الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من الأصول الروسية إلى أسواق المال.. أوروبا تنقذ أوكرانيا بحل بديل

  • مشاركة :
post-title
علما الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

نجح قادة الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق تاريخي لتقديم قرض ضخم بقيمة 90 مليار يورو لأوكرانيا، وذلك بعد أكثر من 16 ساعة من المفاوضات المضنية التي استمرت حتى ساعات فجر يوم الجمعة في بروكسل، حسبما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

حل بديل لخطة الأصول الروسية

يأتي هذا الاتفاق بعد انهيار مفاوضات معقدة كانت تهدف إلى استخدام نحو 210 مليارات يورو من الأصول الروسية المُجمَّدة، معظمها محتجز في بلجيكا، كضمان لتمويل أوكرانيا.

وتعثرت تلك الخطة الأولية بسبب مطالبة بلجيكا بضمانات مالية غير محدودة السقف لحمايتها من أي مخاطر قانونية أو انتقام روسي محتمل، وهو ما رفضته باقي العواصم الأوروبية بشكل قاطع، وفق ما أوردته الصحيفة نقلًا عن مسؤولين مطلعين على المفاوضات.

وبدلًا من ذلك، قررت القيادات الأوروبية اقتراض المبلغ من أسواق المال العالمية مقابل ضمانات من النفقات غير المستخدمة في موازنة الاتحاد المشتركة، لتوفير التمويل اللازم لكييف على مدار العامين المقبلين.

وقادت كل من فرنسا وإيطاليا الدعوات لتبني هذا الحل البديل، بحسب المصادر ذاتها.

ضمانات استثنائية لأوكرانيا

يحمل الاتفاق شروطًا استثنائية لصالح أوكرانيا، إذ أكد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، أن كييف لن تضطر لسداد القرض إلا بعد أن تدفع موسكو تعويضات حرب، مشيرًا إلى أن الأصول الروسية ستبقى مُجمَّدة ويمكن استخدامها في النهاية لسداد القرض إذا رفضت روسيا دفع التعويضات.

وأعلن كوستا بعد القمة: "التزمنا ونفذنا"، واصفًا الاتفاق بأنه شريان حياة حاسم لأوكرانيا.

وكانت أوكرانيا قد حذَّرت من احتمال انهيارها في مطلع عام 2026 دون الحصول على دعم إضافي، ما دفع القادة الأوروبيين للتعهد بعدم مغادرة بروكسل دون التوصل لاتفاق بشأن المساعدات المالية.

وفي هذا الصدد، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "غياب القرار كان سيُشكِّل كارثة حقيقية"، مطالبًا الأوروبيين بالتواصل المباشر مع موسكو والمشاركة الفعلية في مفاوضات السلام، وأضاف: "في الأسابيع المقبلة، نحتاج إلى إيجاد سبل تمكن الأوروبيين من إعادة الانخراط في حوار شامل مع روسيا، وإلا سنظل نتحدث فيما بيننا فقط، وهذا ليس الحل الأمثل".

ترحيب أوكراني

رحَّب سيرهي كيسليتسيا، نائب وزير الخارجية الأوكراني الأول، بالاتفاق، إذ أكد، عبر منصة إكس، أن بلاده حصلت على الدعم المالي الذي "تحتاجه لمواصلة حماية أوروبا أثناء دفاعها عن نفسها"، وكتب: "هناك لحظات يجب أن نتذكر فيها أن الكامل عدو الجيد، لقد كانت ليلة طويلة للقادة الأوروبيين لكنهم تمكنوا من التوصل لنتيجة قابلة للتطبيق".

لكن الاتفاق تضمن بندًا مثيرًا للجدل ينص على إعفاء ثلاث دول من أي التزامات مالية تتعلق بالقرض، وهي جمهورية التشيك والمجر وسلوفاكيا، التي كانت قد أعلنت مسبقًا رفضها استخدام أموال الاتحاد لدعم كييف.

وعلَّق مسؤول أوروبي كبير على ذلك قائلًا: "لن يضطروا للدفع، لكننا سنجعلهم يدفعون الثمن سياسيًا".

وسارع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى الإعلان عبر إكس: "صمدنا في ليلة طويلة وصعبة، ولم نسمح لأوروبا بإصدار إعلان حرب على روسيا باستخدام الأصول الروسية"، مشيدًا بحصوله على إعفاء من سداد القرض مع دول أوروبا الوسطى الأخرى، وأضاف: "المجر تبقى صوت السلام في أوروبا ولن تسمح باستخدام أموال دافعي الضرائب المجريين لتمويل أوكرانيا".

خيبة أمل ألمانية

يُمثِّل الاتفاق ضربة سياسية للمستشار الألماني فريدريش ميرز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اللذين كانا يدعمان بقوة خطة قروض التعويضات الأصلية ويحاولان الضغط على رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر لرفع اعتراضاته.

إلا أن دي فيفر دافع عن موقفه قائلًا: "أوروبا انتصرت والاستقرار المالي انتصر بالتأكيد، لقد تجنبنا الفوضى وتجنبنا الانقسام".

بينما وصف ميرز النتيجة بأنها "حل عملي وجيد جدًا له نفس تأثير الحل الذي ناقشناه طويلًا، لكنه كان معقدًا للغاية"، مؤكدًا أن أوكرانيا "ستضطر لسداد القرض فقط عندما تحصل على تعويضات من روسيا".

من جهته، هاجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القرار الأوروبي، متهمًا القادة الأوروبيين بالصراع حول "ما يجب فعله بالأموال التي سرقوها"، محذِّرًا من أن تجميد الأصول سيقوِّض ثقة المستثمرين في منطقة اليورو.

وأضاف بوتين أن الدول المنتجة للنفط التي تحتفظ بجزء من احتياطياتها باليورو "تراقب ما يحدث وبدأت تشعر بالقلق والشكوك".

كما توعد بمقاضاة الاتحاد لاستعادة الأصول في "جهة قضائية محايدة سياسيًا"، محذِّرًا الدول الإسلامية من احتمال تعرضها لإجراءات مماثلة، قائلًا: "اليوم لا يعجبهم الوضع في أوكرانيا، وغدًا قد لا تعجبهم سياسات بعض الدول الإسلامية، وهكذا يصبح لديهم مبرر لمصادرة الموارد والأموال السيادية".