أدانت الأمم المتحدة إطلاق جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، المعروفة باسم كوريا الشمالية، صاروخين باليستيين خلال الأسبوع الماضي، كان لأحدهما القدرة على الوصول إلى "معظم النقاط على كوكب الأرض".
جاء ذلك خلال إحاطة أممية عرضها ميروسلاف ينتشه، مساعد الأمين العام لأوروبا وآسيا الوسطى والأمريكتين لإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام وإدارة عمليات السلام، على مجلس الأمن الدولي الاثنين.
وأطلقت كوريا الشمالية، 14 صاروخًا باليستيًا منذ بداية العام، أربعة منها في الأيام الأحد عشر الماضية وحدها.
وأخبر ينتشه المجلس أن صاروخين أطلقا من قبل كوريا الشمالية في فبراير و16 مارس "قادران على الوصول إلى معظم النقاط على كوكب الأرض".
وقال: "يكرر الأمين العام دعواته إلى جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بالامتناع الفوري عن اتخاذ أي إجراءات أخرى لزعزعة الاستقرار، والامتثال الكامل لالتزاماتها الدولية بموجب جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، واستئناف الحوار المؤدي إلى السلام المستدام وإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية بشكل كامل ويمكن التحقق منه".
كما أشار مساعد الأمين العام إلى أن كوريا الشمالية تتابع بنشاط برنامج أسلحتها النووية. وشدد على أن إجراء تجربة نووية سابعة "سيكون انتهاكًا صارخًا لقرارات مجلس الأمن وسيقوض المعايير الدولية ضد التجارب النووية".
وقال إن الوضع في شبه الجزيرة الكورية "لا يزال يسير في الاتجاه الخاطئ"، مضيفًا أن التوترات مستمرة في التصاعد، "ولا يوجد مخرج في الأفق".
وشدد ينتشه على ضرورة أن تتخذ كوريا الشمالية خطوات فورية لاستئناف الحوار المؤدي إلى سلام مستدام ونزع السلاح النووي الكامل والقابل للتحقق من شبه الجزيرة الكورية، والامتناع عن إجراء المزيد من عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية أو التجارب النووية من أجل الحد من التوترات.
كما أكد أهمية تعزيز قنوات الاتصال بين اللاعبين الرئيسيين، لا سيما العسكرية منها، مضيفًا أن الحد من خطاب المواجهة سيساعد على خفض التوترات السياسية وخلق مساحة لاستكشاف السبل الدبلوماسية.
وقال مساعد الأمين العام إن شبه الجزيرة الكورية يجب أن تكون منطقة للتعاون، مؤكدا أن وحدة مجلس الأمن بشأن كوريا الشمالية محورية لتخفيف التوترات وتجاوز المأزق الدبلوماسي.
"عرقلة" صينية وروسية
من جهتها، أدانت السفيرة الأمريكية ليندا توماس جرينفيلد إطلاق الصاروخين الباليستيين "بأشد العبارات الممكنة"، وقالت مثل هذه العمليات لا تشكل تهديدًا وزعزعة للاستقرار فحسب، بل "تسمح لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بالمضي قدماً في تطوير أسلحة أكثر تقدمًا وخطورة".
وقالت جرينفيلد إن كوريا الشمالية تواصل تجاهل عروض الولايات المتحدة للحوار، في حين أن ما وصفتها بـ "عرقلة" الصين وروسيا لعمل مجلس الأمن شجع البلاد على مواصلة إطلاق الصواريخ الباليستية والإفلات من العقاب.
وأضافت: "ستقول الصين وروسيا إنهما لا تدافعان عن كوريا الشعبية الديمقراطية، لكن صوت أفعالهما تعلو على الأقوال".
ودعت السفيرة الأمريكية إلى العودة إلى مستوى التعاون داخل المجلس الذي كان موجودًا بشأن هذه القضية من خلال اعتماد وثيقة تدين عمليات الإطلاق وإعادة التأكيد على القرارات السابقة التي اتخذها بالإجماع.
عمل "غير قانوني وشائن"
من جهتها، قالت نائبة الممثل الدائم لليابان لدى الأمم المتحدة، شينو ميتسوكو، إن الصاروخ الباليستي العابر للقارات الذي أطلق هذا الأسبوع من قبل كوريا الشمالية سقط على بعد 200 كيلومتر فقط من بلدها، ووصفت العمل بأنه "غير قانوني وشائن".
وشددت على أنه لا يجب لمجلس الأمن أن يسمح لكوريا الشمالية باتخاذ المجتمع الدولي بأسره رهينة، فيما تجاهر البلاد بعزمها على زيادة ترسانتها النووية بشكل كبير. وأضافت: "الأمر لا يتعلق بإيجاد حل لصراع متساوٍ بين الأطراف. يتعلق الأمر بمنع انتشار الأسلحة النووية والوقوف ضد تهديدها. أحث جميع أعضاء المجلس على الانضمام إلى الدعوة إلى عدم الانتشار النووي وعدم توفير ثغرة لكوريا الشعبية الديمقراطية".
"خطر ونفاق"
وقال نائب السفير الصيني غنج شوانج إن بلاده قلقة من التوترات المتزايدة في شبه الجزيرة الكورية، فيما أحيطت علما بإطلاق كوريا الشمالية للصاروخ وكذلك التدريبات العسكرية التي استؤنفت مؤخرا من قبل الولايات المتحدة وجمهورية كوريا (كوريا الجنوبية) بشكل متساوٍ.
وقال إن ممارسة الردع والضغط من قبل الولايات المتحدة وغيرها من الدول "عززت شعور جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بانعدام الأمن، ما أدى إلى هذا الوضع المتصاعد من التوتر".
وقال غنج إن الأولوية يجب أن تنصب على ممارسة الأطراف للهدوء وضبط النفس، وتجنب الإظهار المتبادل للقوة لمنع المزيد من التصعيد أو خروج الوضع عن السيطرة.
وقال المسؤول الصيني إن جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية كانت قد اتخذت مبادرة إيجابية عام 2018 للتخلي عن أسلحتها النووية مقابل الأمن، لكن الولايات المتحدة فشلت في الرد بحسن نية وأهدرت فرصة مهمة لتحقيق نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، حسب تعبيره.
وقال غنج إن على الولايات المتحدة أن تظهر إخلاصها وأن تتخذ زمام المبادرة من خلال تقديم مقترحات عملية والاستجابة بشكل مباشر للمخاوف المشروعة لكوريا الشمالية لتهيئة الظروف المواتية لتحسين الوضع.
وقال إن الولايات المتحدة تختلق التوترات بينما تقول إنها تسعى للحوار، وأضاف: "هذا ليس إلا خطرا ونفاقا" حسب تعبيره.
هوس الحفاظ على النظام
أما سفير كوريا الجنوبية جونكوك هوانج، فقال إن إطلاق الصاروخ البالستي العابر للقارات قبل ساعات فقط من رحلة رئيسه إلى اليابان كان محاولة متعمدة لتخريب معلم هام في العلاقات الثنائية بين كوريا واليابان ذات التوجه المستقبلي.
وقال جونكوك إن استمرار استفزازات كوريا الشمالية لا علاقة لها بالتدريبات العسكرية المشتركة بين بلاده والولايات المتحدة، بل هي بسبب "هوسها بتقدم قدراتها النووية للحفاظ على نظامها، على الرغم من معاناة شعبها الشديدة والمستمرة" حسب تعبيره.
وقال إن كوريا الشمالية تعلن عن سياساتها النووية وتجري اختبارات خطيرة وفقًا لـ "كتاب اللعب الخاص بها"، وتقوم ببساطة "بضبط توقيت استفزازاتها، مع مراعاة الظروف ذات الصلة لتناسب أعذارها".
وقال السفير الكوري الجنوبي: "إن سياسة بيونج يانج العدوانية، وتهديدها لعمل هذه الهيئة الموقرة، والاستهزاء الوقح بالأمم المتحدة نفسها يجب أن ينتهي. ويجب أن يحاسب هذا المجلس انتهاكها المستمر لالتزاماتها الدولية".
وأكد التزام بلاده بالانخراط في العمل الدبلوماسي، داعيًا كوريا الشمالية إلى وقف سلوكها الخطير والرد بشكل إيجابي على مطالب الحوار.