بين ليلة وضحاها أصبح أكثر من 100 ألف سوداني، وفقًا للمفوضية، بدون مأوي.. بعدما فروا خوفًا على أنفسهم وأسرهم من الاشتباكات والصراع الذي نشب في السودان منذ فترة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع.
ليس فقط المأوي الذي فقدوه بل حتى أحلامهم ذهبت أدراج الرياح وتبخرت مع دخان الانفجارات.. فمنذ أيام قليلة كان حلم سجود، الطالبة الجامعية في الخرطوم، أن تٌنهي دراستها بتفوق للحصول على وظيفة مرموقة، ولأنه لا مجال للأحلام في ساحات القتال. فاضطرت سجود لترك السودان مع أهلها بحثًا عن الأمان، وبعد رحلة طويلة وصلت العائلة إلى مصر وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ريجينا أوشالا.. إحدى النازحات اللواتي عدن إلى ديارهن، بعد الفرار من منزلها في مدينة واو، منذ أكثر من عقدين، وأمضت الفتاة البالغة من العمر 42 عاما أكثر من نصف عمرها في مخيم للاجئين في السودان.
انتقلت أوشالا إلى الخرطوم قبل أن تعود أخيرًا إلى منزلها في مدينة جوبا، وكانت تخطط لطلب المساعدة من شقيقها حتى تواصل حياتها، لكنها اكتشفت وفاة شقيقها، بل وجميع أفراد عائلتها خلال الصراع الدائر، وبعد ما تقطعت بها السبل تكافح أوشالا الآن من أجل التأقلم مع الحياة الصعبة في وطنها.
عرفة، البالغة من العمر 25 عامًا، كانت تعيش في المنزل بمفردها مع طفليها، وعندما اندلع القتال في العاصمة السودانية الخرطوم انتابها شعور بالذعر، حسبما قالت عرفة، لدى سماعها أصوات إطلاق النار وتحليق الطائرات الحربية في سماء المنطقة، وحاولت الاتصال بزوجها الذي كان في عمله ذلك الوقت، لكنها لم تستطع الوصول إليه.
أضافت عرفة وفق تقرير الأمم المتحدة: "قضيت الليل وأنا خائفة، غير قادرة على الخروج من منزلي، كان هناك قتلى في كل مكان. في اليوم التالي، استيقظت على مكالمة هاتفية من أصدقاء زوجي يخبروني أن زوجي قد مات بعدما أصيب بالرصاص".
لم يكن لدى عرفة الوقت الكافي للحزن على زوجها بعد وفاته، إذ اضطرت للفرار من الخرطوم مع طفليها في محاولة يائسة لتجنب الاشتباكات والوصول إلى بر الأمان.
ومع غياب زوجها ورغبتها في حماية ابنها البالغ من العمر خمس سنوات وابنتها ذات الثلاث سنوات وسط تصاعد العنف، قررت عرفة مغادرة العاصمة، لتنطلق برفقة طفليها عن طريق الحافلة إلى مدني، وهي مدينة تبعد 135 كيلومترًا جنوب شرق العاصمة، على الضفة الغربية للنيل الأزرق، وبدأت عرفة رحلة شاقة متوجهة إلى مصر لتحمي طفليها من القتال الدائر في السودان.
نجيفنجون المقيم بالخرطوم، ترك كل شيء وراءه عندما فر من السودان مع زوجته وأطفاله الأربعة،استقبله فريق المنظمة الدولية للهجرة، وقال: "أعطيت مفاتيح منزلنا لأحد جيراني. كان السودان وطننا لمدة عشر سنوات. لقد بنيت منزلي من الصفر هناك".
أما عثمان فسوداني آخر فر من ويلات الصراع، على الرغم من أنه في الأصل نازح عائد لمنزله في ظروف مشابهة لآلاف النازحين السودانيين، قال: "هذه الحرب فظيعة، ولم يكن لدي خيار سوى المغادرة".
من جانبه قال كارلوس أوليفر كروز، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في مصر، في تصريحات خاصة لـ"القاهرة الإخبارية": "تعمل المنظمة الدولية للهجرة مع بقية وكالات الأمم المتحدة في مصر عن كثب مع الحكومة المصرية، وكذلك الهلال الأحمر المصري والسفارات المعنية لتوفير الدعم اللازم للنازحين من السودان إلى مصر، وخاصة الفئات المستضعفة. وهذا يشمل دعم الهلال الأحمر المصري لتوسيع نطاق الخدمات التي يمكن أن يقدمها على الحدود، بما في ذلك توزيع المياه ومواد النظافة، والنقل، والمساعدة الطبية".
مؤكدًا مواصلة تقديم المساعدة الضرورية للمهاجرين المحتاجين، بما في ذلك المجتمعات السودانية وأولئك الذين وصلوا أخيرًا من السودان من خلال مكتبنا في القاهرة.
من جانبها أطلقت مفوضية شؤون اللاجئين و134 شريكًا نداءً لجمع 445 مليون دولار لخطة الاستجابة الإقليمية المشتركة بين الوكالات للاستجابة للاجئين في خمس دول.
وأشارت إلى أنها تضع خططًا لتدفق 860 ألف شخص من السودان، سواء من اللاجئين أو العائدين إلى بلدانهم بعد أن كانوا لاجئين في السودان.