منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، العام الماضي، تمت زراعة الكثير من الألغام الأرضية في مختلف أنحاء البلاد، الأمر الذي يشكل تهديدًا مميتًا للمدنيين قد يستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب.
وأصبحت أوكرانيا الدولة الـ72 الموبوءة بالألغام، إذ تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 100 مليون لغم مزروع في جميع أنحاء العالم.
ويشير أحد التقديرات إلى أن أكثر من 40% من مساحة أوكرانيا مفخخة بالألغام، ويُعتقد أنها أصبحت الآن أكثر الدول المُلغّمة في العالم.
وذكر تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن القوات الأوكرانية استخدمت ألغامًا أرضية محظورة مضادة للأفراد، ما يشكل خطرًا على المدنيين، فيما أكد التقرير أن روسيا استخدمت 13 نوعًا مختلفًا من تلك الألغام.
وحسب خبراء، زرعت أوكرانيا آلاف الألغام المضادة للأفراد والمركبات في أراضيها خاصة حول مدينة إزيوم، فيما حولت موسكو الأراضي الأوكرانية إلى بحور من الألغام، وخاصة جبهات خيرسون وزابوريجيا وباخموت.
قالت كاترينا تمبلتون، من المجموعة الاستشارية للألغام، إنه "تم نشر مجموعة واسعة من الألغام في أوكرانيا، بما في ذلك بعض الألغام التي لم يسبق رؤيتها في القتال من قبل.. هناك ألغام مضادة للدبابات، وألغام مضادة للأفراد، وشراك مفخخة، بالإضافة إلى الذخائر غير المنفجرة، والذخائر العنقودية".
أنواع الألغام
وفي الحروب، تستخدم ألغام مضادة للأفراد وأخرى مضادة للدروع، إضافة إلى العبوات الناسفة، كما تضم عدة طُرُز وأنواع، بينها:
• ألغام انفجارية ذات تأثير تدميري.
• متشظية تعتمد في تأثيرها على تأثير الشظايا الناتجة من اللغم.
• كيماوية وتنتج غازات محرمة دوليًا.
• أرضية غالبًا ما تكون بحجم راحة اليد وتنشر بمساحات كبيرة.
• بحرية وتُزرع بالسواحل وقد تثبَّت على أرضية جسم الماء فيطفو بعضها ما يجعلها خطرة على السفن.
والألغام التي تم نشرها في الأراضي الأوكرانية، هي:
• "بي. إف. إم-1 إس" المضادة للأفراد، شديدة الانفجار، وتعرف أيضا باسم "الببغاء الأخضر" أو "الفراشة" ونشرتها أوكرانيا عن طريق صواريخ أوراجان حول مدينة إزيوم.
• "ليبيستوك" المضادة للأفراد، ونشرتها كييف عن طريق نفس الصاروخ الذي يحمل نحو 312 منها وينشرها بشكل عشوائي.
• "تي إم 57 " الروسية.
• "بي تي كي إم- 1 آر"، المضادة للدبابات، ونشرتها روسيا، وتخترق الدروع بسمك 70 مللي، وتصيب الدبابات من مسافة كبيرة ووزنها 20 كيلوجرامًا.
• الألغام المزودة بأجهزة استشعار "بوم-3"، ونشرتها روسيا قرب مدينة خاركيف، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
• "ألغام الفراشة" ويستخدمها الطرفان، وأثارت جدلًا، وزرعتها روسيا على خطوطها الدفاعية في دونباس، وفقًا لوزارة الدفاع البريطانية.
كيف يتم نشر الألغام؟
• "لغم الفراشة" يتم إسقاطه بحاويات من المروحيات،
• بقذائف الهاون والطائرات، إذ تنزلق الألغام دون أن تنفجر.
• الجيش الروسي يستخدم آلية زراعة الألغام "جي إم زد-3" التي تقوم بتثبيتها على سطح الأرض دون تمويه أو في باطنها بالتمويه.
• موسكو تستخدم تقنية زراعة الألغام عن بُعد، للتشكيل السريع لحقول الألغام في المناطق الخطرة وبينها المعدة "زيمليديلييه".
• بالنسبة للألغام البحرية تقوم سفن تسمى "زارعات الألغام" بإلقائها، بالإضافة إلى الطائرات والغواصات ومنها أيضًا ذاتية الدفع تنطلق من غواصة، وتتحرك لأميال قليلة، وتستقر في قاع المياه.
خطر يمتد لعقود
وخلفت الحرب في أوكرانيا، وهي الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، كميات هائلة من الألغام والذخائر غير المنفجرة عبر مساحات شاسعة من البلاد.
وعقب تفجير سد كاخوفكا في مطلع يونيو الماضي، حذر الصليب الأحمر الدولي من الألغام التي جرفتها المياه، مؤكدًا أنها "تشكل خطرا لعقود".
وجرفت المياه عددًا لا يُحصى من الألغام الأرضية التي زُرعت خلال الحرب ولا أحد يعرف الآن مكانها، فربما عالقة في طين النهر أو في حقول وحدائق وطرق على مساحة شاسعة، وفقًا لوكالة "رويترز".
كما أعلنت الأمم المتحدة أن نزع الألغام في أوكرانيا سيحتاج إلى عملية أشبه بإزالة المتفجرات في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وستتطلب المهمة مبلغًا يصل إلى 300 مليون دولار سنويًا على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، بحسب بول هيسلوب، المسؤول عن أعمال الألغام لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وذكرت المجموعة الاستشارية للألغام، أنه في السنوات الست بين 2014 و2020 كانت هناك 1190 وفاة مرتبطة بانفجارات الألغام في أوكرانيا.
أما في الفترة ما بين 24 فبراير 2022 و10 يناير 2023 فقط، فكانت هناك 611 وفاة على الأقل مرتبطة بهذه الألغام.
وبالإضافة إلى التسبب المباشر في الإصابة والوفاة، يمكن للألغام أن تؤثر سلبًا على الأراضي الزراعية، وتجعلها غير صالحة لسنوات.
وأفادت العديد من التقارير بأن الإنتاج الزراعي في أوكرانيا تضرر كثيرًا بالفعل بسبب استخدام الألغام الأرضية في الحقول وعلى الطرق الريفية.
وتستغرق عملية تنظيف الأراضي الزراعية من هذه الألغام عدة سنوات، وفقًا للخبراء. ولفتت المجموعة الاستشارية للألغام إلى أنها أرسلت فريقًا من خبرائها لأوكرانيا لتدريب القوات على كيفية تنظيف المناطق الملغومة، تفاديًا للمخاطر الكارثية الناتجة عنها التي قد تستمر لسنوات طويلة.