بعد 41 عامًا من حرب "فوكلاند" التي انتصرت فيها بريطانيا على الأرجنتين، انتصر الاتحاد الأوروبي دبلوماسيًا لـ"بوينس آيرس" باعتماده التسمية الأرجنتينية للمنطقة المتنازع عليها بدلًا من التسمية البريطانية.
وجزر "فوكلاند" التي تخضع للإدارة البريطانية، تسمى "مالفيناس" في اللغة الإسبانية، كانت السبب وراء حرب ضارية قصيرة الأمد قبل عقود، عندما اجتاحت الأرجنتين تلك الجزر سنة 1982.
واستطاعت بريطانيا وقتئذ أن ترجح كفتها في النزاع، فبعثت أسطولًا بحريًا تمكن من طرد الجيش الأرجنتيني، وهو ما جعل التوتر يخيم على العلاقة بين البلدين لعقود.
وفي سنة 2016، اتفق البلدان على التعاون في ملفات كالطاقة والصيد إلى جانب البحث عن رفات جنود أرجنتينيين لقوا حتفهم في المعركة، لكن ظل الخلاف قائمًا بينهما بشأن السيادة على الجزر.
لكن في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، مارس الماضى، أخبر سانتياجو كافييرو، وزير الخارجية الأرجنتيني، نظيره البريطاني جيمس كليفرلي، بأن بوينس آيريس انسحبت من الاتفاقية.
وشدد الوزير الأرجنتيني في سلسلة من التغريدات على موقع "تويتر"، على موقف بلاده المتمسك بالجزر.
لكن رد لندن كان واضحًا، فقال وزير الخارجية البريطاني، إن جزر فوكلاند بريطانية، في إشارة إلى عدم استعداد لندن للتنازل عنها.
وأضاف أن سكان الجزر يتمتعون بحق تقرير مصيرهم في المستقبل، ولذلك اختاروا أن يظلوا بمثابة منطقة تابعة لبريطانيا في إطار حكم ذاتي.
وقبل عشر سنوات، صوّت 99.8% من سكان جزر فوكلاند في استفتاء، أكدوا فيه خيارهم البقاء جزءًا من المملكة المتحدة.
وعاد التوتر حول جزر "فوكلاند" للواجهة، في الأيام الأخيرة، عندما أثار الاتحاد الأوروبي غضب بريطانيا، بعد أن رفض التراجع عن قرار يشير إلى أن الجزر باسم "جزر مالفيناس"، في معاهدة وقعت في بروكسل، هذا الأسبوع.
وتم نشر وثيقة تصف إقليم ما وراء البحار البريطاني باسم "جزر مالفيناس"، الاسم الأرجنتيني لجزر فوكلاند، بعد قمة استمرت يومين بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي "سيلاك".
ونص الإعلان على ما يلي: "فيما يتعلق بمسألة السيادة على جزر مالفيناس / جزر فوكلاند، أخذ الاتحاد الأوروبي علمًا بموقف سيلاك التاريخي انطلاقًا من أهمية الحوار واحترام القانون الدولي في الحل السلمي للنزاعات".
وطالب جيمس كليفرلي، وزير الخارجية البريطاني، تشارلز ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، "بتوضيح" موقف الكتلة لكن الطلب قوبل بالرفض.
وقال المتحدث باسم الحكومة البريطانية، إن الاتحاد الأوروبي أوضح الآن أن موقفه من جزر فوكلاند لم يتغير.
وأضاف: لكي نكون واضحين، جزر فوكلاند بريطانية، وكان هذا اختيار سكان الجزيرة أنفسهم".
وتابع: "للتذكير، في استفتاء 2013، صوت 99.8% من سكان الجزر ليكونوا جزءًا من عائلة المملكة المتحدة. إنه موقف يدعمه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وهو مُلزم لجميع أعضاء الأمم المتحدة".
وأردف المتحدث: "سنواصل الدفاع عن حق جزر فوكلاند في تقرير المصير بجميع المحافل الدولية ودعونا الاتحاد الأوروبي إلى احترام الحقوق الديمقراطية لجزر فوكلاند".
لكن أحد المصادر المطلعة في الاتحاد الأوروبي، قال: "المملكة المتحدة ليست جزءًا من الاتحاد الأوروبي. إنهم مستاؤون من استخدام كلمة مالفيناس. إذا كانوا في الاتحاد الأوروبي، فربما كانوا سيعارضون ذلك".
وأشادت "بوينس آيرس" بقرار الاتحاد الأوروبي باعتباره "انتصارًا دبلوماسيًا" يعزز مطالبتها بالجزر، التي كانت في أيدي البريطانيين بأمان منذ عام 1833 باستثناء 74 يومًا في عام 1982.
واعتبرت مصادر متعددة من الوفد الأرجنتيني في بروكسل، ما جاء في إعلان قمة بروكسل انتصارًا على بريطانيا، وقالوا إنها المرة الأولى منذ فترة طويلة التي يتحدث فيها الاتحاد الأوروبي عن "مالفيناس".