من خلال القراءة المتأنية لإعلان الجزائر الصادر عن القمة العربية الحادية والثلاثين، يتضح جليًا أنه جاء متسقًا مع الرؤية المصرية بشأن حل الأزمة في ليبيا، حيث أعرب إعلان الجزائر، في ختام القمة العربية عن التضامن الكامل مع الشعب الليبي، ودعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية من خلال حل ليبي- ليبي يحفظ وحدة وسيادة ليبيا ويصون أمنها وأمن جوارها، ويحقق طموحات شعبها في الوصول إلى تنظيم الانتخابات بأسرع وقت ممكن لتحقيق الاستقرار السياسي الدائم.
الرؤية المصرية للحل
جاء الإعلان متسقًا مع الرؤية المصرية لحل الأزمة الليبية، والتى تؤكد أهمية العمل على تحقيق الأمن والاستقرار وصون وحدة وسيادة ليبيا، ومن ثم ضرورة الدفع نحو عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت، بالإضافة إلى الحفاظ على المؤسسات الليبية الوطنية، وتعزيز دور الجهات الأمنية في مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة، وكذلك تعظيم الجهود الدولية لإخراج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.
وفي كلمته أمام قادة العرب، أكد الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي، أن مصر ترغب فى الدعم العربى للتوصل بأسرع وقت إلى تسوية سياسية فى ليبيا، بقيادة وملكية ليبية خالصة دون إملاءات خارجية، وصولًا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، واحترام مؤسسات الدولة وصلاحياتها بمقتضى الاتفاقات المبرمة، وتنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب في مدى زمني محدد، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة الليبية وحل الميليشيات، بما يحول دون تجدد المواجهات العسكرية ويعيد للبلاد وحدتها وسيادتها واستقرارها.
اتفاق عربى مع الرؤية المصرية
واتفق القادة العرب مع الرؤية المصرية، حيث شدد الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون، رئيس الدورة الحالية، ونظيره التونسي قيس سعيد، رئيس الدورة السابقة، على ضرورة أن يكون الحل ليبيًا- ليبيًا عبر حوار وطنى ومصالحة تفضى لخارطة طريق تقود البلاد لانتخابات رئاسية وبرلمانية.
وفى كلمته، طالب رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، برحيل جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية، ووقف التدخلات السلبية غير البناءة ودعم المسار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة. وشدد على أهمية المصالحة الوطنية الشاملة تمهيدًا لانتقال سلمي للسلطة التشريعية والتنفيذية، وأكد كذلك على أهمية العمل في مسار وطني متوازن غير منحاز بما يضمن تحقيق العدالة الانتقالية.
وخلال لقائهما على هامش القمة العربية في الجزائر، اتفق الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ورئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي، على الإجراءات التي يجب أن تتخذ لحل الأزمة الليبية، والتي تشتمل على وضع قاعدة دستورية تجرى على أساسها الانتخابات، وأهمية الشروع باتخاذ الخطوات التنفيذية اللازمة لإنجاز هذا الاستحقاق. والمطالبة بخروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية كافة من الأراضي الليبية، واتفقا كذلك على مواصلة التنسيق الوثيق بين الجامعة العربية والمنظمة الأممية لإيجاد مسار للحل في ليبيا.
ويعد وضع قاعدة دستورية من أكثر الأزمات التي عطلت إجراء الانتخابات في موعدها السابق، ديسمبر 2021؛ نتيجة خلافات بين الأطراف الليبية، خاصة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن قانون الانتخابات وشروط الترشح.
ويأمل الليبيون ألا يتوقف اهتمام القمة العربية بالأزمة الليبية على القرارات والتوصيات، بل أن يتم ترجمته لأفعال تحظى بتأييد دولي ودعم من مجلس الأمن، ويكون هدفها الأوحد إخراج المرتزقة وتنظيم الانتخابات وحل المليشيات. وينتظر الليبيون من القمة العربية، أن ترسم الطريق لانتخابات ليبية، وحوار وطني يفضي لخارطة ترسم الطريق لهذا الاستحقاق.
لكن يرى المراقبون أن عمل الجامعة العربية منفردة ومجلس الأمن منفردًا بشأن ليبيا، سيشتت الجهود ويمنع التوافق ويعطى فرصة للأطراف التي تريد الإضرار بالانتخابات لتحقيق غرضها. وعلى هذا، فإن لقاءات الجامعة العربية ومجلس الأمن عن طريق البعثة الأممية، سيكون مفيدًا جدًا في هذه الفترة التى تشهد جمودًا سياسيًا في ليبيا قد يؤدي لأزمات أكبر.