تحديات كبيرة تواجه الحكومة الفرنسية جرّاء المظاهرات التي اندلعت في أنحاء البلاد، بسبب مقتل قاصر على يد رجل شرطة في إحدى ضواحي باريس، وعكست هذه المظاهرات غضبًا عارمًا واحتجاجًات قوية ضد العنف الذي يمارسه بعض أفراد الشرطة، كما تجسد التوترات والتباينات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الفرنسي.
وتتطلب هذه التحديات من الحكومة مواجهة التساؤلات حول سلوك قوات الأمن والتدابير الأمنية التي تتخذها، فالمطالبات بتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ستكون على رأس أولويات المحتجين، وينظر إليها على أنها ضرورة لضمان نظام قضائي يعمل بشفافية ومصداقية.
نشر 40 ألف شرطي
أعلنت الحكومة الفرنسية، اليوم الخميس، نشر 40 ألف شرطي في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك 5 آلاف في باريس وضواحيها القريبة، ردًا على الاضطرابات عقب مقتل شاب برصاص الشرطة، الثلاثاء الماضي.
زيادة الترتيبات الأمنية
وقال جيرالد دارمانان، وزير الداخلية الفرنسي، إن تواجد القوات الأمنية سيتضاعف 4 مرات مقارنة بالأيام السابقة مع تصاعد وتيرة أعمال الشغب والتخريب، وانتشارها إلى عدة مدن فرنسية أخرى، فيما وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاشتباكات التي وقعت بأنها "غير مبررة" بعد إشعال النيران في سيارات وتعرضت الشرطة لهجوم بالألعاب النارية.
وصباح اليوم الخميس، أطلقت الشرطة الفرنسية، الغاز المسيل للدموع على متظاهرين كانوا يشاركون في مسيرة بضواحي باريس، تكريمًا لذكرى الشاب "نائل"، وبدأ عدد من المتظاهرين برشق الشرطة أمام المبنى الرئيسي للإدارة المحلية في نانتير، قبل أن تبادر قوات الأمن لتفريقهم بالغاز المسيل للدموع، وشارك في هذه المظاهرة نحو 6 آلاف و200 شخص، بحسب ما أشار مصدر في الشرطة لوكالة "فرانس برس".
هجمات غير مبررة
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اجتماع مع الوزراء بمقر وزارة الداخلية، اليوم الخميس، إن الساعات الماضية امتلأت بمشاهد عنف ضد أقسام الشرطة والمدارس والبلديات، واستهداف المؤسسات والجمهوريات، مضيفًا أن هذه الهجمات "غير مبررة".
أعمال شغب وإحراق
وقالت الشرطة إن مجموعة من الأشخاص أشعلت النار في حافلة بعد إنزال جميع ركابها، في ضاحية إيسون جنوبي العاصمة، وفي مدينة تولوز الجنوبية، أُضرمت النيران في عدة سيارات وألقيت قنابل حارقة على رجال الشرطة ورجال الإطفاء وتصاعد الدخان في السماء، فيما أعلنت الشرطة قبل منتصف الليل بقليل أنها اعتقلت نحو 16 شخصًا في جميع أنحاء البلاد.
موجة من الانتقادات
أثار مقتل "نائل" موجة من الانتقادات من شرائح اجتماعية مختلفة، في حين وقف النواب والوزراء دقيقة صمت في الجمعية الوطنية تحية لروحه، فيما قال أوليفييه فيران، المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، إن ماكرون عبّر عن "تأثره" بسبب وفاة الصبي، ودعا الجميع إلى "الهدوء".
وتحاول الحكومة الفرنسية عادة تجنب أعمال الشغب في ضواحي باريس، التي تتسبب في وفاة مراهقين بالسنوات الأخيرة، غالبًا من عائلات مهاجرة من المغرب العربي أو إفريقيا.
مقتل "نائل"
وقعت حادثة مقتل الصبي، صباح أمس الأول الثلاثاء، خلف حي لا ديفانس، قرب باريس، حين لم يمتثل لأمر التوقف في نقطة تفتيش وحاول تجاوزها، وقال مصدر في الشرطة إن الشاب قاد سيارته في البداية باتجاه ضابطي شرطة على دراجتين ناريتين وحاول دهسهما، بحسب وسائل إعلام فرنسية، إلا إن مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدته وكالة الأنباء الفرنسية، أظهر ضابطي شرطة يحاولان إيقاف السيارة، وأطلق أحدهما النار على السائق عبر النافذة في أثناء محاولته الخروج من السيارة، وسُمِعَ صوت شخص يقول "ستتلقى رصاصة في الرأس"، ثم اصطدمت السيارة لاحقًا بجدار جانبي.