أثناء زيارة وفد إفريقي للوساطة بين موسكو وكييف أمس الجمعة، شنت روسيا هجومًا صاروخيًا مُكثفًا على العاصمة الأوكرانية، وصفته الأخيرة بأنه الأعنف منذ أسابيع، في حين أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصريحات جديدة بشأن الصراع، يتوعد فيها الغرب في حال تزويد كييف بأي مقاتلات من طراز إف-16.
قصف خلال الزيارة
أطلقت القوات الروسية في وقت واحد ستة صواريخ من طراز "كينجال" وستة صواريخ من طراز "كاليبر" ومسيرتين، في الوقت الذي يزور فيه أعضاء المبادرة الإفريقية لحل الأزمة كييف، بحسب سلاح الجو الأوكراني، الذي زعم أنه رد بالمثل، مُؤكدًا أن العاصمة كانت هدفًا للهجوم الصاروخي الروسي، فيما أشارت السُلطات الأوكرانية إلى أن منزلًا داخل حدود العاصمة تضرر جراء القصف.
يُشار إلى أن الأسلحة الباليستية الروسية "فوق الصوتية"، التي كشف عنها الرئيس فلاديمير بوتين في مارس 2018، ووصفها بـ"السلاح المثالي"، من بينها صواريخ "كينجال" التي تعني "خنجرًا" باللغة الروسية، وكانت موسكو قد استعملتها أول مرة خلال صراعها مع أوكرانيا.
قالت ناتاليا هومينيوك، المُتحدثة باسم قيادة العمليات الجنوبية الأوكرانية، إن الجيش الروسي بدأ في العودة إلى المناطق التي غمرتها المياه عقب قصف سد "كاخوفكا" في خيرسون بجنوب البلاد، وقصف عدة بلدات، ما نتج عنه سقوط قتلى وجرحى.
وادعت القوات الخاصة للجيش الأوكراني أنها أسرت 5 جنود روس من الضفة اليسرى لنهر دنيبرو في خيرسون، بعد إنقاذهم من الغرق جراء قصف سد كاخوفكا، مُشيرة إلى أن الجيش الروسي قام بقصف الزورق الذي كان يقل رجاله، أثناء تنفيذ العملية، وأكد الجيش الأوكراني ضم الأسرى الروس إلى قوائم صفقات التبادل المحتملة المقبلة.
وفد إفريقيا من أجل السلام
في محاولة للتوسط في اتفاق سلام، وصل وفد إفريقي إلى أوكرانيا، في نفس الوقت الذي قصفت فيه روسيا كييف، ويتوجه اليوم السبت إلى روسيا للغرض نفسه.
سافر الوفد الإفريقي إلى منطقة بوتشا، القريبة من العاصمة، مع المسؤولين الأوكرانيين، وتتهم كييف القوات الروسية بارتكاب مجزرة هناك العام الماضي.
الوثيقة التي سيعطيها الرؤساء الأفارقة للرئيسين الروسي والأوكراني، بحسب "رويترز"، تحتوي على عدد من الإجراءات، من بينها انسحاب القوات الروسية، وإزالة الأسلحة النووية التكتيكية من بيلاروسيا، وتعليق مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية ضد الرئيس الروسي، وتهيئة الظروف لوقف إطلاق النار.
لا محادثات قبل "تجميد الحرب"
صرح سيريل رامافوزا، رئيس جنوب إفريقيا، من كييف بأنه على الرغم من إطلاق الصواريخ، مازال الوفد يطالب بأن يتم الاستماع إلى كييف وموسكو من أجل وضع حدٍ للتصعيد، إذ شدد الرئيس الجنوب الإفريقي ونظيره الأوكراني في كلمتهما لوسائل الإعلام على أن "التصعيد يجب أن يتوقف من الجانبين".
وأضاف الرئيس الأوكراني أن أي محادثات مع روسيا في هذا الوقت لن تحدث قبل "تجميد الحرب"، مُضيفًا أن كييف تطالب بسلام حقيقي وانسحاب روسي حقيقي من أراضيها.
موسكو مُستعدة للمُباحثات
من جهتها، جددت موسكو استعدادها للمباحثات حول حلول محتملة للأزمة، مُؤكدة أن مقترحات الوفد الإفريقي ستبُحث خلال لقاء بوتين مع الزعماء الأفارقة اليوم السبت.
في ذات السياق أشار الكرملين، إلى أن بوتين مُستعد دائمًا لإجراء محادثات لمناقشة الحلول المحتملة للأزمة.
في حين أوضح الكرملين أن هناك طرقًا عديدة لمعالجة الأزمة الأوكرانية، وأن بوتين يؤيد جميع المقترحات لحل النزاع، مُؤكدًا أن روسيا لا تعاني من العزلة الاقتصادية، مشيرًا إلى أنه عند إغلاق بعض الاتجاهات، يتم فتح اتجاهات أخرى.
وعلق دميترو كوليبا، وزير خارجية أوكرانيا، ساخرًا على الموقف الروسي، بالادعاء أن بوتين يعزز الثقة بمهاجمة كييف بالصواريخ، لا سيما في ظل زيارة القادة الأفارقة للعاصمة الأوكرانية.
وتابع "كوليبا" أن موسكو من خلال القيام بذلك تخبر الأفارقة أنها تريد الحرب وليس السلام.
عالم مُتعدد الأقطاب
في تصريحات جديدة له، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من جديد على زوال "النظام الدولي الاستعماري الجديد" وتعزيز "عالم مُتعدد الأقطاب" مكانه.
وأشاد الزعيم الروسي في كلمة ألقاها بالمنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبرج، بتطور العلاقات بين موسكو ودول خارج أوروبا وأمريكا الشمالية خلال الجلسة العامة الافتتاحية للمنتدى، مؤكدًا أن "قادة العالم الاقتصاديين يتغيرون".
الاقتصاد الروسي صامد
وتابع بوتين "نحن نطور علاقات جيدة مع الصين والهند ودول أخرى، وأمريكا اللاتينية، كذلك إفريقيا وماليزيا، في حين أن ثمة مشاكل كثيرة فيها لكنها كلها تشهد منحى تصاعديًا".
ورأى بوتين الذي عادة ما يستغل فرصة هذا المنتدى السنوي لعرض حصيلة السنة المنصرمة ورسم التوجهات المستقبلية، أن الاقتصاد الروسي صمد في وجه العقوبات الغربية الهائلة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
وصمة عار
أما فيما يتعلق بالتطورات التكتيكية في النزاع الأوكراني، صرح بوتين بأن الهجوم المضاد للقوات الأوكرانية "ليس له فرصة" للنجاح، مؤكدًا أن "القوات الأوكرانية ليس لديها فرصة هناك، ولا في مناطق أخرى".
وفيما يتعلق بهدف نزع سلاح أوكرانيا، صرح بوتين بأن "كييف لم يبق لديها أسلحة منتجة محليًا، وكل ما تستخدمه يأتي من الخارج".
وفي انتقاده لنظيره الأوكراني وصف بوتين، زيلينسكي بأنه "وصمة عار على الشعب اليهودي".
مقاتلات إف-16 ستحترق
وفي ترجمة عملية لما كان سبق وأعلنته موسكو في مارس الماضي، أكد بوتين أن بلاده نقلت مجموعة أولى من الأسلحة النووية إلى بيلاروسيا، محذرًا من أن مقاتلات "إف-16" التي سيرسلها حلفاء أوكرانيا لكييف "ستحترق"، ردًا على إعطاء واشنطن الشهر الماضي الضوء الأخضر لتسليم هذه المقاتلات لأوكرانيا.
وأكد بوتين أن هناك خطرًا كبيرًا من أن يصبح الناتو أكثر انخراطًا في الصراع إذا كانت الطائرات التي سيتم تسليمها إلى كييف تتمركز "في قواعد خارج أوكرانيا"، مضيفًا أن "هناك خطرًا كبيرًا على الناتو من الانجرار أكثر إلى الصراع".
دعم الناتو لأوكرانيا
في غضون ذلك، قال الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرج، إنه في غضون اجتماع القمة المقبل يتوقع إحراز تقدم "نحو إنشاء مجلس مشترك بين الناتو وأوكرانيا"، مؤكدًا على "أهمية مواصلة الدعم، وأنا أرحب بالتعهدات بزيادة التسلح وتوفير الطائرات".
في ذات السياق نقلت "رويترز" عن وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، قوله إن برلين ستزود أوكرانيا بـ64 صاروخ باتريوت إضافية.
ردًا على ذلك، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة ستمنح أوكرانيا 205 ملايين دولار كمساعدات إنسانية إضافية.
كما أكد وزراء دفاع الناتو لأوكرانيا على زيادة المساعدة العسكرية، مُشيرين إلى الحاجة إلى مراجعة استراتيجيات الدفاع الأوروبية، في ختام اجتماعهم أمس الجمعة ببروكسل.