في زيارة تنم عن توثيق العلاقات السياسية والاقتصادية بين بكين وموسكو، جاءت زيارة رئيس الوزراء الروسي، ميخائيل ميشوستين، إلى مقاطعة شنجهاي لحضور فاعليات المنتدى الاقتصادي الصيني الروسي في وقت يُحاول فيه الغرب فرض مزيد من العقوبات لعزل روسيا دوليًا.
وخلال كلمته في منتدى الأعمال الروسي الصيني، الذي بدأت فاعليته اليوم الثلاثاء، أكد رئيس وزراء موسكو أن العلاقات التجارية بين البلدين تذهب في طريق الزيادة، مُضيفًا "أنا مُتأكد من أننا هذا العام سننفذ المهمة التي حددها رئيسا دولتينا، والمتمثلة في الوصول بالتجارة المتبادلة إلى 200 مليار دولار".
وذكر "ميشوستين" أن روسيا ستواصل تصدير المواد الهيدروكربونية إلى بكين على أساس طويل الأجل وأن موسكو مستعدة لزيادة الصادرات الزراعية إليها زيادة كبيرة.
ووصل ميشوستين في وقت متأخر أمس الاثنين، إلى شنجهاي حيث استقبله في المطار سفير موسكو لدى الصين، إيجور مورجولوف، وسفير بكين لدى روسيا جانج هانهوي.
ومن المُتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء الروسي بعدد من رجال الأعمال والاقتصاديين خلال زيارته، كذلك زيارة معهد للأبحاث البتروكيماوية في شنجهاي.
ويشارك في المنتدى الروسي الصيني عدد من أبرز رجال الأعمال الروس الخاضعين لعقوبات يعمل بعضهم في قطاعات رئيسية، مثل الأسمدة والفولاذ والتعدين، إلى جانب نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك الذي يتولى الملفات المرتبطة بالطاقة، بحسب وكالة "بلومبرج".
وأشار رئيس الوزراء الروسي خلال كلمته في المنتدى، إلى أن التعاون مع الصين في قطاع الطاقة يظل أولوية مطلقة بالنسبة لروسيا، حيث يتزايد حجم إمدادات الغاز والفحم باطراد، مُعربًا عن استعداد موسكو لتنفيذ مشاريع جديدة للطاقة المتجددة مع الصين.
وحسب ميشوستين، فإن بين المجالات ذات الأولوية للتعاون الروسي الصيني توسيع الحركة الجوية والاستخدام النشط لإمكانيات الممر البحري الشمالي.
وأكد أن روسيا والصين ستعملان على تعزيز استقلال التعاون المالي الثنائي، من خلال إجراء تسويات بالعملات الوطنية، وفق ما نقلته وكالة أنباء "نوفوستي" الروسية.
وأشار ميشوستين إلى أن روسيا والصين بحاجة إلى العمل بنشاط أكبر لتسهيل الوصول المتبادل إلى الأسواق الزراعية، وتعزيز الأمن الغذائي بجهود مُشتركة.
وشدد رئيس الوزراء الروسي على أن التعاون الصناعي والتكنولوجي بين البلدين له أهمية، خاصة أنه من المهم الآن الجمع بين الموارد والكفاءات لإنتاج سلع تنافسية وبأسعار معقولة، لافتًا إلى أن الظروف الحالية تفتح فرصًا جديدة لتوسيع وجود الشركات الصينية في روسيا وإطلاق الإنتاج في الصين، بما في ذلك في المناطق الاقتصادية الحرة والصناعية الخاصة، مُؤكدًا أن تعميق التعاون الروسي الصيني سيؤثر إيجابًا في تعزيز اقتصادات البلدين.
يُذكر أن الصين أصبحت من أهم المستوردين للغاز الروسي، علمًا بأن صادرات الأخيرة من الغاز تراجعت بعد سلسلة العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو منذ بدء حربها في أوكرانيا فبراير 2022.
فشل الغرب
وقال رئيس الوزراء الروسي، خلال كلمته، أن "أعداء" روسيا فشلوا في تحطيم اقتصادها وإسقاط عملتها الوطنية أو إحداث تضخم مدمر في البلاد.
وأضاف: "في العام الماضي، تعرضت روسيا لهجوم وضغوط غير مسبوقة من العقوبات كان هدفها تحطيم اقتصادنا، وانهيار العملة الوطنية، وإحداث تضخم مدمر وضرب المستوى المعيشي للمواطنية.. لكن لا شيء مما كان يحلم به أعداء روسيا حدث"، مضيفًا أن روسيا لم تصمد فقط، بل تواصل تطورها التدريجي.
وأكد رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، أن معدل التضخم في بلاده هو الأدنى في أوروبا، إذ تباطأ إلى مستوى 2.3٪ في أوائل مايو على أساس سنوي، موضحًا أن "هذا المؤشر هو أدنى رقم بين جميع الدول الأوروبية، فيما وصل معدل البطالة في روسيا إلى مستوى قياسي مُنخفض بلغ 3.5٪ فقط".
ومن المتوقع أن يتوجه ميشوستين اليوم الثلاثاء إلى العاصمة بكين للقاء الرئيس الصيني شي جين بينج، ورئيس الوزراء لي كه تشيانج، وذلك لبحث عدد من القضايا المتعلقة بتعزيز العلاقات بين البلدين، كذلك إبرام عدد من الاتفاقيات التجارية بين البلدين، وفق ما ذكرت وكالة "تاس" الروسية.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانج ون بين، في بيان أن الزيارة سيتم التركيز فيها بصورة خاصة على التعاون في مجالات الصناعة والطاقة والبنية التحتية للنقل والزراعة، ومن المتوقع أيضًا توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية في نهاية المحادثات.
يذكر أن الرئيس الصيني قد زار روسيا قبل شهرين، وتم التوقيع بعد محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على عدد من الوثائق المشتركة.
وعززت الصين وروسيا في السنوات الأخيرة تعاونهما الاقتصادي والدبلوماسي فيما تطورت الشراكة الاستراتيجية بينهما منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية.
وتشدد الصين على أنها تلتزم الحياد حيال الحرب ورفضت إدانة روسيا في العديد من المحافل الدولية، وفي فبراير الماضي أصدرت بكين وثيقة من أجل "تسوية سياسية" للنزاع ذكرت بلدان غربية، أنها قد تمكن روسيا من إبقاء أجزاء كبيرة من الأراضي التي انتزعتها من أوكرانيا تحت سيطرتها.
وخلال قمة في موسكو في مارس الماضي، دعا الرئيس الصيني نظيره الروسي فلاديمير بوتين لزيارة بكين، ويشير محللون إلى أن الصين تعد الطرف الأقوى في العلاقة مع روسيا وهو أمر تزيده عزلة موسكو في الساحة الدولية.