قال رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إن بلاده تعاملت مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية وفق نهج شامل أسفر عن عدم إبحار أي مركب يحمل مهاجرين غير شرعيين من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الدكتور مصطفى مدبولي، خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر الدولي للهجرة والتنمية بالعاصمة الإيطالية روما، نيابة عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى.
وأضاف "مدبولي" أن قضايا الهجرة تحتل مرتبة متقدمة على أجندة مصر الوطنية، حيثُ تستضيف مصر أكثر من 9 ملايين مهاجر ولاجئ، بنسبة تتجاوز 8% من تعداد السكان، يستفيدون على قدم المساواة مع المصريين، من الخدمات الأساسية التي تقدمها الحكومة في مجالات التعليم والصحة، كما أن حرية الحركة والتنقل مكفولة لهم، ما أدى إلى زيادة أعداد الوافدين إلى مصر بنسبة قدرها 50% عن عام 2018، مضيفًا أن مصر استقبلت أخيرًا أيضًا ما يقرب من 40% من إجمالي الفارين من أعمال العنف في السودان.
وشدد على أن مصر لم تتوان عن تقديم الدعم وتوفير الخدمات الأساسية للوافدين على الرغم من التحديات الاقتصادية المتزايدة، ومحدودية الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي، والذي لا يتناسب مع حجم الأعباء التي تتحملها مصر.
وخلال كلمته تقدم رئيس الوزراء بالشكر إلى جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، على دعوة مصر للمشاركة في هذا المؤتمر، لافتاً إلى أن مصر وإيطاليا تجمعهما علاقات صداقة تاريخية تسعى مصر دوماً لتعزيزها في كافة المجالات.
فهم أعمق للأسباب
وذكر رئيس الحكومة المصرية أن هذا المؤتمر يمثلُ فرصة مهمة لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، والوصول لفهم أعمق لأسبابها الجذرية، واقتراح حلول للتعامل معها، معتبرًا أن الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية التي تعرض لها العالم أخيرًا أثبتت أنه لا سبيل للتغلب عليها وعلى تداعياتها دون تعزيز التعاون والتضامن الدوليين، ولافتًا إلى أن ارتفاع تدفقات الهجرة غير الشرعية يمثل أحد أكبر التداعيات التي يتطلب التعامل معها عقد شراكات مستدامة تحقق المنفعة المشتركة.
وأردف أنه بالنظر إلى وضع مصر كدولة مصدَر ومعبَر ومقصِد، فإن الدولة المصرية تتبنى نهجًا شاملًا في التعامل مع ظاهرة الهجرة بشكل عام، من خلال تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الطاردة، ورفع مستوى الوعي بمخاطر الهجرة غير الشرعية، وتوفير العمالة المدربة لسوق العمل، وخلق مسارات للهجرة النظامية، بالتوازي مع إحكام السيطرة على الحدود، ومكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار في البشر، وتطوير قانون وطني ولجنة وطنية تنسيقية لمكافحة ومنع هاتين الجريمتين ومحاسبة مرتكبيها وحماية ضحاياها، وهو ما أسفر عن عدم إبحار أي مركب يحمل مهاجرين غير شرعيين من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016.
وأكد مدبولي أن أية مقاربة للتعامل بشكل فعّال مع قضايا الهجرة يجب أن تراعي اعتبارات تبدأ بتبني نهج شامل للتعامل مع الأسباب الجذرية لظاهرة الهجرة غير الشرعية، يراعي الأبعاد الأمنية والتنموية لها، من خلال دعم جهود تحقيق الاستقرار السياسي في المناطق التي تشهد نزاعات، ودفع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز التعاون في مجال إدارة الحدود، هذا بالإضافة إلى احترام مبدأ التقاسم المنصف للأعباء والمسؤوليات لتعزيز صمود المجتمعات المستضيفة، واستحداث أدوات تمويلية جديدة قادرة على التجاوب بشكل سريع وفعّال وتوفير التمويل للدول التي تعاني من تحديات اقتصادية لضمان استدامة تقديم الخدمات فيها.
ولفت مدبولي إلى أن تلك الاعتبارات تتضمن كذلك تكثيف التنسيق في مجالات ضبط الحدود ومكافحة تهريب المهاجرين، من خلال دعم القدرات العملياتية وتوفير المعدات، وتعزيز التعاون الدولي لسد الثغرات التي تستغلها شبكات تهريب المهاجرين، فضلًا عن فتح مسارات نظامية للمهاجرين وتوفير حياة كريمة لهم وتعزيز إدماجهم في المجتمعات التي يعيشون فيها والقضاء على أية ممارسات تمييزية ضدهم والاعتراف بإسهامهم في تحقيق التنمية في دول المقصد.
وفي ختام كلمته، أشار رئيس الوزراء إلى أن اجتماع اليوم يأتي بعد وقوع أحد أسوأ حوادث غرق مهاجرين في البحر المتوسط الذي حصد حياة ما يقرب من ألفيّ مهاجر، معتبراً أن الأرواح التي تُزهَق تحتم ضرورة التحرك معا بشكل فوري وعاجل لاقتلاع ظاهرة الهجرة غير الشرعية من جذورها.