تكتسب زيارة فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء الياباني، لمصر أهمية كبيرة، كونها تستهدف تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، وبحث حالة السلم والأمن على المستويين الدولي والإقليمي.
وبدأ كيشيدا جولة إفريقية تستمر 7 أيام، يزور خلالها كلًا من مصر وغانا وكينيا وموزمبيق. واستهل رئيس الوزراء الياباني أول جولة له في إفريقيا منذ توليه مهام المنصب، أكتوبر 2021، بزيارة مصر، وهو ما يعكس أهمية العلاقة بين البلدين.
محاور المباحثات المصرية اليابانية
ويستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم الأحد، كيشيدا، إذ قال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن المباحثات المصرية اليابانية ستتناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، وبحث حالة السلم والأمن على المستويين الدولي والإقليمي.
وسيتبادل كيشيدا الآراء مع الرئيس السيسي حول قضايا إقليمية، مثل الصراع العسكري بين القوات المسلحة وميليشيا الدعم السريع في السودان، والحرب الروسية الأوكرانية، وفقًا لوكالة الأنباء اليابانية" كيودو".
وتأتي زيارة رئيس الوزراء الياباني لمصر، في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها القاهرة وطوكيو، لتحقيق التنمية المستدامة والتعاون الإقليمي والدولي، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وفق ما صرّح به سفير اليابان لدى مصر.
وقال أوكا هيروشي، سفير اليابان لدى مصر، إن كيشيدا سيبدأ جولته الأولى في الشرق الأوسط وإفريقيا بزيارة مصر، وهو ما يعكس أهمية العلاقة بين البلدين.
وأشار إلى أن الزيارة تستهدف تعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية والعلمية والتكنولوجية، وترى اليابان أن مصر شريك لا غنى عنه ومهم في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وأوضح السفير أن رئيس الوزراء الياباني سيبحث مع كبار المسؤولين في مصر، سبل تعزيز التعاون بين البلدين بمختلف المجالات، خاصة في مجالات الحوار السياسي والطاقة المتجددة والبنية التحتية والغذاء والزراعة والتعليم والسياحة، وكذلك التحديات الإقليمية والعالمية، وكيفية التعاون لمواجهتها.
ولفت السفير إلى أن هذه الزيارة تأتي في ظل زيادة الأهمية الاستراتيجية للشراكة بين البلدين في مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية في المنطقة، مؤكدًا أن العلاقات الاقتصادية بين مصر واليابان شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، إذ تعتبر اليابان واحدة من أهم شركاء التجاريين لمصر.
وقال سفير اليابان لدى مصر: "في الواقع تضاعفت الاستثمارات المباشرة الأجنبية لليابان في مصر، العام الماضي، وتسعى الشركات اليابانية إلى استكشاف فرص الأعمال بمصر، كما تقدم اليابان الدعم المالي والفني لمشروعات التنمية في مصر، وتعمل على تحقيق التنمية المستدامة بالبلاد، من خلال التعاون في مجال بناء القدرات".
وأشار السفير الياباني إلى أن مصر شريك مهم لليابان في الشرق الأوسط، إذ تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي وموارد طبيعية كبيرة، خاصة في مجال الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى الأيدي العاملة المحلية، كما تعد مصر بوابة للتجارة والاستثمار في المنطقة.
تطور العلاقات الاقتصادية بين مصر واليابان
ويعد الاقتصاد محورًا رئيسيًا في العلاقات المصرية اليابانية. وفي النقاط التالية، نرصد تطور العلاقات الاقتصادية بين مصر واليابان.
- بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.6 مليار دولار في 2021
- ارتفعت قيمة الاستثمارات اليابانية في مصر بنسبة 78.8% لتصل 73.7 مليون دولار في 2022
- سجلت الصادرات المصرية إلى اليابان 554.4 مليون دولار خلال عام 2021
- الوقود والزيوت المعدنية في مقدمة الصادرات المصرية لليابان في 2022
-107 شركات يابانية تعمل في مصر بالعديد من المجالات
- استثمارات اليابان المباشرة بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس بلغت 10 ملايين دولار
- مصر أصدرت أول سندات مصرية في أسواق المال اليابانية بقيمة 60 مليار ين ياباني
- تحتل اليابان المرتبة الـ31 في قائمة الدول المستثمرة بالسوق المصرية
تأكيد روابط اليابان مع جنوب العالم
وذكرت هيئة الإذاعة اليابانية، أن جولة كيشيدا في إفريقيا، تأتي في إطار جهود اليابان لبناء الزخم نحو اجتماع قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، المقرر في هيروشيما، الشهر المقبل.
وأشارت الهيئة إلى أن كيشيدا يحرص على تأكيد روابط اليابان مع جنوب العالم، خاصة في مجالات مثل الغذاء والطاقة.
مصر بوابة اليابان لإفريقيا
وتدرك اليابان أن مصر دولة كبرى في الشرق الأوسط وإفريقيا، وأنها بوابة مهمة لها نحو تحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية في القارة الإفريقية.
والعام الماضي، أعلنت اليابان تخصيص 30 مليار دولار لمشروعات تنموية في القارة الإفريقية، خلال السنوات الثلاث المقبلة، إضافة إلى تقديم 130 مليون دولار لمشروعات الأمن الغذائي، ومساعدات غذائية قدرها 300 مليون دولار بالتعاون مع البنك الإفريقي للتنمية.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت طوكيو عزمها على تقديم قروض بقيمة 5 مليارات دولار بالشراكة مع البنك الأفريقي للتنمية لتمويل التنمية المستدامة والإصلاح المالي في القارة السمراء، كما خصصت 4 مليارات دولار لمشروعات النمو والاقتصاد الأخضر والقضاء على التلوث الكربوني، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء. وجاءت تلك التعهدات خلال النسخة الثامنة من مؤتمر طوكيو الدولي حول التنمية الإفريقية "تيكاد"، الذي عقد في تونس، أغسطس الماضي.
وحاول اليابان من خلال التركيز على إفريقيا، الحفاظ على مصالحها الاقتصادية من حيث تأمين استدامة المواد الخام وموارد الطاقة اللازمة لاقتصادها. وتنظر طوكيو إلى الدول الإفريقية باعتبارها سوقًا مستقبلية واسعة. وتشير التوقعات إلى زيادة عدد سكان القارة إلى 2.2 مليار نسمة بحلول عام 2050، ووصول حجم الاقتصاد الإفريقي إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2025.
توافق مصري ياباني حول ضرورة تعزيز السلام العالمي
كما تتسم العلاقات المصرية - اليابانية بالتوافق، فكلتا الدولتين تؤمن بضرورة تعزيز السلام العالمي من خلال دفع جهود المجتمع الدولي نحو حل الصراعات بالطرق السلمية، خاصة مع ما يمر به المجتمع الدولي من أزمات وتحديات ضخمة، تفرض على الجميع التعاون بدلًا من الانقسام والصراع.
وانطلاقًا من تلك الرؤية المشتركة، تأتي زيارة رئيس الوزراء الياباني إلى مصر، في توقيت غاية في الأهمية، لا سيما في ظل الجهود الدولية الحالية لتسوية الأزمتين الأوكرانية والسودانية، عبر الحوار والطرق السلمية.