الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مسيرة الأعلام.. استفزازات "الجماعات الصهيونية" تؤجج التوتر في القدس

  • مشاركة :
post-title
مسيرة الأعلام- أرشيفية

القاهرة الإخبارية - مروة الوجيه

توتر آخر تشهده فلسطين اليوم،تحديدًا في القدس ، حيث ينظم اليمين الإسرائيلي المتطرف "مسيرة الأعلام" لإحياء ذكرى احتلال الشطر الشرقي من القدس عام 1967، والذي يطلق عليه الاحتلال الإسرائيلي "يوم توحيد القدس"، وإحلال السيادة الإسرائيلية على المدينة والأماكن الدينية اليهودية فيها.

ومن المتوقع أن ينضم إلى المسيرة عدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية على رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، ووزير تطوير النقب إسحاق فاسرلاوف، وفق ما نقلته القناة 13 الإسرائيلية.

وقد أعلنت جماعات يمينية أنها تسعى لحشد 5 آلاف إسرائيلي لاقتحام المسجد الأقصى اليوم في إشارة استفزازية لقوات الاحتلال الإسرائيلي بعد تهدئة الأوضاع في غزة.

وأعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلية منع تواجد المصلين داخل المسجد الأقصى منذ صباح اليوم؛ استعدادًا لبدء المسيرة المقررة مساء اليوم الخميس.

وللمرة الأولى أعلنت التيارات الصهيونية المتطرفة أنه قد تقرر الدخول إلى ساحة المسجد الأقصى في سابقة هي الأولى إن حدثت.

توتر مرتقب

وقال نتنياهو، إن مسيرة الأعلام ستجري في مسارها كما هو معد لها، مضيفًا في تصريحات أدلى بها خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه الليكود في الكنيست (البرلمان)، أن حكومته تعمل على "تغيير ميزان الردع".

كما أعلنت القناة السابعة العبرية، أن قوات الاحتلال قررت تعزيز منظومة القبة الحديدية خشية وقوع هجمات صاروخية من قطاع غزة بالتزامن مع المسيرة.

ويتوقع اشتراك عشرات آلاف المستوطنين في "مسيرة الأعلام" التي ستجوب البلدة القديمة وصولًا إلى حائط البراق ضمن خط سيرها السنوي.

وعقد وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير جلسة مشاورات أمنية موسعة للوقوف على آخر الاستعدادات لتأمين الاقتحام والمسيرة.

من جانبها، أعلنت بعض الفصائل الفلسطينية استنفارها من هذه المسيرة، وشجبت حركة حماس هذه الخطوة الاستفزازية، وقالت إنها لن تسمح بالمس بالمسجد الأقصى، فيما نقلت مصادر إسرائيلية إن إسرائيل سترد بقوة على حماس في حال أقدمت الأخيرة على أي خطوة.

وأفرغت القوات الإسرائيلية صباح اليوم، المسجد القبلي استعدادًا لاقتحام المسجد من قبل المستوطنين.

وأضافت القناة 13 الإسرائيلية أن المؤسسة الأمنية تقدر أن "الحدث سيمر بسلام من دون إطلاق صواريخ من قطاع غزة". وأشارت إلى أن قوات شرطة الاحتلال تخطط لنشر ألفين من عناصرها لتأمين خط سير مسيرة الأعلام.

توقيت حرج

تعتبر مسيرة الأعلام تقليد سنوي لدى إسرائيل وهو المعروف أيضًا بـ"يوم القدس" وهو عيد وطني تم إقراره عام 1968 لإحياء اليوم الذي تمكنت فيه إسرائيل من احتلال شرقي القدس عام 1967، حيث يقوم بعض أفراد اليمين المتطرف بإجراء مسيرةٍ في شرقي القدس وهم يحملون الأعلام الإسرائيلية، بمناسبة مرور عام على احتلال شرقي القدس.

وبدأ هذا التقليد يتخذ طابع الاحتفال الوطني بما يسمى "توحيد شطري القدس"، وتأكيدًا للسيادة الإسرائيلية على شرقي المدينة المقدسة. إلا أن هذا التقليد لم يخرج أبدًا عن أتباع التيار اليمين القومي الإسرائيلي عمومًا ولم يشارك فيه اليسار على مدار 50 عامًا، ولذلك فإنه يعتبر أحد محطات استعراض قوة اليمين السياسية في القدس.

وفي عام 2021 كانت مسيرة الأعلام إحدى النقاط التي فجرت الوضع في القدس، حيث دخلت مسيرة الأعلام إلى الأحياء العربية بالقدس الشرقية، وقادت إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين الإسرائيليين وأعضاء حركة "حماس" بقطاع غزة استمرت لمدة 11 يومًا وانتهت بوساطة مصرية.

وكان الغضب لدى اليمين الإسرائيلي المتطرف واضحًا بعد أن تسببت المعركة يومها في إفشال المسيرة التي اعتادها المتطرفون سنويا.

وفي عام 2022 تمكنت قوات الاحتلال من تأمين المسيرة دون وقوع أي اشتباكات من الجانب الفلسطيني.

لكن هذا العام تأتي المسيرة في وقت متوتر بين قوات الاحتلال والفصائل الفلسطينية بعد توتر الأوضاع في غزة في 9 مايو الجاري، بعد سلسلة من الاغتيالات لقادة عسكريين في حركة الجهاد الإسلامي ضمن ما سمته تل أبيب عملية "السهم الواقي"، في حين أطلقت الفصائل الفلسطينية مئات الصواريخ على المدن والبلدات الإسرائيلية فيما سمته معركة "ثأر الأحرار"، وبعد مفاوضات بين الطرفين نجحت مصر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد خمسة أيام من التوتر في القطاع.

مسيرة الأبواب ومسيرة الأعلام

ومنذ سيطرة تيار أقصى اليمين على الحكومة الإسرائيلية، وعلى أهم الوزارات بصورة خاصة، وزارة المالية التي يرأسها بتسلئيل سموتريتش، ووزارة الأمن القومي التي يرأسها إيتمار بن جفير، اتخذ الاحتفال بمسيرة الأعلام طابعًا آخر دينيًا أكثر من كونه عيدًا قوميًا.

وقد استفادت التيارات اليمينية المتشددة المعروفة بـ"الصهيونية الدينية"، والذي ينتمي له ما يسمى بـ"اتحاد منظمات المعبد" والقوى التابعة له والمتحالفة معه مثل منظمة "بأيدينا" ومنظمة "العودة إلى جبل المعبد" وغيرها من المنظمات المتشددة، من فكرة مسيرة الأعلام السنوية ليستنسخ منها فكرة "مسيرة الأبواب"، وهي تتعلق بالدرجة الأولى بالمسجد الأقصى، حيث ابتدعت هذه الجماعات عام 2003 فكرة المسيرة الشهرية حول أبواب المسجد الأقصى، وترتبط ببداية الشهور العبرية، بحيث يقوم أفراد هذه الجماعات بالسير حول الأقصى وأمام بواباته في الليلة الأولى من كل شهر عبري مطالبين بإقامة "معبد يهودي" على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.

ولأن العيد الوطني المسمى "مسيرة الأعلام" يأتي سنويا متزامنًا مع نهاية شهر "إيار" العبري وبداية شهر "سيفان"، فإن الأمور فيه تصل إلى ذروتها، حيث يجتمع آلاف المتطرفين رافعين الأعلام الإسرائيلية في مسيرة الأعلام السنوية، ومتجولين في شوارع القدس كافة، وصولًا إلى باب العامود الذي يدخلون منه إلى قلب الحي الإسلامي في القدس مخترقين البلدة القديمة بمحاذاة السور الغربي للمسجد الأقصى وباتجاه منطقة حائط البراق حيث تنتهي هذه المسيرة هناك قبيل غروب الشمس.

وتبدأ بعدها بيومين مسيرة الأبواب الشهرية حول بوابات المسجد الأقصى التي ينفذها أتباع "جماعات المعبد" التي تمثل أقصى اليمين الديني المتطرف.

وتعد مسيرة الأعلام السنوية أكبر وأشمل من حيث عدد المشاركين من مسيرة الأبواب التي ترتبط فقط بجماعات المعبد المتطرفة، حيث تتسع مسيرة الأعلام السنوية لتشمل جميع أطياف اليمين الإسرائيلي الذي يشمل كلًا من التيار اليميني القومي وتيار الصهيونية الدينية، وتشمل مدينة القدس عمومًا، وخاصة أحياءها العربية.

لكن يبدو أن تيار الصهيونية الدينية المتطرف الذي يتربع اليوم على عرش الحكومة الإسرائيلية قد قرر المضي قدمًا لبعث مزيد من التوترات في القدس ليعلن لأول مرة في تاريخ الصراع نيته تحويل مسار مسيرة الأعلام هذا العام لتدخل المسجد الأقصى المبارك في سابقة هي الأولى من نوعها -إن حدثت.

وللمفارقة، فإن مسيرة الأعلام أو "يوم القدس" تأتي هذا العام في يوم الجمعة 19 مايو، وفق التقويم العبري، لكن وفق الأعراف الإسرائيلية فإنه يتم تجنب اقتحام المسجد الأقصى يوم الجمعة تحديدًا خوفا من الاصطدام بالغالبية الفلسطينية المسلمة في المسجد يوم الجمعة، ولكن هذا لم يثن هذه الجماعات عن هدفها بضم المسجد الأقصى إلى تقاليد مسيرة الأعلام السنوية، ولذلك أعلنت لجمهورها أنها ستحتفل بما يسمى "يوم القدس" قبل يوم واحد من موعده الرسمي، أي يوم الخميس 18 مايو، وأنها في هذا الصدد قررت أن تعمل على اقتحام المسجد الأقصى المبارك اقتحامًا خاصًا في فترة العصر من يوم الخميس (وهو موعد مسيرة الأعلام كل سنة)، على أن يدخل المتطرفون المسجد الأقصى من باب الأسباط، وليس من باب المغاربة الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال بالكامل، ويرفعوا الأعلام الإسرائيلية بكثافة داخل المسجد الأقصى المبارك. وهو المشهد الذي -إن حدث- فإن الأمر لن يمر بسلام خاصة مع تحذيرات الفصائل الفلسطينية من اقتحام الأقصى للاحتفال بهذا العيد القومي.

وقد أبلغت جماعة "العودة إلى جبل المعبد" شرطة الاحتلال بالسماح لنحو 7500 شخص للمشاركة في مسيرة الأعلام حتى المسجد الأقصى وهو الأمر الذي يوضح ضخامة العدد في هذه المسيرة، وهو أمر غريب نوعًا ما، حيث إن جماعة المعبد المتطرفة، لم تتمكن في أفضل وأقوى حالاتها من جمع أكثر من 2200 متطرف في اليوم نفسه، ويبدو أنها بذلك تعول على أتباع اليمين القومي الذين يشاركون بالآلاف كل عام في مسيرة الأعلام في القدس، وتعتبر أنه يمكن إقناع هؤلاء خلال المسيرة بتحويل اتجاه حركتهم هذا العام لتدخل المسجد الأقصى المبارك عصر الخميس وتحقق المشهد الذي تريده هذه الجماعات، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى توتر الأوضاع ليس في القدس فحسب فقد يمتد الأمر إلى قطاع غزة أيضًا.