من الجفاف إلى نقص الغذاء مرورًا بالكوارث الطبيعية، فوق كل ذلك اتهامات موجهة للإنسان كونه المسؤول الأول عما حلَّ بالأرض، نتيجة تعامله مع الطبيعة بإهمال، وتضاعفت المخاوف من تداعيات هذه الأزمات لانشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من تحولات سياسية واقتصادية بالعالم.
مؤشرات تراجع إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية حول العالم أثار موجة من الجدل، ومن بين هذه المحاصيل "البصل" الذي تضاءلت زراعته نتيجة نقص الأسمدة وجفاف العام الماضي، الذي يعد الأسوأ في القارة الأوروبية منذ عقود، على الرغم من أن دول الاتحاد الأوروبي تغطى نحو 30% من إمدادات البصل إلى السوق العالمية.
كما تسببت أحوال الطقس غير المناسبة للزراعة بشمال إفريقيا وجنوب أوروبا في تراجع إنتاجية الخضراوات والفاكهة عالميًا.
آثار ممتدة لموجات الجفاف من المتوقع أن تلقي بظلالها على السلعة الغذائية الأهم وهى القمح، ومن المتوقع أن يتراجع إنتاجه بنسبة الربع على الأقل خلال العالم الجاري في دولتى الجزائر والمغرب، ما ينذر بكارثة غذائية تزيدها سوءًا الحرب الروسية الأوكرانية التي امتدت آثارها إلى الطاقة وزيادة تكاليف الإنتاج بشكل غير مسبوق.
وبحسب دانة بردقجي، رئيسة جمعية التغذية بالأردن، فإن انشغال الدول بالأحداث السياسية والبيئية التي يمر بها العالم أدى إلى تباين في كميات وأنواع الأغذية التي تصل إلى المنطقة العربية وغلاء أسعارها بشكل كبير، وهو ما ظهر جليًا في تعاملنا مع الأشخاص الذين يتابعون الأنظمة الغذائية الخاصة بصحتهم أو لأطفالهم، إذ حدث اختلاف في كثير من المنتجات الغذائية المستوردة نتيجة عدم وصولها للمستهلك بشكل مباشر.
وأضافت "بردقجي" لـ"القاهرة الإخبارية" من العاصمة عمّان، أن هذا التباين أدى لتغيير نمط استهلاك المنتجات الغذائية لدى الطبقات التي تستطيع أن تؤمن غذاءها، فما بالنا بالطبقات الأخرى التي تعاني بالأساس من هذه الأزمة، مشيرة إلى أن زيادة أسعار توصيل المواد الغذائية أدى لتفاقم أزمة الغذاء بشكل كبير.
ومن أمستردام، يري أبو بكر باذيب، الباحث في الشؤون الاستراتيجية، أن العالم دخل في سلسلة من الأزمات خلال العامين الماضيين، ابتداءً من جائحة " كوفيد19" مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، فضلًا عما هو قادم من أزمات الاحتباس الحراري والغذاء.
وأضاف "باذيب" لـ"القاهرة الإخبارية" أن هذه الأزمات تأثر بها كل سكان كوكب الأرض، لافتًا إلى أن أزمة نقص الغذاء التي تتأثر بالحروب في المناطق المختلفة تمتد إلى كل من يعيش على كوكب الأرض، مستشهدًا بالحرب الروسية الأوكرانية وكيف أنها تسببت في تضرر العديد من الدول المستوردة للحبوب باعتبارهما من أكبر الدول المنتجة لها.
ونوّه إلى أن هذه الأزمات جعلت دول العالم الكبرى تقوم بمهام مختلفة برعاية الدول الأقل نموًا والفقيرة لإعادة ترتيب أولوياتها، بعد أن واجهت مشكلات داخل مجتمعاتها، مشيرًا إلى أن ذلك تسبب في تراجع الاهتمام بالقضايا البيئية لصالح تأمين موارد الغذاء.