تسود حالة من الترقب والهدوء الحذر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اليوم الثلاثاء، بعد ليلة عنيفة شهدتها عدة مناطق فلسطينية، في أعقاب التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، تحت مسمى عملية "السهم الواقي"، واقتحام مدينة نابلس، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، اليوم الثلاثاء، وسط إجلاء غير مسبوق للمستوطنات الإسرائيلية القريبة من السياج الفاصل، وفتح الملاجئ العامة تحسبًا لأي رشقات صاروخية من حركة "الجهاد الإسلامي"، ردًا على اغتيال ثلاثة من قادتها، وهو ما وصفته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بأنه "الهدوء الذي يسبق العاصفة".
وبدورها، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، فتح الملاجئ في مدن وسط البلاد، استباقًا لإطلاق صواريخ من قطاع غزة، ردًا على القصف الإسرائيلي المفاجئ للقطاع، الذي أسفر عن استشهاد 15 فلسطينيًا من بينهم 3 قادة في حركة "الجهاد الإسلامي"، وفرض جيش الاحتلال قيودًا على الحركة بداعي مخاوف من إطلاق رشقات صاروخية من القطاع، خصوصًا أن الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية اكتفت حتى الآن بتحذير الاحتلال من عواقب اغتيال قادتها والاعتداء على الأبرياء في المدن والقرى والبلدات الفلسطينية.
تعليمات طارئة
وأفادت قناة "كان" التابعة لهيئة البث الإسرائيلية، بأنه بعد مقتل مسؤولين بارزين في حركة الجهاد الإسلامي في غزة، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي، تعليمات للسكان، صباح اليوم الثلاثاء، وحث سكان غلاف غزة المستوطنات القريبة من القطاع على البقاء بالقرب من المناطق المحمية"، فيما حث السكان الذين يقطنون على مسافة حتى 40 كم من القطاع بتعليق الدراسة وأي فعاليات أخرى، إضافة إلى إغلاق المعابر الحيوية والطرق الرئيسية أمام العمال والمسافرين لحين استقرار الأوضاع.
وأفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان له، باغتيال القائد خليل البهتيني، قائد المنطقة الشمالية في الجهاد الإسلامي، الذي كان خلف إطلاق الصواريخ صوب مناطق غلاف غزة خلال الأشهر الماضية، إلى جانب اغتيال القائد جهاد غنام، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، وطارق عز الدين، المسؤول عن توجيه عدد من العمليات في الضفة الغربية المحتلة، وفقًا لما ورد في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
رد فعل حذر
وفي هذا الصدد، نعت حركة "الجهاد الإسلامي" في بيان مقتضب قادتها الثلاثة، قائلة: "إننا إذ ننعى شهداءنا القادة ومعهم زوجاتهم المجاهدات وعددًا من أبنائهم، لنؤكد أن دماء الشهداء ستزيد من عزمنا، ولن نغادر مواقعنا".
وقال أبو حمزة، الناطق باسم "سرايا القدس"، الجناح العسكري للحركة، خلال كلمة له: "إن جريمة الاحتلال لن تزيدنا إلا إيمانًا بالاستمرار في خيار المقاومة"، مشيرًا إلى أن مجازر الاحتلال بحق المدنيين الأبرياء في بيوتهم ستزيد شعبنا تمسكًا بالمقاومة حتى تحرير فلسطين".
نتيجة لذلك، أجرى بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، تقييمًا للوضع الأمني مع يوآف جالانت، وزير الدفاع، ورؤساء المؤسسة الأمنية، بمن فيهم هيرتسي هاليفي، رئيس الأركان، وتساحي هنجبي، مستشار الأمن القومي، ورونين بار، رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، وديدي برنيع، رئيس جهاز "الموساد"، لتقييم الموقف.
بناء على ذلك، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي، على ضرورة استعداد جيش الاحتلال الإسرائيلي للتعامل مع أي سيناريو تصعيد محتمل، أثناء اجتماع عاجل مع رؤساء بلديات غلاف غزة لحماية المستوطنين، استعدادًا لأي رد فعل فلسطيني على العدوان السافر على قطاع غزة.
وقال "جاتلانت": لن نتسامح مع إطلاق النار الذي يهدد سكان إسرائيل، فهذا ليس عملًا إرهابيًا فحسب، بل تحديًا لوجودنا"، وأضاف "من المهم جدًا أن يكون المواطنون منضبطين ويقظين وأن يستمعوا إلى التعليمات التي ستنقذ حياتهم".
اعتداءات وتجاوزات
وتستمر إسرائيل في إحراج نفسها أما المجتمع الدولي من خلال اعتداءاتها المتكررة على الأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس الشرقية المحتلة، التي تشمل الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى واعتداءات المستوطنين على المدنيين بحماية مشددة من شرطة الاحتلال، وهدم المنازل ومصادرة الأراضي، وتوسيع الاستيطان، فضلًا عن عمليات الاعتقال والقتل المممنهج التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي، وتغذيها التصريحات التحريضية التي يدلي بها وزراء في الحكومة الإسرائيلية.
وتُعد حكومة "نتنياهو" السادسة، أشد الحكومات تطرفًا في تاريخ دولة الاحتلال، إذ يهيمن عليها اليمين الإسرائيلي المتطرف، على رأسها بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي، الذي دعا إلى محو قرية "حوّارة" الفلسطينية"، وإيتمار بن جفير، وزير الأمن القومي، الذي يتبنى حركة "كاهانا كاخ" المتطرفة، التي دعت قبل سنوات إلى طرد العرب من أرضهم وضم الضفة الغربية بأكملها.