تكرر مشهد إخفاق البرلمان اللبناني، في انتخاب رئيس جديد للبلاد، التي تعاني الفراغ الرئاسي، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، في 31 أكتوبر الماضي.
وانتهت عملية الاقتراع السادسة دون التوصل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إذ حدد رئيس مجلس النواب نبيه بري، الجلسة السابعة، يوم الخميس، لإعادة التصويت على أمل النجاح في انتخاب رئيس جديد.
ومثلما حدث في الجلسات السابقة، حصدت "الورقة البيضاء" في الجلسة السادسة اليوم، أعلى الأصوات في التصويت بمجلس النواب للأسبوع الثاني على التوالي، بـ46 صوتًا.
فيما حلَّ النائب ميشال معوض في المرتبة الثانية بـ43 صوتًا، وفي المرتبة الثالثة جاء المرشح عصام خليفة بسبعة أصوات. وحصد "لبنان الجديد" تسعة من أصوات أعضاء مجلس النواب اللبناني، بينما حصل زياد بارود على ثلاثة أصوات، وصوت واحد لكل من سليمان فرنجية وميشال ضاهر، فيما أُلغي صوتان.
في 24 أكتوبر، أعلن نبيه بري، فشل المجلس في انتخاب رئيس للجمهورية للمرة الرابعة، إذ صوّت 50 نائبًا بـ"ورقة بيضاء" مقابل 39 للمرشح ميشال معوض. واختار 13 نائبًا أن يصوتوا بأوراق كتب عليها "لبنان الجديد"، فيما صوّت 10 نواب للمرشح عصام خليفة، وتم إلغاء ورقتي اقتراع.
وفي 20 أكتوبر، فشل البرلمان اللبناني في انتخاب الرئيس، إذ صوّت 55 نائبًا بـ"ورقة بيضاء" مقابل 44 لصالح معوض، فيما اختار 17 نائبًا أن يصوّتوا بورقة كتب عليها "لبنان الجديد"، وصوّت نائب واحد لصالح ميلاد بوملهب، وتم إلغاء 4 أوراق، وذلك في الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس الجمهورية بمجلس النواب اللبناني.
وعلى مدار 6 جلسات سابقة فشل مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس جديد خلفًا لميشال عون، نتيجة تمسك نواب حزب الله وحلفائه في البرلمان بالتصويت بورقة بيضاء، وعدم توحد قوى المعارضة بشكل واسع خلف ميشال معوض.
كما أن الفيتو الرئاسي الذي يشهره حزب الله ومواصفاته للرئيس الجديد، يجران البلاد إلى التعطيل، والحيلولة دون انتخاب رئيس "صنع في لبنان"، ما يدفع بيروت إلى المحور الإيراني، وفق مراقبين.
وغالبًا ما يتكرر مشهد الإخفاق في انتخاب رئيس الجمهورية، وسبق أن عقد برلمان لبنان 46 جلسة قبل انتخاب الرئيس المنتهية ولايته ميشال عون. وتعكس تلك الإخفاقات المتكررة الانقسامات العميقة بين الكتل السياسية الرئيسية في البلاد. فمن المعروف أن انتخاب الرئيس في لبنان غالبًا ما يتم بعد توافق الكتل الرئيسية على اسم مرشح في بلد تقوم سياسته الداخلية على التسويات بين القوى المختلفة.
ومع فشل البرلمان في اختيار رئيس جديد، يزداد المشهد السياسي تعقيدًا في لبنان على خلفية خلو سدة الرئاسة الأولى، في ظل الخلافات السياسية والهوة العميقة بين القوى الأساسية، الأمر الذي ينذر بطول أمد الفراغ الرئاسي في البلاد.
ويمثل الفراغ الرئاسي مرحلة جديدة في الأزمة التي تعصف بـ"لبنان الجريح" منذ انهيار نظامه المالي في عام 2019 الذي دفع بـ85% من المواطنين إلى براثن الفقر، وأصاب البنوك بحالة من الشلل، وفقدت العملة الوطنية 95% من قيمتها.
ومع عدم إبداء السياسيين لأي مرونة لحل الصراع على السلطة، تبقى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية مسألة شكلية في لبنان، والمطلوب، كما يرى المراقبون، جلوس الكتل الرئيسية كافة على طاولة الحوار، في محاولة لتقريب وجهات النظر، والتوصل إلى توافق حول شخصية الرئيس.
ويرى المراقبون أن التوصل إلى حل وسط بشأن الرئاسة، يتطلب نوع الوساطة الخارجية التي أنقذت لبنان من أزمات سابقة مماثلة، إذ أدَّت الوساطة الخارجية في عام 2008، إلى انتخاب ميشال سليمان، رئيسًا للبنان، ونزع فتيل أزمة أشعلت الصراع بين حزب الله وخصومه.