تترقب الولايات المتحدة، غدًا الأربعاء، تصويت الكونجرس على اتفاق رفع سقف الدين الأمريكي، الذي يعد أحد أهم الأزمات التي شغلت الرأي العام العالمي، وأحد أهم القضايا التي مرت بها البلاد على مدار الشهور الماضية.
وتوصل الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي على اتفاق مبادئ بين الطرفين لحل الأزمة، من شأنه رفع سقف الدين وخفض الإنفاق، وهي القضية التي كانت محل اهتمام الإعلام خلال الأشهر الماضية خشية تخلف أمريكا عن سداد التزاماتها داخليًا وخارجيًا.
وتابعت الأسواق المالية التجاذبات السياسية والخلافات حول الرؤى الاقتصادية بين الحزبين في شأن المالية العامة وبنود صرف الموازنة الفيدرالية، وخشيت أن تستمر الخلافات وتتأخر واشنطن في رفع سقف الدين قبل الموعد المحدد الذي أشارت إليه وزارة الخزانة 5 يونيو المقبل.
تنازلات مؤقتة
ونشرت صحيفة "نيوروك تايمز" بنود الاتفاق المبدئي بين الطرفين، إذ تتمحور الاتفاقية حول تعليق سقف الديون لمدة عامين (سقف الديون هو الذي يحدد المبلغ الإجمالي للأموال التي يُسمح للحكومة باقتراضها) كما سيتم تعليق الحد الأقصى لسقف الدين، الذي يحدد حاليًا بقيمة 31.4 تريليون دولار، وسيسمح للحكومة الفيدرالية بالاستمرار في اقتراض الأموال ودفع فواتيرها في الوقت المحدد طالما أقر الكونجرس الاتفاقية قبل 5 يونيو، وهو الموعد الذي قالت وزارة الخزانة إن سيولة الولايات المتحدة ستنفد فيه.
وذكرت "نيويورك تايمز" أنه في مقابل تعليق الحد الأقصى للديون، طالب الجمهوريون بمجموعة من التنازلات السياسية من بايدن، من أهمها القيود المفروضة على نمو الإنفاق التقديري الفيدرالي خلال العامين المقبلين.
كما وافق بايدن على بعض متطلبات العمل الجديدة لبعض الحاصلين على قسائم الطعام وبرنامج المعونة المؤقتة للأسر المحتاجة.
من جهة أخرى، اتفق الجانبان على بذل مزيد من الجهد لتسريع منح التراخيص لبعض مشاريع الطاقة، مثل بناء خط أنابيب غاز طبيعي جديد من ويست فرجينيا إلى فيرجينيا، الذي تبناه المشرعون الجمهوريون وكان أحد الوسطاء الرئيسيين في هذا المشروع ديمقراطي.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن مشروع القانون سيخفض ما يسمى بالبرامج التقديرية غير الدفاعية، التي تشمل إنفاذ القانون المحلي وإدارة الغابات والبحث العلمي وغيرها، للسنة المالية 2024. وسيحصر كل الإنفاق التقديري على نمو بنسبة 1% في عام 2025، وهو فعليًا تخفيض في الميزانية، لأنه من المتوقع أن يكون ذلك أبطأ من معدل التضخم.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن مسؤولي البيت الأبيض يرون أن حجم التخفيضات التي تضمنها مشروع القانون ليست واقعية، بينما استندت "نيويورك تايمز" على مصادر في الإدارة الأمريكية أوضحت أن ميزانية الإنفاق العسكري قد ترتفع إلى 886 مليار دولار في 2024 لتتماشى مع ما طلبه الرئيس الأمريكي من الكونجرس في اقتراحه لميزانية 2024، وترتفع إلى 895 مليار دولار في عام 2025.
كما أن الإنفاق على الرعاية الصحية للمحاربين القدامى سيتم تمويلها أيضًا ضمن مستويات الميزانية المقترحة من بايدن، وفقًا للصحيفة.
وتعتبر أزمة رفع سقف الدين الأمريكي واحدة من أهم الأزمات التي تمر على إدارة الرئيس جو بايدن التي قد تقيد تنفيذ بنود باقي برنامجه الانتخابي، وذلك قبل السباق الرئاسي في 2024.
المادة 4 الحل المتأزم
وخلال الأيام الماضية دار جدل كثيف ركز على قدرة الرئيس جو بايدن على تجاوز الكونجرس ورفع سقف الدين استنادًا إلى المادة الرابعة من التعديل الـ14 للدستوري الأمريكي الصادر في 1866 بعد الحرب الأهلية، وأضيفت تعديلات كجزء من إعادة الإعمار وتعزيز ضمان الحقوق المدنية والقانونية المتساوية للمواطنين، والمادة الرابعة من هذه التعديلات كانت خاصة بالدين العام الأمريكي وتحصينه من التخلف عن السداد، وكان القصد في ذلك الوقت هو ضمان التزام الولايات الجنوبية بتحمل كلفة ديون فترة الحرب الأهلية.
ورأى عدد من نواب الحزب الديمقراطي وجوب استخدام الرئيس بايدن هذا الخيار الدستوري، دون الرضوخ لشروط الجمهوريين، إلا أن بعض القانونيين في واشنطن رأوا أن هذا الخيار قد تترتب عليه كثير من التعقيدات القانونية، وأنه يقوّض ميزة فصل السلطات ويطلق يد الرئيس ويتجاوز الجهاز التشريعي، ولا يفضلون أن يكون هذا الخيار أحد الخيارات المطروحة على الطاولة.
والآن يتعين على قادة الحزبين دعم تمرير الصفقة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وأن يتم تمرير الاتفاق في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون قبل الخامس من يونيو المقبل، فيما ستترقب الأسواق هذا الأمر خلال يومي الأربعاء والخميس من هذا الأسبوع.