أفادت المفوضية الأوروبية، اليوم الخميس، أنه مع اقتراب فصل الشتاء من نهايته، تراجعت مستويات التضخم في أوروبا الشهر الماضي، ورغم ذلك لا تزال الأسعار مرتفعة دون انخفاض، وهو ما قد يضغط على محافظي البنوك المركزية لمواصلة رفع أسعار الفائدة.
ارتفاع أسعار المستهلكين 8.5%
وارتفعت أسعار المستهلكين في البلدان العشرين التي تستخدم اليورو كعملة لها، بمعدل سنوي قدره 8.5% في فبراير، بانخفاض طفيف عن معدل يناير البالغ 8.6% بينما تراجعت تلك المعدلات على أساس سنوي منذ أن بلغت ذروتها عند 10.6% في أكتوبر الماضي.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أظهرت بعض أكبر الاقتصادات في أوروبا زيادات مقلقة، في الأسعار مع ارتفاع التضخم الأساسي، وهو مقياس يستبعد الفئات الأكثر تقلبًا في الأسعار مثل الغذاء والطاقة، في فبراير الماضي إلى 5.6 %، من 5.3 %.
وفي فرنسا، بلغ التضخم 7.2 % في فبراير، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من عقدين، بينما زاد التضخم في إسبانيا بمعدل سنوي قدره 6.1%، وذكرت ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، أن معدل التضخم ارتفع إلى 9.3٪.
وتابع تقرير الصحيفة الأمريكية أن أسعار الطاقة قد انخفضت في أوروبا، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى الشتاء الدافئ وجهود الحفاظ على الطاقة، لكن الطريق لا يزال طويلًا للخروج من الأزمة.
أسعار المواد الغذائية تواصل ارتفاعها
وأضافت الصحيفة أن أسعار المواد الغذائية لا تزال مرتفعة، فقد أدت الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وهما مصدران بارزان للطاقة والمنتجات الزراعية في العالم، إلى تقليص إمدادات الغذاء العالمية وتعطيل إنتاج الأسمدة، كما أن هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت روسيا ستستمر في الالتزام باتفاق تصدير الحبوب لتخفيف حصارها على الموانئ الأوكرانية يزيد القلق بشأن الإمدادات الغذائية.
وأوضحت الصحيفة أنه حتى بلجيكا، حيث انخفض التضخم إلى معدل سنوي قدره 5.5% الشهر الماضي من 7.4% في يناير، شهدت البلاد ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية في الوقت الذي استمرت دول البلطيق في تحقيق أعلى معدلات التضخم بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، بمعدلات سنوية تزيد على 17%.
الجفاف وتغير المناخ
كما ساهمت موجات الجفاف المدمرة في أوروبا والصين والقرن الإفريقي والولايات المتحدة بسبب تغير المناخ في انخفاض المحاصيل وارتفاع أسعار المواد الغذائية، كما يمكن إرجاع بعض الضغوط التضخمية إلى تراجع بعض الحكومات عن سياسات مثل ضبط الأسعار والإعانات التي قللت من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على المنازل، في فرنسا، سُمح لأسعار الكهرباء لبعض المستهلكين بالارتفاع في فبراير بعد تجميدها.
زيادة إنتاج الصين قد تزيد ارتفاع الأسعار
من جهة أخرى قد تؤدي زيادة الإنتاج الصيني أيضًا إلى زيادة الأسعار، فالقدرة التصنيعية الهائلة للصين، جنبًا إلى جنب مع دورها الرئيسي في سلسلة التوريد العالمية، تمنحها تأثيرًا كبيرًا على الاقتصاد العالمي، من خلال زيادة الطلب على الطاقة.
التضخم في أوروبا
على الرغم من أنه أقل بكثير من الذروة في أكتوبر الماضي، إلا أن معدل التضخم لا يزال أعلى بكثير من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2٪. وقالت كريستين لاجارد، رئيسة البنك، إن زيادة سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة هذا الشهر أمر شبه مؤكد، وأضافت في وقت سابق، هذا الأسبوع، أن البنك سيواصل رفع أسعار الفائدة إذا كان ذلك ضروريًا لتحقيق أهداف التضخم.
تراجع النمو
من جانبه، قال إسوار براساد، أستاذ السياسة التجارية بجامعة كورنيل الأمريكية، إن ارتفاع أسعار الفائدة وضع ضغوط مالية غير مرحب بها على الحكومات التي تعاني بالفعل من ديون عامة ضخمة، وأضاف أن بيانات التضخم الأخيرة والاستجابة السياسية المحتملة لها قد أعاقت آفاق النمو في منطقة اليورو لعام 2023، والتي كان بها بعض المؤشرات الإيجابية إلى حد ما في وقت سابق من العام".