لم تكن زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى مصر، اليوم الأحد، مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل أثارت اهتمام وتفاعل واسعين من قِبل الصحف العمانية التي سارعت إلى تغطية الحدث بكل تفاصيله، فقد رأت الصحف العمانية في هذه الزيارة فرصة ذهبية لتسليط الضوء على العلاقات المميزة بين البلدين، ولتؤكد أهمية التعاون الثنائي وتبادل الخبرات في مجالات الاقتصاد والثقافة والسياسة وغيرها، واعتبرت الصحف العمانية الزيارة مناسبة تاريخية تجسد روابط الصداقة والتعاون الوثيقة التي تجمع بين البلدين الشقيقين، وتعكس التزام كلٍ من سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية بتعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة.
الرؤية
تحت عنوان "فصلٌ جديدٌ في العلاقات العُمانية المصرية" أكدت صحيفة الرؤية على كلمات السفير عبد الله بن ناصر الرحبي سفيرُ سلطنة عُمان في مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أن زيارة السُّلطان هيثم بن طارق إلى مصر اليوم ولقاءه أخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهوريّة مصر العربيّة، تفتح فصلًا جديدًا، وتمثّل انطلاقة لمواصلة علاقات التعاون وتطويرها بما يعود بالمنافع المشتركة، وتابعت أن وفدًا رسميًّا رفيع المستوى يرافق السُّلطان لا سيما الجانب الاقتصادي؛ حيث إن البلدين الشقيقين يسعيان إلى الدفع بالمجال الاقتصادي والتجاري والاستثماري إلى آفاق أرحب وزيادة حجم التبادل التجاري.
وتابعت أن البلدين الشقيقين مُقبلان على التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، منها الداعمة للجوانب الاقتصادية المضافة إلى المذكرات القائمة مثل المذكرات والاتفاقيات والبرامج التنفيذية ورسائل التعاون الموقعة خلال زيارة فخامة الرئيس المصري إلى سلطنة عُمان في يونيو 2022.
من جهة أخرى، أكدت الصحيفة أن سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية تواصلان تعزيز علاقاتهما الوطيدة والتعاون الوثيق والتنسيق الدائم بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية ودعم كل ما من شأنه أن يعود بالمنافع الملموسة والمزيد من النّماء لأبناء البلدين الشقيقين، مشيرة إلى أن الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في السلطنة تشير إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية شهد في عام 2022 ارتفاعًا بلغ ما يقارب 393 مليونًا و628 ألف ريال عُماني مقارنة مع 217 مليونًا و742 ألف ريال عُماني في عام 2021.
الوطن
تحت عنوان "زيارة تعبر عن عمق العلاقات العمانية المصرية"، قالت الصحيفة إن العلاقات العُمانيَّة المصريَّة الممتدَّة عَبْرَ التاريخ على كافَّة الأصعدة الدبلوماسيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة وحتى الثقافيَّة، تعد نموذجًا فريدًا يعكس البُعد الحضاريَّ الذي يمتلكه البَلدانِ الشقيقان، والثقل الإقليميَّ والدوليَّ، الذي يجعلهما الأكثر مساهمةً في الحفاظ على الأمن والاستقرار، خصوصًا مع تلاقي الرَّغبة في تحقيق طفرة تنمويَّة شاملة تتَّسم بالاستدامة، ووجود العديد من القواسم المشتركة والتفاهمات على الصعيد السياسيِّ. فالسياسة الخارجيَّة المتَّزنة التي تتَّسم بها كُلٌّ من مسقط والقاهرة، ومساعيهما لحلِّ القضايا المتأزِّمة في الإقليم عَبْرَ رؤى مشتركة تتوافق في أغلب الملفات، وتنطلق من قاعدة تفعيل العمل العربيِّ المشترك ومدِّ جسور التعاون الذي يخدم مصلحة وطموحات الشعوب العربيَّة، والجيران الفاعلين في منطقة الشرق الأوسط.
ومن هذا المنطلق، فمن الطبيعيِّ أنْ تشهدَ القمَّة العُمانيَّة المصريَّة التي تجمع السُّلطان هيثم بن طارق بأخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهوريَّة مصر العربيَّة، والتي تأتي خلال الزيارة الرسميَّة التي يقوم بها السُّلطان هيثم بن طارق إلى جمهوريَّة مصر العربيَّة الشقيقة اليوم الأحد وتستمرُّ لمدَّة يومَيْنِ، أنْ تشهدَ متابعة إقليميَّة وعالميَّة واسعة، للاستماع للرؤى العُمانيَّة المصريَّة، وانتظارًا لِما ستسفر عنه المباحثات بَيْنَ القيادتَيْنِ العُمانيَّة والمصريَّة.
عمان
قالت صحيفة "عمان" إنه لا يمكن حصر أهمية الزيارة التي بدأها السلطان هيثم بن طارق اليوم لجمهورية مصر العربية في مسار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، فهذه العلاقات كانت عبر التاريخ من بين أكثر العلاقات العربية العربية استقرارًا ووضوحًا، ولكن أهميتها تظهر، أيضًا، في بعدها العربي، والجهود الكبيرة التي تبذل في طريق ترميم العلاقات "العربية - العربية" التي دشنت عهدًا جديدًا في القمة العربية التي عُقدت الجمعة الماضي في مدينة جدة السعودية وحضرها لأول مرة الرئيس السوري بشار الأسد بعد غياب طال لأكثر من عقد من الزمان في ظل تحولات عربية صعبة عاشتها الأمة العربية، وبدا فيها أن العرب يعون حجم التحديات العالمية التي تواجههم في عالم متغير وفي نظام عالمي يتداعى ونظام آخر يتشكل ونحتاج أكثر من أي وقت مضى أن نكون مؤثرين فيه عبر استخدام مواطن القوة التي نمتلكها في العالم العربي. وقامت سلطنة عمان، بدور كبير وأساسي في عودة العلاقات العربية العربية وبشكل خاص العلاقات العربية السورية، وهي تنطلق في ذلك من أرضية تاريخية في قدرتها على ترميم مثل هذه العلاقات المتشظية ومن ثقة العالم في العمق الفكري الذي تنطلق منه الدبلوماسية العمانية.
وتابعت الصحيفة أنه عبر هذا المسار تتحول الزيارة من بعدها الثنائي إلى البعد العربي، ومن زيارة دورية ثنائية بين القادة العرب إلى زيارة تاريخية، خاصةً وأنها الأولى للسلطان هيثم لمصر منذ توليه عرش عُمان، لذلك ستحضر ملفات المصالحة العربية، وستحضر القضية الفلسطينية وستحضر التحديات الكبرى التي يمر بها العالم العربي في هذه اللحظة التاريخية ضمن النقاشات التي ستدور بين القائدين الكبيرين، ورغم ذلك فإن تطوير العلاقات بين البلدين بما يتواكب وكل هذه التحولات سيكون ضمن أولويات الزيارة في بعدها الثنائي، والعلاقات العمانية المصرية متشابكة جدا عبر التاريخ في كل أبعادها الحضارية والثقافية والاقتصادية والإنسانية ولا يخدشها شيء ذو بال عبر السنوات الطويلة، وهذا مهم جدًا في مسار التأسيس لشراكات اقتصادية جديدة بين البلدين، وتحويل كل هذه المعطيات التاريخية والحضارية ونقاط القوة إلى أرضية صلبة لبناء استثمارات كبرى تنعكس إيجابا على البلدين الشقيقين، وبناء فرص لصناعة رخاء وازدهار اقتصادي يساهم في تنمية واستقرار المنطقة، لكن هناك، أيضًا، جوانب كثيرة يمكن أن تعزز العلاقة بين البلدين تنطلق من فهمنا العميق لقوتنا ولتاريخنا المشترك، وفي مقدمة ذلك الجوانب الثقافية، حيث إن البلدين يضمان كنوزًا حضارية غنية تحكي قصة الإنسان ومساهمته في البناء الحضاري للإنسانية، وتسخير هذا الجانب في بناء خطابات التسامح والتفاهم التي تحتاجها الإنسانية في هذه اللحظة المفصلية من تاريخها.
ولذلك ليكن النداء الذي يعلو مع هذه الزيارة التاريخية هو نداء التسامح ونداء التفاهم العربي العربي، والعربي العالمي، والإنساني الإنساني. وكذلك الإصرار على الالتفاف العربي حول القيم المشتركة التي توحدنا في العالم العربي وتشكل تاريخنا وتشكل مستقبلنا، فالأمة العربية تستحق أن يكون مستقبلها واضح المعالم وثابت الأركان.