مُعاناة واسعة النطاق وأزمات مُتعددة يعيشها ملايين اللاجئين الفلسطينيين، ما بين عنف يشهدونه بشكل يومي في بلادهم وفقر مدقع واحتياجات الحياة الأساسية التي يصعب توفيرها، ومما زاد الأمر سوءًا نقص المساعدات التي يعتمد عليها ملايين اللاجئين الفلسطينيين والبالغ عددهم وفق الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء 14 مليون لاجئ حول العالم.
ووفق الأونروا (وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى) فإن هناك 5.9 مليون لاجئ، مسجلين لدى الوكالة وهناك 58 مخيمًا معترفًا به للاجئين الفلسطينيين في كل من الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وتزامنًا مع الأزمات المتعددة التي تواجه لاجئي فلسطين تشهد الأونروا والتي يعتمد على خدماتها ملايين اللاجئين الفلسطينيين نقصًا كبيرًا في التمويل بعد أن أعلن عدد من المانحين تخفيض مساهماتهم خلال هذا العام.
مستويات عنف قياسية
بدورها، أكدت سحر الجبوري، رئيس مكتب ممثل الأونروا بالقاهرة، في تصريحات خاصة لـ"القاهرة الإخبارية" أن الأزمات تتكاثر على اللاجئين الفلسطينيين في وقت يعانون فيه من فقر مدقع وأزمات مركبة، لافتة إلى أن اليأس اضطر اللاجئين الفلسطينيين إلى القبول بأي وظيفة في لبنان، حيث تقدم ما لا يقل عن 37 ألف شخص، بمن فيهم حملة شهادات جامعية، للعمل في 13 وظيفة عامل صرف صحي فتحتها الوكالة.
وأشارت "الجبوري" إلى أن الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية تشهد مستويات قياسية من العنف المسلح والتهجير وتدمير الممتلكات في ظل حكومة محتلة هي الأكثر تطرفًا، لا تتوانى عن استخدام العنف المفرط، لافتة النظر إلى العملية العسكرية التي ارتكبتها قواتها الأمنية في مخيم جنين، وتسببت في تدمير جزء من بنيته التحتية والعديد من المنازل، وحطمت المركز الصحي للوكالة وأضرّت بأربع من مدارسها.
75 مليون دولار
ولفتت الجبوري إن تخفيض مانحي الوكالة لمساهماتهم لهذا العام والأعوام التالية، يؤثر على خدماتنا المقدمة لملايين اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين، مشيرة إلى أنه خلال النصف الأول من 2023 لم تتمكن الوكالة من جمع نصف ميزانيتها البالغة 1.6 مليار دولار، مما يهدد استمرارية تقديم خدماتها التي يعتمد عليها اللاجئون، اعتبارًا من سبتمبر المقبل، بالإضافة إلى عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين أو فتح المدارس لأكثر من نصف مليون طالب.
وأكدت الجبوري أنه بشكل عاجل تحتاج الوكالة إلى 75 مليون دولار لضمان استمرار تقديم المساعدات الغذائية في قطاع غزة، و35 مليون دولار منها على وجه السرعة في شهر أغسطس، وتحتاج إلى 30 مليون دولار لمواصلة تقديم المساعدات النقدية إلى 600 ألف لاجئ فلسطيني من الأكثر فقرًا في لبنان وسوريا والأردن، هذا بالإضافة إلى ما تحتاجه الوكالة لتلبية المتطلبات الملحة الناجمة عن العملية المسلحة في مخيم جنين؛ لتغطية المساعدات النقدية للأسر التي تضررت منازلها ولدعم الإصلاحات الرئيسية والطفيفة لمنازلهم ولإعادة ترميم منشآت الوكالة في المخيم، ولاستمرار تقديم خدمات التعليم والرعاية الصحية الأولية، والدعم النفسي والعقلي إلى اللاجئين الفلسطينيين.
وضع خطير
فيما وصف فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا (وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى) الوضع المالي للوكالة بأنه خطير للغاية، مما يهدد الخدمات الأساسية التي تقدمها لنحو 5.9 مليون لاجئ فلسطيني على المحك.
وجاءت الأحداث التي يشهدها مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين والذي يقطنه 24 ألف شخص، لتزيد من معاناة اللاجئين في الضفة الغربية والذي شهد عنفًا شديدًا خلال العامين الماضيين، ووصل إلى مستويات قياسية عام 2023 حيث لا يوجد ماء ولا كهرباء في بعض أجزاء المخيم وتم تدمير ما يقارب الـ 8 كيلومترات من خطوط المياه و3 كيلومترات من خطوط شبكة الصرف الصحي؛ بسبب استخدام المعدات الثقيلة التي مزقت مقاطع كبيرة من الشوارع"، وفق تقرير الأونروا.
نداء إنساني
وفي هذا الصدد، أطلقت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) نداءً، للحصول على 23.8 مليون دولار من أجل تمويل استجابتها الطارئة متعددة القطاعات.
ووفق الأمم المتحدة أسفرت العملية العسكرية الإسرائيلية التي استمرت يومين عن مقتل 12 شخصًا، من بينهم أربعة أطفال، وإصابة 140 آخرين، وقد أُجبر ما لا يقل عن 3.500 لاجئ فلسطيني على الفرار من منازلهم خلال العملية العسكرية، فيما تضرر ما يقرب من ألف منزل في المخيم وقد تعرض مركز الأونروا الصحي وهو المركز الوحيد المتوفر في المخيم لأضرار بالغة، وهو الآن خارج الخدمة.
وقال آدم بولوكوس، مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية "نحن بحاجة إلى الدعم لاستعادة الخدمات الأساسية في مخيم جنين للاجئي فلسطين، ومساعدتهم على إعادة بناء حياتهم وسُبل عيشهم، مضيفًا "نحتاج إلى أموال كافية حتى نتمكن من استعادة الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية الأولية، والمعونات النقدية الطارئة والإيواء للأسر المتضررة".
وشدد المسؤول في وكالة الأونروا على ضرورة "معالجة احتياجات الصحة النفسية من خلال الدعم النفسي الاجتماعي للاجئي فلسطين والمستجيبين الأوائل".