تزامنًا مع الذكرى السنوية لانتخابات مهّدت لإنهاء النظام الشيوعي في بولندا، وقُبيل موعد الانتخابات البرلمانية المُقررة هذا الخريف، خرجت أمس الأحد، تظاهرات حاشدة مُناهضة للحكومة، حظيت بدعم جميع أحزاب المعارضة الرئيسية، وكان لقانون مُستحدث يتعلق بالنفوذ الروسي دور في بلوغ هذا الاحتقان السياسي.
نصف مليون من وارسو
ورصدت وسائل إعلام بولندية، خروج مئات الآلاف أمس الأحد، في مسيرات احتجاجية ضد حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا، في حراك يُنظر له على أنه الأكبر منذ الاحتجاجات الجماهيرية التي شهدتها البلاد ضد فرض حظر شبه كامل على الإجهاض في عام 2020.
العاصمة وارسو شهدت وحدها، خروج نحو نصف مليون محتج، وفقًا لتقدير مجلس المدينة، إذ لوح المشاركون بالأعلام الوطنية وأخرى للاتحاد الأوروبي، ولافتات حمّلت حزب القانون والعدالة مسؤولية زيادة التضخم واتهموه بالمحاباة والفساد وتدمير الديمقراطية، بحسب ما رصدت صحيفة "نوتس فروم بولند " البولندية.
من أجل بولندا الحرة
معتليًا منصة نصبت في وارسو، أحاط بها حشود من المتظاهرين، قال دونالد تاسك، زعيم المنصة المدنية، أكبر حزب معارض في البلاد، معلقًا على مشاركة الحشد الضخم، بأن "هذا هو الزمان والمكان المناسبان تمامًا لبولندا" لتكون حرة.
أضاف: "نحن هنا اليوم حتى يتمكن كل من بولندا وأوروبا والعالم بأسره من رؤية مدى قوتنا، وكم منا مُستعد للقتال مرة أخرى من أجل الديمقراطية وبولندا الحرة".
روسيا القشة
ومثّل قانون يتعلق بالنفوذ الروسي في البلاد أقرته الحكومة أخيرًا، دافعًا لمجموعات أخرى من المعارضة لتستجيب لدعوة "تاسك"، بعد أن اعتبرته القشة التي قصمت ظهر البعير وفق تعبيرها.
وأعلنت مجموعات من المعارضة، يوم الثلاثاء الماضي، انضمامها إلى المسيرة، وأوضحت أن السبب وراء موقفها هو القانون الذي تم إقراره أخيرًا بإنشاء لجنة يُمكنها منع الأفراد من تولي المناصب العامة، والتي تقول إنه سيستخدم ضدهم من قبل حزب القانون والعدالة الحاكم، على حد قولها.
كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد أعربا عن قلقهما بشأن اللجنة البولندية الجديدة للتحقيق في النفوذ الروسي، والتي يُمكن أن تحظر الأفراد من المناصب العامة.
وقالت واشنطن في بيان مُقتضب إن القرار يُمكن "إساءة استخدامه للتدخل في الانتخابات" من خلال "منع ترشيح السياسيين المعارضين".
مسيرة كراهية
من جانبه، أدان الحزب الحاكم خروج التظاهرات بإيعاز من المعارضة، ووصف الأمر بأنه "مسيرة كراهية".
وبينما انطلقت المسيرة أمس، حذّر المُتحدث باسم الحكومة، بيوتر مولر، في تغريدة على تويتر من أن "تاسك ووايسا" المعارضين "يحاولان الإطاحة بالحكومة التي قطعت سياسة إعادة ضبط العلاقات مع روسيا".
وانتقد حزب القانون والعدالة الدعوة للتظاهر، واتهم في فيديو نشر السبت، المعارضة بالنفاق، مُشيرًا إلى حوادث سابقة تتعلق بوحشية الشرطة والاعتداء على وسائل الإعلام، عندما كانت الائتلافات المعارضة المشاركة في التظاهرات في السُلطة، وكان "تاسك" زعيم أكبر حزب معارض رئيسًا للوزراء وقتها.