الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لماذا يواصل الغرب دعمه غير المحدود لأوكرانيا رغم الخسائر؟

  • مشاركة :
post-title
قادة دول الناتو

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

شهد العالم، دعمًا غربيًا هائلًا، لأوكرانيا، في مواجهة روسيا، عسكريًا وماديًا، وحتى استخباراتيًا، في وقت يجدد القادة الغربيون دعمهم لكييف في كل مناسبة، رغم التكلفة الاقتصادية الكبيرة للحرب، والتضخم الذي ضرب أوروبا على إثرها، ما يجعل السؤال الأبرز: لماذا يستمر الغرب في دعم كييف؟ 

ربما تعكس تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعض أسباب الغرب في استمرار دعمهم اللامحدود لأوكرانيا، التي حذر فيها من انتصار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الحرب، مؤكدًا أن فوز بوتين يجعل "الحلف أكثر ضعفًا". 

وفي تصريح سابق، قال ستولتنبرج، إن السماح لـ"بوتين"، بالفوز في الحرب، سيشجع دولًا أخرى كالصين على التمرد على الحلف والإرادة الغربية، وفي كلمة خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أكد أن الدعم الغربي لأوكرانيا ليس خيارًا. 

فما الذي يجنيه الغرب من دعم أوكرانيا ولماذا يصر على تقديم كل هذا الدعم؟ 

ربما يتصور البعض أن أوكرانيا هي المستفيدة من حلف الناتو، وأنها تعتمد عليهم بشدة، إلا أن الأمر ليس كما يبدو، فالغرب لا يدفع كل هذه التكلفة دون استفادة، وأبرزها أن أوكرانيا تدمر بشكل مطرد إمكانيات روسيا العسكرية، ما يقلل التهديد الروسي بشكل كبير، على الجناح الشرقي لحلف الناتو، ما يسمح لأمريكا أن تركز انتباهها على الصين، حسب تقرير لـ"atlanticcouncil". 

تسعى أمريكا إلى التخلص من التهديد الروسي، حتى تركز على التحدي الأكثر خطورة الذي تشكله الصين، إذ تؤدي هزيمة بوتين في أوكرانيا، إلى إبعاد روسيا عن صفوف القوى العسكرية العظمى، ما يترك موسكو في محنة إعادة البناء، قبل أن تعود لتهديد الغرب مرة أخرى، وبالتالي الغرب من خلال دعمه لأوكرانيا، سيكون قادرًا بشكل كبير على الحد من إمكانيات روسيا العسكرية، دون الالتزام بتكبد خسائر في جيوشه بشكل مباشر. 

بايدن وبوتين وزيلينسكي

وفي السياق ذاته، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس ووزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت إم جيتس مؤخرًا في صحيفة واشنطن بوست، إن الطريقة لتجنب مواجهة روسيا في المستقبل، هي مساعدة أوكرانيا، وهو ما يضفي إلحاحًا على إجراءات الناتو في هذه الفترة.

ويرى الغرب أن هزيمة أوكرانيا، تعني أن روسيا ستذهب أبعد من ذلك وستبدأ في الهجوم على دول الحلف، مثل دول البلطيق أو بولندا، وأنه لن يكون ممكنا بعد الآن تجنب وقوع إصابات كبيرة في الناتو.

واستفاد الناتو من الحرب، وتوسع في الدول الاسكندنافية، مع طلبات الانضمام الأخيرة من السويد وفنلندا، كما أن الاتحاد الأوروبي، أصبح أكثر اتحادًا بفضل الحرب، أكثر من أي وقت مضى، وكذلك حلف الناتو.

واستفاد الغرب كذلك من الحرب، في التخلص من اعتماده على النفط والغاز الروسيين، وقام بتحسين أمنه الأوروبي بشكل كبير، وسلب الكرملين قدرته على ابتزاز الغرب بصادرات الطاقة.

استفادة على الجانب الاستخباراتي

في الوقت الذي يقدم فيه الغرب معلومات استخباراتية إلى أوكرانيا، حتى تستطيع الوقوف في وجه موسكو، ترد أوكرانيا الجميل، بتزويد الغرب ودول الناتو، بمعلومات حول قدرة الجيش الروسي، وفعالية معداته، والتكيكات التي يستخدمها في الحرب، ما يوفر معلومات قيمة قد تفيد الغرب حال حدوث مواجهة مباشرة، وبفضل أوكرانيا أصبح لدى الغرب صورة أكثر مصداقية لقدرات موسكو العسكرية الحقيقية.

أيضا يقدم الاستخدام المبتكر للتقنيات الرقمية من قبل الجيش الأوكراني دروسًا لا تقدر بثمن للغرب، إذ أن نشر أوكرانيا على نطاق واسع لنظام Starlink التابع لـ Elon Musk في مواقع الخطوط الأمامية هو أمر غير مسبوق في الحروب الحديثة ويقدم رؤى نادرة لجميع دول الناتو.

وبالتالي يمكن القول إن الاستفادة لأوكرانيا والغرب متبادلة، وذات اتجاهين، إذ أنها تحقق فوائد استارتيجية لكلا الجانبين، ففي الوقت الذي تتلقى فيه كييف دعما عسكريا وماديا، يستفيد الغرب باستنزاف روسيا وتحسين الأمن جنبا إلى جنب مع امعلومات استخباراتيه مهمة، وتجربة المعدات في ساحة المعركة.