في تحول دفاعي جذري يعكس تصاعد المخاوف الأمنية في أوروبا الشرقية، قررت بولندا استئناف إنتاج الألغام المضادة للأفراد، وتخطط لنشر ملايين منها على طول حدودها مع روسيا وبيلاروسيا، مع إمكانية تصدير الفائض إلى أوكرانيا ودول البلطيق.
اتفاقية أوتاوا
أكد نائب وزير الدفاع البولندي باول زاليفسكي، في تصريحات لوكالة "رويترز"، أن بلاده بدأت إجراءات الانسحاب من اتفاقية أوتاوا (المعاهدة العالمية لحظر الألغام المضادة للأفراد)، متوقعًا بدء الإنتاج الفعلي بمجرد انتهاء فترة الانسحاب القانونية في 20 فبراير 2026.
ستشكِّل هذه الألغام ركيزة أساسية في برنامج "الدرع الشرقي" الهادف لتعزيز الدفاعات على الحدود مع بيلاروسيا وجيب "كالينينجراد" الروسي.
صرح زاليفسكي قائلًا: "نحن مهتمون بكميات كبيرة في أسرع وقت ممكن.. لدينا احتياجات ضخمة لتعزيز أمننا".
قدرات إنتاجية بمليارات الألغام
من جهته، كشف ياروسلاف زاكروفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة "بيلما" الحكومية للصناعات الدفاعية، عن استعدادات ضخمة لتلبية الطلب الحكومي الذي قد يصل إلى 5 أو 6 ملايين لغم من مختلف الأنواع.
تخطط الشركة لرفع قدرتها الإنتاجية من 100 ألف لغم سنويًا حاليًا إلى 1.2 مليون لغم في العام المقبل (2026)، سيعمل البرنامج على تأمين الحدود الشرقية لبولندا الممتدة على مسافة 800 كيلومتر.
أوكرانيا ودول البلطيق
لم يقتصر القرار البولندي على الدفاع الداخلي، بل امتد لدعم الحلفاء، إذا أكد زاليفسكي أن تزويد كييف بالألغام يمثل "أولوية قصوى" لأن خط الأمن الأوروبي يقع حاليًا على الجبهة الروسية الأوكرانية.
بدورها، أبدت دول البلطيق (ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا) وفنلندا اهتمامًا بشراء الألغام البولندية، حيث تسلك هذه الدول مسارًا مشابهًا للانسحاب من حظر الألغام لمواجهة التهديدات الروسية.
سياق إقليمي ودولي
يأتي القرار البولندي ضمن موجة أوروبية للتحلل من التزامات حظر الألغام الأرضية منذ الحرب الروسية لأوكرانيا عام 2022.
وانضمت بولندا إلى أوكرانيا وليتوانيا وفنلندا في اعتبار هذه الأسلحة ضرورة دفاعية لا غنى عنها، خاصة وأن روسيا -التي لم تكن يوماً طرفًا في اتفاقية أوتاوا- تستخدمها بكثافة في الحرب الحالية.