أيّدت محكمة الاستئناف في باريس، الثلاثاء، قرار الحجز على أموال رياض سلامة، حاكم المصرف المركزي اللبناني، للاشتباه بأنّه حصل عليها بطرق غير مشروعة، حسبما أفادت مصادر مطّلعة على القضية لوكالة فرانس برس.
وأوضحت المصادر أنّ غرفة التحقيق في المحكمة أصدرت قرارًا أكّدت فيه قانونية عمليات الحجز التي تمّت على أصول عقارية ومصرفية يملكها في فرنسا وأنحاء أخرى من أوروبا، رياض سلامة الذي يدير مصرف لبنان منذ 1993.
وصدر الحكم بناء على مراجعة قدّمها وكلاء الدفاع عن سلامة أمام محكمة الاستئناف للطعن بعمليات حجز قامت بها فرنسا على أصول وممتلكات لموكّلهم تقدّر قيمتها بعشرات الملايين من اليورو، وتشمل شققًا في مناطق راقية من العاصمة كالدائرة الـ16 وجادة الشانزيليزيه، وأخرى في بريطانيا وبلجيكا، وحسابات مصرفية.
ويُشتبه بأنّ "سلامة" -72 عامًا- استحصل على هذه الأملاك والأصول بواسطة عمليات مالية معقّدة واختلاس مبالغ كبيرة من الأموال العامّة في لبنان، إذ يتولى حاكمية المصرف المركزي منذ ثلاثة عقود، وتربطه علاقة وثيقة بالطبقة السياسية، وهذه القضية مدار تحقيقات في دول أوروبية عديدة، بالإضافة إلى تحقيقات في لبنان نفسه.
وسارع إلى التعليق على حكم محكمة الاستئناف، المحاميان وليام بوردون وفينسان برينغارث، ممثلا منظمة "شيربا" غير الحكومية لمكافحة الجريمة المالية، و"تجمّع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان"، التي أسّسها مودعون في المصارف اللبنانية تضرّروا من تبعات الأزمة المالية التي يشهدها لبنان منذ 2019.
وقال المحاميان في بيان إنّ هذا الحكم "يفتّت أكثر فأكثر" حجج وكلاء الدفاع عن سلامة و"يثبّت" الاتهامات الموجّهة إليه، وأضاف البيان أنّ هذا الحكم "يمثّل تقدّماً أكيداً" في المسار القضائي الجاري ضدّ حاكم المركزي اللبناني.
وبحسب مصادر مطّلعة على الملف، فقد طلبت النيابة العامة تأكيد عمليات الحجز هذه لأنّها تخشى في حال رُفع الحجز أن تُحرم فرنسا من "أيّ مجال للمصادرة"، في حال دان القضاء "سلامة" يومًا ما.
وأوضح أحد المعنيين بالملفّ أنّ المصادرة هي "عصب" المواجهة مع سلامة، بينما رأى مصدر آخر أن "استهداف رصيد" سلامة من الممتلكات والأصول يعدّ "الخطوة الأساسية الملموسة الممكنة في هذا الملف" في ظل رفض لبنان تسليم مواطنيه المطلوبين للعدالة من دول أجنبية ويطلب محاكمتهم على أراضيه.
وسلامة الذي تنتهي ولايته، نهاية يوليو الحالي، ينفي الاتّهامات الموجّهة إليه، ويعتبر أنّ ملاحقته تأتي في سياق حملة سياسية وإعلامية "لتشويه" صورته.
وفي 16 مايو، أصدرت القاضية الفرنسية المكلفة التحقيق في أموال وممتلكات سلامة في أوروبا، مذكرة توقيف دولية في حقّه، بعد تغيّبه عن جلسة استجواب دعته إليها في باريس.
وقال مصدر قضائي لبناني في حينه، إن السلطات فشلت في إخطار سلامة بالاستدعاء رغم محاولة قوات الأمن أربع مرات تسليمه الإخطار في مقر المصرف.
وأعلنت فرنسا والمانيا ولوكسمبورغ، أواخر مارس 2022 تجميد 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية، إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه رجا سلامة.
ويتعلّق التحقيق بقضايا غسل أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان، بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021".