ليس غريبًا أن ينتقل بيدرو سانشيز، رئيس وزراء إسبانيا، من مقاعد البدلاء إلى اللاعبين، وفي عام 2016 بعد خسارته لمنصب زعيم الحزب الاشتراكي، أجرى جولة في البلاد لحشد الدعم والتأييد، استعاد بعدها سيطرته على الحزب في العام التالي، كما أنه لا يخوض مجازفات غير محسوبة، فدعا لاقتراح لحجب الثقة كزعيم للمعارضة في 2018، وفي النهاية أدى الاقتراع إلى تنصيبه كرئيس للوزراء بشكل مفاجئ، وهو لا يقوم بمغامرات سياسية غير محسوبة، فعقب الانتخابات في عام 2019، شكل حكومة أقلية مع حزب "بوديموس" اليساري، لكن المفاجأة أنها صمدت وتماسكت منذ ذلك الحين.
مجازفة محسوبة
كل هذه الصفات تظهر الآن مع قيام سانشيز بمجازفة أخرى، بعد إعلانه انتخابات مبكرة، 23 يوليو المقبل، بعد أن تعرض حزبه لهزيمة قاسية في الانتخابات الإقليمية والبلدية، لم ينتصر حزب الشعب المُعارض المُحافظ في معاقل سابقة مثل مناطق فالنسيا وأراغون، لكنه فاز في منطقة إكستريمادورا الجنوبية الغربية، التي يسيطر عليها الاشتراكيون بشكل شبه مستمر، منذ استعادة الديمقراطية في إسبانيا عام 1978 ، كما تأرجحت المناطق والمدن ذات الأهمية الرمزية الأخرى من اليسار إلى اليمين، بحسب مجلة إيكونومست البريطانية.
من جانبه؛ اتبع ألبرتو نونيز فيجو، زعيم حزب العمال، مسارًا للاعتدال في اللهجة والسياسة، واستفاد من الزوال النهائي لحزب "المواطنين"، حزب ليبرالي من يمين الوسط، دخل في دوامة النسيان بعد قراره، عام 2019، بعدم دخول الانتخابات، ما جعل أصوات مؤيديه تذهب إليه، ما زاد من مكاسبه الكبيرة.
محاولة لوضع المعتدلين مع المتشددين
وقالت المجلة البريطانية إنه على يجب على الحزبين الكبيرين في إسبانيا النظر إلى أجنحتهم، فعلى الجانب المحافظ يوجد حزب "فوكس" اليميني، الذي ظهر في الدورة الانتخابية الأخيرة، وسيحتاج حزب العمال إلى دعمه ليحكم في معظم المناطق التي فاز بها للتو، وحزب "فوكس" لا يكتفي فقط بدعم حكومات الأقلية، بل يريد الانضمام إلى الإدارات الإقليمية، بينما عرض "فيجو" على "سانشيز" صفقة سياسية ينبغي بموجبها السماح لأي حزب من حزبيهما بالفوز في كل منطقة بالحكم، حتى دون أغلبية كبيرة، من أجل إقصاء الأحزاب المتشددة، لكن يبدو أن "سانشيز" يفضل إجبار حزب الشعب على أن يحكم مع حزب "فوكس"، وبالتالي يصور انتخابات يوليو على أنها استفتاء على صعود اليمين المتشدد.