طريق استبدال أساسيات سلامة الحياة بأساسيات الأمن والدفاع عن الوطن.
وأوضح الموقع، أنه اعتبارًا من العام الدراسي الجديد في سبتمبر المقبل، سيتعلم طلاب الصف العاشر "عناصر التدريب العسكري الأساسي"، بالإضافة إلى التدريب على المهارات العسكرية الأساسية، كما يشمل البرنامج أيضًا محاضرات حول "الآفاق الوظيفية" للخدمة العسكرية، وفقًا للكتب المدرسية وأدلة المعلمين المنشورة رسميًا على الإنترنت.
وأوضح، أنه في الصف الحادي عشر، ستستمر هذه الفصول في تعزيز "تشكيل الهوية المدنية الروسية، والوطنية، والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن الأم"، فضلاً عن تنمية "القناعة الأيديولوجية، والاستعداد لخدمة وحماية الوطن والمسؤولية عن مصيره"، إضافة إلى تحذير تلاميذ المدارس من خطر "التزييف كعنصر من عناصر حرب المعلومات".