دخلت موجة العنف في فرنسا ليلتها الخامسة من أعمال الشغب، وسط تعزيزات شرطية في عدد كبير من المدن لمحاولة السيطرة على الاضطرابات التي اجتاحت البلاد منذ مقتل الصبي "نائل" يوم الثلاثاء الماضي برصاص قوات الشرطة خلال تدقيق مروري.
وبحسب ما أشارت قناة "بي إف إم تي في" الفرنسية، حاولت مجموعات من الأشخاص نهب المحلات التجارية بأحد شوارع التسوق الرئيسية في مرسيليا، حيث تم اعتقال 38 شخصًا، قبل وقوع اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومثيري الشغب.
في ذات السياق أجل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، زيارة إلى ألمانيا كان من المُقرر أن تبدأ يوم الأحد؛ لأنه يريد البقاء في البلاد مع استمرار الاحتجاجات، التي تُعد الأسوأ لإدارته منذ احتجاجات "السترات الصفراء" التي شلت معظم أنحاء فرنسا في أواخر 2018.
شغب ليلي
أما وزير الداخلية جيرالد دارمانان، فقرر نشر نحو 45 ألف شرطي إضافي بالشوارع خلال ليلة السبت، مع نشر عدة تعزيزات إضافية إلى مدنيتي ليون ومارسيليا.
وأكدت وزارة الداخلية الفرنسية اعتقال 56 شخصًا في مارسيليا و80 اعتقالًا في باريس، و21 شخصًا في مدينة ليون خلال أعمال الفوضى والشغب التي اندلعت مساء السبت.
وقامت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع ضد مثيري الشغب في شوارع مارسيليا الرئيسية مع غروب شمس يوم السبت، وأظهرت مقاطع الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي وقوع أعمال عنف ونهب ومعارك شوارع بين الشرطة ومجموعات من المشاغبين خلال المساء.
استهداف الشانزليزيه
وفي باريس، زادت الشرطة من تأمين شارع الشانزليزيه الشهير في المدينة بعد دعوة على وسائل التواصل الاجتماعي للتجمع هناك.
وكان الشارع، الذي عادة ما يكون مزدحمًا بالسياح، قد امتلأ بقوات الأمن الذين ينفذون دوريات تفتيش وتأمين، إذ تمت تغطية واجهات المتاجر لمنع الأضرار والنهب المُحتمل.
وقال وزير المالية، برونو لومير، إن أكثر من 700 متجر ومطعم وفرع بنك تم "نهبها وأحيانًا حرقها حتى الأرض منذ الثلاثاء".
حظر للتظاهر
وأعلنت السُلطات المحلية في جميع أنحاء البلاد حظرًا على التظاهرات، وأمرت بوقف وسائل النقل العام في المساء.
وقد أدى إطلاق الشرطة النار على المراهق نائل، الذي تم تصويره في فيديو، إلى إعادة إشعال فوضى طويلة الأمد في البلاد.
أحداث 2005 تلوح في الأفق
وعلى صعيد آخر، قال وزير العدل، إريك دوبونت-موريتي، إن 30% من الموقوفين كانوا دون سن الثامنة عشرة، وقد أعادت الاضطرابات إلى الأذهان احتجاجات عام 2005 التي دفعت الرئيس آنذاك، جاك شيراك، إلى إعلان حالة الطوارئ، بعد وفاة شابين صغيرين صعقا بمحطة تحويل كهربائية أثناء اختبائهما من الشرطة.
وألغيت العديد من الفعاليات الثقافية والرياضية، بما في ذلك حفلات موسيقية في "استاد دو فرانس" في ضواحي باريس، فيما ألغت دار الأزياء الفرنسية "سيلين" عرض الأزياء الرجالي الخاص بها في عام 2024.
وقال المنظمون لسباق دراجات فرنسا إنهم مستعدون للتكيف مع أي موقف عندما يدخل السباق البلاد يوم الاثنين من إسبانيا.
عنف وسائل التواصل الاجتماعي
ودعا وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، شركات وسائل التواصل الاجتماعي لإزالة المواد المحفزة للعنف، والتقى مع مسؤولين من شركات "ميتا وتويتر وسناب شات وتيك توك"، وقالت شركة سناب شات إنها لا تسامح مع المحتوى الذي يروج للعنف.
وأعلنت الشرطة الفرنسية إن ضباطها تعرضوا "لكمين" من قبل مثيري الشغب، إذ أُصيب أكثر من 200 شرطي بجروح منذ انطلاق الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد يوم الثلاثاء.
وقامت الشرطة باعتقال 1311 شخصًا خلال الليل من الجمعة إلى السبت، لكنها زعمت أن العنف كان "أقل حدة" مع عدد أقل من السيارات والمباني التي أضرمت فيها النيران، مُقارنة بالليالي السابقة.