عادت حوادث إطلاق النار إلى صربيا، بعد انقطاع دام عشر سنوات، ما سبب صدمة عميقة بين المواطنين، ودفعت السلطات هناك إلى التحرك باتجاه تعزيز السيطرة على الأسلحة في البلد الذي يعاني من انتشار ثقافة السلاح بين الأفراد. وسقط العشرات قتلى وجرحى في حادثي إطلاق نار جماعي بصربيا على مدار اليومين الماضيين.
أعلنت الشرطة الصربية، أنها ألقت القبض على مشتبه به في سلسلة من عمليات إطلاق النار، أسفرت عن مقتل ثمانية على الأقل وإصابة 14، وهو ثاني إطلاق نار جماعي من نوعه في البلاد خلال يومين.
قالت الشرطة في بيان، إن الرجل الذي تم تعريفه بالأحرف الأولى من اسم "يو بي" تم إلقاء القبض عليه في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، بالقرب من بلدة كراجويفاتش بوسط صربيا، على بعد حوالي 100 كيلومتر جنوبي بلجراد.
جاء الاعتقال بعد عملية بحث استمرت طوال الليل، قام بها مئات من رجال الشرطة، الذين أغلقوا منطقة جنوب بلجراد حيث وقع إطلاق النار في وقت متأخر من أمس الخميس.
وقالت محطة "أر تي إس" الصربية، إن المهاجم أطلق النار بشكل عشوائي على الناس في ثلاث قرى بالقرب من ملادينوفاك، على بعد حوالي 50 كيلومترًا جنوبي العاصمة بلجراد.
وجاء إطلاق النار بعد يوم من استخدام صبي يبلغ من العمر 13 عامًا بنادق والده لقتل ثمانية من زملائه الطلاب وحارس في مدرسة بالعاصمة بلجراد.
تسببت إراقة الدماء في موجات الصدمة في دولة البلقان التي شوهتها الحروب، ولكنها لم تكن معتادة على جرائم القتل الجماعي.
وعلى الرغم من أن صربيا غارقة في الأسلحة المتبقية من حروب التسعينيات، إلا أن إطلاق النار الجماعي نادر للغاية. كان إطلاق النار في المدرسة، أمس الأول، الأربعاء هو الأول في تاريخ البلاد الحديث.
وكان آخر إطلاق نار جماعي قبل هذا الأسبوع في عام 2013، عندما قتل أحد قدامى المحاربين 13 شخصًا في قرية بوسط صربيا.
وقبل الهجوم، كانت صربيا تعاني، أمس الخميس، من صدمة أول إطلاق نار جماعي لها في هذه السنوات.
ملأ الطلاب الصرب، وكثير منهم يرتدون ملابس سوداء ويحملون الزهور، الشوارع المحيطة بالمدرسة في وسط بلجراد بينما كانوا يودعون بصمت أقرانهم المقتولين.
وأعلنت نقابات المعلمين الصربية عن احتجاجات وإضرابات للتحذير من أزمة في النظام المدرسي والمطالبة بتغييرات.
تحركات لتعزيز السيطرة على الأسلحة
تحركت السلطات أمس الخميس، لتعزيز السيطرة على الأسلحة، حيث حثت الشرطة المواطنين على حفظ أسلحتهم بشكل جيد وإبعادها عن الأطفال.
وأمرت الحكومة بوقف مؤقت لمدة عامين لحيازة البنادق قصيرة الماسورة، وتشديد الرقابة على الأشخاص الذين يحملون البنادق ومناطق إطلاق النار، وتشديد العقوبات على الأشخاص الذين يسمحون للقاصرين بالحصول على أسلحة.
يجب أن يكون مالك السلاح المسجل في صربيا أكبر من 18 عامًا وأن يتمتع بصحة جيدة وليس له سجل إجرامي. يجب أن تبقى الأسلحة مؤمنة ومنفصلة عن الذخيرة.
كما أدى إطلاق النار، أمس الأول الأربعاء، في مدرسة فلاديسلاف ريبنيكار الابتدائية إلى نقل سبعة أشخاص إلى المستشفى وستة أطفال ومعلمة. وقال أطباء صباح الخميس إن فتاة مصابة برصاصة في رأسها لا تزال في حالة تهدد حياتها، وصبيًا يرقد في حالة خطيرة مع إصابات في العمود الفقري.
قالت السلطات إن مطلق النار، الذي ذكرت الشرطة أنه يدعى كوستا كيكمانوفيتش، أصغر من أن يتم توجيه اتهام إليه ومحاكمته. ووضعت السلطات المهاجم في مصحة عقلية، بينما تم اعتقال والده بتهمة تعريضه الأمن العام للخطر لأن نجله حصل على الأسلحة.
ثقافة السلاح تنتشر في صربيا
وتنتشر ثقافة السلاح في صربيا وأماكن أخرى في البلقان. فالمنطقة بها أكبر عدد من الأسلحة النارية للفرد الواحد في أوروبا. غالبًا ما يتم إطلاق البنادق في الهواء في الاحتفالات وفي المناسبات الوطنية.
وحذر خبراء مرارًا من الخطر الذي يمثله عدد الأسلحة في الدولة شديدة الانقسام، والتي يتم فيها تمجيد مجرمي الحرب المدانين وغالبًا ما يمر العنف ضد الأقليات دون عقاب. كما أشاروا إلى أن عقودًا من عدم الاستقرار الناجم عن صراعات التسعينيات، فضلا عن الصعوبات الاقتصادية المستمرة، يمكن أن تؤدي إلى نوبات الغضب هذه.
ونقلت وكالة الأنباء الأمريكية "أسوشيتدبرس" عن دراجان بوباديك، استاذ علم النفس في جامعة بلجراد، إن إطلاق النار على المدرسة كشف مستوى العنف السائد في المجتمع وتسبب في صدمة عميقة.