أثبتت حرب "أكتوبر 1973" أنَّ نظرية الأمن الإسرائيلية "فاشلة"، عندما حطّم الجندي المصري أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، وعبر خط بارليف واسترد أرض سيناء، كما هزمت الحرب العديد من العقائد والنظريات، ودفعت خبراءً ومتخصصين لإعادة حساباتهم مرة أخرى، وسجلها التاريخ في أروع صفحاته ودرّستها الكليات العسكرية بالعالم كافةً.
نظرية وهمية وفاشلة
قال الدكتور مفيد شهاب، وزير المجالس النيابية الأسبق، إنَّ المسيرة التي قادتها مصر منذ حرب أكتوبر 1973 مرورًا بمفاوضات السلام والجهد السياسي لإقرار حقها في استرداد أراضيها كافةً، انتهاءً بمعركة تحرير "طابا" عن طريق التحكيم الدولي في 1988، أثبتت فشل نظرية الأمن الإسرائيلي.
وفي حديثه لـ"القاهرة الإخبارية"، يرى أنَّ إسرائيل توهمت بأنها حققت نصرًا عام 1967 في الوقت الذي لم تحارب فيه القوات المصرية، وهذا لم يؤثر على معنويات القوات المسلحة المصرية، بل لقنت إسرائيل درسًا، وأثبتت أن نظرية أمنها "خادعة" رغم بنائها أكبر ساتر ترابي في العالم (بارليف)، وتمكنت مصر خلال 6 سنوات من 67 حتى 73 استنزاف إسرائيل وتنفيذ عمليات كانت مصدرًا للقلق.
حرب الاستنزاف التي قادتها مصر، بحسب "شهاب"، هي نقطة البداية؛ لتؤكد أنَّ الدولة المصرية مُصرةً على نصر عسكري قوي، الذي جرى بأساليب ذكية، وأثبتت فيه القوات المصرية أن كل ما كانت تعتقده إسرائيل بأنه لا يُمكن هزيمتها "وهم"، خصوصًا بعد تدمير خط بارليف، كما أثبتت أن إرادة التحرير والاستعداد والتسليح الجديد أقوى بكثير من أي نظريات.
وذكر أنَّ نصر أكتوبر هو الأساس لما تحقق فيما بعد، وجعل إسرائيل تقبل بل تسعى إلى الدخول في تفاوض؛ لأنها آمنت بأن الشعب المصري لن يقبل أن تبقى أرضه مُحتلة، ومن ثم بدأت عملية تفاوض طويلة في كامب ديفيد، انتهت بتوقيع اتفاقية السلام، أصرت فيها مصر على تأكيد مبدأ تحرير كل الأراضي التي احتلت بعد 4 يونيو، ورفض أن تبقى أي مستوطنات إسرائيلية فيها، فكانت اتفاقية السلام معركة سياسية أكدت حق مصر في استرداد أراضيها كافةً.
كسر نظرية الأمن الإسرائيلي
من جانبه، قال الكاتب الصحفي، محمد مصطفى أبو شامة، المتخصص في الشؤون العربية، إنَّ التوجيه الاستراتيجي الذي كُلف به الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل بصياغته في حرب أكتوبر، كان الباعث الرئيسي عليه هو كسر نظرية الأمن الإسرائيلي، وتكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة وإقناعه أن الحرب ليست السبيل لتحقيق الأهداف السياسية.
ولفت "أبوشامة" في حديثه لـ"القاهرة الإخبارية"، إلى أنَّ العقيدة المصرية الأساسية مبنية على السلام وعدم اللجوء إلى الحروب، إلَّا في حالة الدفاع عن أراضيها، وفي 1973 لم يكن الانتصار عسكريًا فقط بل كان سياسيًا وإعلاميًا، وذكر أنَّ الرئيس الراحل السادات، أشار في خطاب النصر إلى أن مصر عبرت من الهزيمة إلى النصر، ومرحلة جديدة من تاريخها أثبتت فيها قدرات الجندي المصري، وجعلها تنجح ليس فقط في كسر نظرية الأمن الإسرائيلي بل تضع نظريات جديدة في العسكرية والسياسة المصرية.
وأكد أنه من المهم جدًا تأصيل كل الأفكار عبر أكل أجهزة الإعلام المُختلفة، وعدم تركها لآلات إعلامية أخرى تحاول أن تصدر للشباب المصري عكس ذلك أو تزيل انتصارات مهمة من تاريخنا.