يمارس إيمانويل ماكرون، ضغوطًا سرية لتوسيع حلف شمال الأطلسي "الناتو" وتسريع انضمام أوكرانيا للناتو والاتحاد الأوروبي مع استعداد قادة "الناتو" للاجتماع، فيما يفسد سيد البيت الأبيض الجهود الفرنسية بتصريحاته حول مدى جاهزية كييف للانضمام.
حماس فرنسي
وتجلى حماس الرئيس الفرنسي تجاه التحالف من خلال إرساله الفرقاطة الفرنسية "أوفيرني" للمرة الأولى إلى بحر البلطيق في أواخر الشهر الماضي، التي رست على بُعد 190 ميلًا من مدينة بطرسبرج الروسية، وفقًا لتقرير نشرته وكالة "بلومبرج".
ويحاول الرئيس الفرنسي تغيير مواقفه السابقة من حلف شمال الأطلسي بعد أن صرّح في عام 2022 بأن "الناتو" في حالة "موت سريري"، وجدد مطالبه بإنشاء جيش أوروبي موحد، وذلك لتقليل الاعتماد على واشنطن في مجال الدفاع، وفقًا للصحيفة.
وفي مايو الماضي، صرّح ماكرون بأن الحرب الروسية في أوكرانيا "أيقظت" حلف الأطلسي من أسوأ صدمة.
ومع استعداد زعماء "الناتو" للاجتماع بالعاصمة الليتوانية فيلنيوس يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، يبذل الرئيس الفرنسي ما يظهر المزيد من الالتزام تجاه حلف شمال الأطلسي بعد عقود من التردد.
مظلة غربية
في الوقت الراهن، يبذل الرئيس الفرنسي جهوده لتوسيع "الناتو" والاتحاد الأوروبي شرقًا، من خلال تمهيد الطريق لانضمام كييف التي تخوض حربًا مع روسيا منذ عام ونصف العام، بدعم كامل من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية.
كان ماكرون تخلى الشهر الماضي عن معارضة باريس القائمة منذ فترة طويلة وتوسيع نطاق المظلة الغربية، ودعا إلى تعزيز التنسيق بين "الناتو" و"الاتحاد الأوروبي" في مجال الدفاع.
وبحسب مصادر مطلعة، يضغط ماكرون سرًا من أجل السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، عكس تحفظه بانضمام ألبانيا ومقدونيا في عام 2018.
ويتقمص ماكرون منذ وقت طويل، بحسب "بلومبرج"، دور خليفة القادة الفرنسيين الذين رفضوا تبعية تحالف "الناتو" الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، لذا يشكك العديد من المسؤولين في التحول المفاجئ الذي حدث في مواقف الرئيس الفرنسي.
ويقال إن مسؤولين أوروبيين سخروا من خططه للتوسط في مفاوضات السلام بمشاركة الصين، وأشاروا إلى محاولاته السابقة الفاشلة لإقناع بوتين بعدم اقتحام أوكرانيا.
نهج ألماني حذر
في المقابل، أفاد دبلوماسي أوروبي لم يذكر اسمه لـ"بلومبرج" بأن وقوف فرنسا إلى جانب بولندا ودول البلطيق، الأكثر تأييدًا لأوكرانيا، يساعد على سد الفراغ الذي خلّفه النهج الحذر الذي يتبعه أولاف شولتس، المستشار الألماني.
واتفق مسؤول ألماني على أن التحول المفاجئ في موقف ماكرون أدى إلى إنشاء تحالف جديد بين فرنسا ودول أوروبا الشرقية، في وقت تتصاعد فيه الخلافات بين باريس وبرلين.
يأتي ذلك تزامنًا مع تصريح جو بايدن، الرئيس الأمريكي، بأن أوكرانيا ليست جاهزة لعضوية حلف شمال الأطلسي، وأن هذا سيطلب وقتًا كبيرًا، إذ يجب الانتهاء من الحرب الروسية، بحسب شبكة "سي إن إن".
وأشار "بايدن" إلى أنه تحدث إلى نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن هذه القضية، قائلًا: "ستواصل واشنطن توفير الأسلحة لأوكرانيا، لكن يتعين علينا وضع مسار عقلاني لأوكرانيا لتكون قادرة على التأهل للانضمام إلى حلف الناتو".