تسببت أزمة الجفاف التي يُعاني منها العراق في السنوات الأخيرة؛ بسبب تغيرات المناخ ونقص هطول الأمطار والاستخدام غير المستدام للمياه، في انخفاض هائل بالثروة السمكية وتعرضها لخطر حقيقي.
وازداد الأمر تعقدًا بعد قرار وزارة الموارد المائية بردم البحيرات الصناعية المتجاوزة وغير المرخصة على الأنهار، والتي كانت بأعداد كبيرة جدًا وتستعمل كمزارع لتربية الأسماك وبيعها بالسوق المحلية.
ردم البحيرات
وأطلقت وزارة الموارد المائية، خلال الأيام القليلة الماضية، حملات شاملة في محافظات البلاد كافة، لردم بحيرات الأسماك وتجفيفها للحفاظ على الخزين المائي، لتفادي أزمات جفاف مُحتملة خلال الصيف الحالي، بسبب تناقص مياه دجلة والفرات وقلة الخزين اللازم لتأمين مياه الشرب والاحتياجات الأساسية.
ولقى القرار انتقادات واسعة من مربي الأسماك الذين فقدوا مصدر رزقهم، والذين أشاروا إلى تعرضهم لخسائر فادحة مع نهاية إنتاج الأسماك ذات الجودة المتميزة في المحافظات، والعودة إلى فترة الاستيراد من دول أخرى.
انخفاض هائل
يُشير كريم كردي، رئيس اتحاد جمعية الفلاحين، في تصريح نقله مراسل (واع) إلى تعرض مربي الأسماك لخسائر فادحة، بسبب قرار ردم البحيرات وخسارة عدد كبير من العاملين في هذا المجال مصدر رزقهم، مُشيرًا إلى أن القرار يمثل نهاية لإنتاج الأسماك ذات الجودة المتميزة في المحافظات، والعودة إلى فترة الاستيراد من دول أخرى.
وحسب مختصين، فإن إنتاج العام الحالي تراجع إلى نحو 400 ألف طن أو أقل، وهذا ما يؤيده عباس سالم، المدير العام السابق لدائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة.
وبلغ إنتاج العراق العام الماضي من الأسماك 800 ألف طن، منها 100 ألف طن من المزارع المُجازة، و700 ألف طن من المزارع غير المُجازة.
سعر الكيلو 10 آلاف دينار
وتعرضت الثروة السمكية في العراق إلى أشبه ما يحدث بالمجازر، نتيجة نفوق ملايين الأطنان سنويًا، بسبب الجفاف أو إصابتها بالفيروسات، خصوصًا في مناطق الأهوار جنوبي العراق، التي تعرضت أغلبها إلى الجفاف بشكل نهائي.
وأدت عوامل الجفاف والشح وانخفاض نسبة الأكسيجين وارتفاع نسبة الأملاح والتي أثرت في جودة المياه، إلى تراجع الإنتاج المحلي من الأسماك في البلاد بشكل كبير، ما خلف ارتفاع سعر الكيلو الواحد إلى 10 آلاف دينار (نحو 7 دولارات)، بحسب وكالة الأنباء العراقة (واع).
انخفاض منسوب المياه
ووصلت حالة نهري دجلة والفرات من الجفاف إلى درجة مزرية، إذ يبدو قاع كل منهما واضحًا عند الضفاف في المحافظات الجنوبية والجنوبية الشرقية من البلاد، كما بات بمقدور العراقيين في بعض المناطق، أن يقطعوا المسافة من ضفة إلى أخرى من خلال المشي عبر المجرى المائي للنهرين، بعد أن كانوا يحتاجون إلى جسور وقوارب للعبور.
تركيا وإيران
ويعيش نهرا دجلة والفرات، انخفاضًا بالغًا في مناسيب المياه، وأرجعت وزارة الموارد المائية أسباب الانخفاض إلى نقص في الحصص المائية ببعض المحافظات الجنوبية لقلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة، وسد حديثة على الفرات من تركيا.
وتسببت السياسات المائية التي تنتهجها كل من تركيا وإيران إلى انخفاض منسوب المياه في العراق، ولا سيما بعد بناء أنقرة سدودًا كبيرة على منابع النهر، وتتهم بغداد طهران بحرف مسار أكثر من 30 نهرًا على جيرانها، وصولًا إلى الأراضي العراقية.
العراق بلا مياه
ووفقًا لتوقعات "مؤشر الإجهاد المائي" لعام 2019 فإن العراق سيكون أرضًا بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن تصل مياه النهرين إلى المصب النهائي في الخليج العربي.