الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد إقراره في النواب.. ماذا يعني رفع سقف الدين الأمريكي؟

  • مشاركة :
post-title
الكونجرس الأمريكي

القاهرة الإخبارية - مروة الوجيه

وافق مجلس النواب الأمريكي، أمس الأربعاء، على مشروع قانون لرفع سقف الدين مقابل "قيود شديدة على الإنفاق"، وهو الأمر الذي جاء مناهضة لرغبة الرئيس الأمريكي جو بايدن وحزبه الجهوري (الذي يحظى بأغلبية مجلس النواب).

وكان الرئيس الأمريكي قد طالب الكونجرس بإقرار قانون لرفع سقف الدين بعد توالي الأزمات المالية للولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، وتعرضها لخطر التخلف عن سداد الديون الحكومية، ما دفعها للإعلان عن اتخاذ إجراءات غير عادية للمساعدة في تقليل حجم الديون المستحقة الخاضعة للسقف المحدد حاليًا عند 31.4 تريليون دولار.

ومع موافقة النواب على هذه الخطوة مع وضع قيود على الإنفاق تعتبر هذه المواجهة الأولى للرئيس بايدن والحزب الجمهوري داخل الكونجرس، الذي يرفض فرض قيود على الإنفاق تحد من قدرة إدارته على تنفيذ أجندتها مع بدء موسم انتخابات 2024.

ووفق وكالة "أسوشيتد برس"، يعتبر تمرير هذا القانون بمجلس النواب "نصرًا تكتيكيًا" لرئيس المجلس وزعيم الأغلبية الجمهورية كيفين مكارثي، في تحديه للرئيس جو بايدن لدفعه للتفاوض على خفض الإنفاق الحكومي مقابل رفع سقف الديون.

وتم إقرار مشروع القانون الذي اقترحه مكارثي بغالبية ضئيلة إذ دعمه 217 نائبًا مقابل رفض 215، ولكن سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ والبيت الأبيض تجعل من الصعب تحوله إلى قانون.

ومن المتوقع أن ينتح عن هذا الصدام، عدم تصديق الرئيس الأمريكي على هذا القانون مما قد يفتح باب التفاوض بين الحزبين، حيث صرح البيت الأبيض، الثلاثاء، أن بايدن سيستخدم حق النقض (الفيتو) الرئاسي، إذا أقر الكونجرس مشروع القانون.

وأضاف البيت الأبيض: "يتعين على الجمهوريين في مجلس النواب أن يستبعدوا عجز الدين من القضايا المطروحة للنقاش، و(يعالجوا أزمة) سقف الدين دون مطالب وشروط".

تحدٍ جمهوري

وفي 17 أبريل الجاري، طرح رئيس النواب (الجمهوري) كيفين مكارثي خطة لاقتراض سقف الدين الأمريكي بمقدار 1.5 تريليون دولار إضافية مقابل خفض في الإنفاق بقيمة 4.5 تريليون دولار.

وسعى الجمهوريون جاهدين لتمرير القانون في مجلس النواب بهدف تعزيز موقفهم في المفاوضات مع بايدن الذي يرفض بشكل حازم الموافقة على أي خفض في الإنفاق مقابل رفع سقف الدين.

واحتفل كيفن مكارثي بعد تصويت النواب قائلًا إن مشروع القانون هذا من شأنه أن يعيد أمريكا "إلى المسار الصحيح".

وأضاف "مجلسنا اجتمع لتمرير الخطة الوحيدة في واشنطن التي ستعالج سقف الدين وتوقف الإنفاق الفيدرالي المفرط والمتضخم".

وينظر إلى هذه المواجهة على أنها اختبار لقيادة مكارثي الذي وصل إلى رئاسة المجلس في يناير الماضي، من خلال تعهده للجناح اليميني المتشدد في الحزب الجمهوري بخفض الإنفاق الفيدرالي.

ووصفت "أسوشيتد برس" تمرير الحزمة الضخمة، المؤلفة من 320 صفحة، في مجلس النواب بأنها ليست سوى مجرد بداية" لما توقعت أن يتحول إلى "جدل سياسي محتدم على مدى أسابيع"، حيث يحاول الرئيس والكونجرس التوصل إلى "حل توافقي" من شأنه أن يسمح برفع سقف الدين الحكومي لتفادي تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها.

انتقاد البيت الأبيض

وبعد الانتهاء من التصويت، انتقد البيت الأبيض التشريع الذي يهدد بقطع الرعاية الصحية عن المحاربين القدامى وأمريكيين آخرين وبتوسيع التخفيضات الضريبية للأثرياء، ضمن بنوده الخاصة بخفض الإنفاق الحكومي.

وأكدت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار أن "الرئيس أوضح بشكل جلي أنه لا فرصة أمام مشروع القانون هذا ليتحول إلى قانون".

وأضافت: "يتعين على الجمهوريين أعضاء الكونجرس التحرك بشكل فوري ودون شروط لتجنب التخلف عن السداد، وضمان عدم تعريض سمعة الولايات المتحدة والتزاماتها للخطر"، محذرة "هذه هي وظيفتهم".

يذكر أن ديون الولايات المتحدة قد وصلت إلى نحو 32 تريليون دولار، وهو رقم تراكم في ظل حكم رؤساء ينتمون للحزبين الرئيسيين على مدى عقود.

ويرفع مشروع القانون الجمهوري حد سقف الدين حتى مارس 2024، ما يمهد الطريق لمواجهة أخرى بشأن سقف الدين في خضم الحملات الانتخابية الرئاسية، أو حتى يصل الدين إلى 32.9 تريليون دولار.

لكنه يخفض الإنفاق الفدرالي بشكل كبير ويلغي أجزاء رئيسية من برنامج بايدن، مثل مساعيه لإلغاء ديون الطلاب ومكافحة التغير المناخي.

تداعيات رفع سقف الدين

يعتبر سقف الدين الأزمة الشائكة الآن في الداخل الأمريكي، حيث يتمتع الكونجرس بسلطة فرض حد أقصى على مقدار المال الذي يمكن للحكومة الأمريكية اقتراضه، وذلك بغرض استخدامه لسداد نفقاتها. وهو ما يطلق عليه الحد الأقصى لـ"سقف الدين". ويستقر ذلك السقف حاليًا عند 31.4 تريليون دولار. بينما يساعد الاقتراض الحكومة الفيدرالية على سداد النفقات المقررة في ميزانياتها مثل الضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية، وأجور العاملين في الجيش الأمريكي.

ومع دخول الولايات المتحدة في أزمات مالية متتالية بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية في المقام الأول، كان لزامًا لسد احتياجات الحكومة رفع سقف الدين لتسديد النفقات المقررة في الميزانية الراهنة، وقد أوضحت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، سابقًا أنه يتم إعداد مجموعة تدابير استثنائية من أجل الحيلولة دون تخلف الولايات المتحدة عن التزاماتها. أي إنهم سينقلون الأموال من مكانٍ لآخر حتى لا تتخلف الحكومة عن السداد في الوقت الراهن كما يقول تقرير لصحيفةThe Guardian الأمريكية.

ووفق يلين فإن هذه التدابير ستستمر لبضعة أشهر، لكن الحكومة الفيدرالية قد تتعرض للإفلاس في حال عدم رفع سقف الدين بنهاية المطاف.

وحذرت وزيرة الخزانة من أن الأوضاع الاقتصادية ستتدهور سريعًا إذا لم يرفع الكونجرس سقف الدين في الأشهر المقبلة. وكتبت قائلة: "سيؤدي الفشل في الوفاء بالتزامات الحكومة إلى أضرارٍ لا يمكن إصلاحها للاقتصاد الأمريكي، وسُبل عيش الأمريكيين، وحتى الاستقرار المالي العالمي".

وإذا تخلفت الحكومة الفيدرالية عن سداد قروضها، فسوف يفقد المستثمرون ثقتهم في الدولار الأمريكي. مما سيؤدي إلى ضعف الدولار، وهبوط الأسهم، وتسريح الموظفين.

وحتى في حال رفع سقف الدين، فقد يؤدي الصراع المطول حول سقف الدين إلى أضرار مالية على المدى البعيد.

ويذكر أن الصراع حول سقف الدين عام 2011 دفع وكالة Standard & Poor إلى خفض التصنيف الائتماني للحكومة الأمريكية لأول مرة في التاريخ، مما رفع تكلفة اقتراض الحكومة الأمريكية للمال بعدها.