أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس السبت، عزم بلاده نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، مشيرًا إلى أن موسكو أرسلت 10 مقاتلات قادرة على حمل أسلحة نووية تكتيكية إلى مينسك.
وسبق أن لوحت روسيا في مناسبات عدة بأنها قد تلجأ إلى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية في الحرب بأوكرانيا. فما هي هذه الأسلحة ومواصفاتها وقدراتها التدميرية؟
تعريف الأسلحة النووية التكتيكية
يشير مصطلح "تكتيكي" إلى أسلحة قصيرة المدى، مقابل الصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي تستطيع تدمير مدينة كاملة.
ويأتي السلاح التكتيكي قصير المدى مزوّدا برؤوس نووية صغيرة تدعم نظام توجيه متميز ورأسًا حربيًا قويًا.
وجرى تصميم الأسلحة التكتيكية لتدمير أهداف معينة دون سحق المنطقة بأسرها والتسبب في تداعيات إشعاعية واسعة النطاق.
ويبلغ مدى الأسلحة النووية التكتيكية، أقل من 500 كيلومتر برًا، وتصل 600 كيلومتر جوًا وبحرًا.
وتنقسم الأسلحة النووية التكتيكية من حيث القوة إلى نوعين، الأولى تفوق قوتها القنبلة التي سقطت على هيروشيما. وهناك أسلحة أخرى لا تزيد قوتها التدميرية على دُفعة نيران مدفعية.
وتصل القدرة التدميرية لأصغر سلاح نووي تكتيكي إلى كيلو طن واحد، وهو ما يعادل ألف طن من مادة "تي إن تي" المتفجرة، في حين قد يصل حجم أكبرها إلى 100 كيلو طن.
ويمكن تحميل الرؤوس الحربية النووية التكتيكية على أنواع مختلفة من الصواريخ التي تحمل عادة رؤوسًا تقليدية مثل الصواريخ المجنحة وقذائف المدفعية.
كذلك يمكن إطلاق هذه الأسلحة أيضًا من الطائرات والسفن مثل الصواريخ المضادة للسفن والطوربيدات وشحنات تفجير الأعماق.
وتقول الولايات المتحدة إن روسيا صرفت مبالغ طائلة مؤخرًا على هذه الأسلحة بهدف تحسين مداها ودقتها.
دول تمتلك الأسلحة النووية التكتيكية
تمتلك قوى نووية عدة حول العالم أسلحة نووية تكتيكية منخفضة القوة أو من المفترض استخدامها في ساحة المعركة.
ووفقًا لتقرير صدر في مارس العام الماضى 2022، عن مؤسسة "خدمة أبحاث الكونجرس" تمتلك الولايات المتحدة ما يقرب من 230 سلاحًا نوويًا غير استراتيجي، تتضمن نحو 160 قنبلة "بي إس 61" يجري نشرها مع طائرات في القواعد الجوية بأوروبا.
ووفقًا للاستخبارات الأمريكية، تمتلك روسيا نحو 2000 سلاح نووي تكتيكي. وتمتلك روسيا منظومتين قادرتين على إطلاق أسلحة نووية قصيرة المدى، وهي صاروخ كاليبر (SS-N-30)، الذي يمكن إطلاقه من البحر والبر، ومداه ما بين 1500و2500 كيلو متر. ومنظمة الصواريخ البرية المتنقلة إسكندر إم (SS-26Stone) ويمكن إطلاقها برًا، ومداها ما بين 400 و500 كيلو متر، ويعمل الصاروخ بالوقود الصلب.
كما تملك كل من الصين وكوريا الشمالية والهند أيضًا أسلحة نووية تكتيكية.
هل يستخدم بوتين النووي التكتيكي في أوكرانيا؟
ولم يتم استخدام الأسلحة النووية التكتيكية في النزاعات، حتى الآن. فقد وجدت القوى النووية مثل الولايات المتحدة وروسيا أن تدمير الأهداف في ساحة المعركة باستخدام الذخائر التقليدية الحديثة فعّال بنفس القدر.
ومع ذلك، قد تكون روسيا أكثر استعدادًا لاستخدام أسلحة تكتيكية أصغر بدلًا من الصواريخ الاستراتيجية الأكبر حجمًا.
وترى المخابرات الأمريكية أن تهديد الرئيس الروسي باللجوء للأسلحة النووية التكتيكية في الحرب بأوكرانيا، يمثل تهديدًا للغرب الغرض منه ثنيه عن مساعدة أوكرانيا، خاصة بعد التقارير التي تفيد بعزم بريطانيا تزويد كييف باليوارنيوم المنضب، وليس دليلًا على أنه يخطط لخوض حرب نووية.
ويرى المحللون الغربيون أن تهديد الرئيس الروسي باللجوء للأسلحة النووية التكتيكية في الحرب بأوكرانيا، يمثل استراتيجية جديدة تعرف باسم "التصعيد من أجل التهدئة". وهي استراتيجية تقوم على التهديد باستخدام الأسلحة النووية غير الاستراتيجية لإكراه جيرانها أو ترهيبهم، أو للفوز في الحروب المستعصية على موسكو، مع عدم الحاجة لاستنفاد جميع الخيارات التي تمتلكها الترسانة النووية العسكرية الروسية.
وتقول الدكتورة باتريشيا لويس، رئيسة برنامج الأمن الدولي في مركز أبحاث تشاتام هاوس البريطاني: "قد لا ترى روسيا أنها تتجاوز العتبة النووية الكبيرة عند استخدام هذه الأسلحة، قد تعتبر ذلك جزءًا من قواتها التقليدية".
لكن آخرين يشعرون بالقلق من أن روسيا إذا واجهت المزيد من الانتكاسات في ساحة الحرب قد تميل إلى استخدام سلاح تكتيكي أصغر في أوكرانيا لتغيير قواعد اللعبة، بهدف كسر الجمود في ساحة المعركة أو تجنب الهزيمة.
ويقول جيمس أكتون، الخبير النووي في مؤسسة كارنيجي بواشنطن: "أشعر بالقلق فعلًا أنه في هذه الظروف قد يستخدم بوتين سلاحًا نوويًا على الأرجح على الأرض في أوكرانيا لإرهاب الجميع ولتحقيق أغراضه. لكن لم نصل إلى هذه المرحلة بعد".