توصل علماء بريطانيون إلى أدلة تشير إلى أن أسلاف البشر تعلموا إشعال النار بشكل متعمد والتحكم فيها قبل نحو 400 ألف عام في ما يُعرف الآن بشرق إنجلترا، في اكتشاف مذهل يعيد كتابة تاريخ التطور البشري.
وتُعد هذه الفترة أقدم بكثير من السجل المعروف سابقًا، الذي كان يعود إلى نحو 50 ألف عام فقط في مواقع إنسان نياندرتال بفرنسا، وفقًا لما نشرته مجلة "نيتشر".
وجرى الكشف عن هذه الآثار في موقع بارنهام الأثري، حيث حدد الباحثون بقيادة المتحف البريطاني قطعًا من الطين المحروق، وفؤوسًا حجرية من الصوان متصدعة بفعل الحرارة الشديدة، بالإضافة إلى شظايا من معدن البيريت الحديدي الذي يُستخدم لإنتاج الشرارات.
واستبعد العلماء بعد 4 سنوات من التحليل، احتمال أن تكون هذه العلامات ناتجة عن حرائق غابات طبيعية، مؤكدين أن درجات الحرارة تجاوزت 700 درجة مئوية، ما يدل على حرق متحكم فيه ومتكرر.
ويؤكد العلماء أن وجود البيريت الحديدي، وهو غير متوفر طبيعيًا في المنطقة، يُشير إلى أن السكان الأوائل جمعوه عن قصد، ما يثبت فهمهم لخصائصه وقدرتهم على استخدامه لإشعال النار.
وتعتبر الآثار المترتبة على هذا الاكتشاف هائلة بالنسبة للتطور البشري، إذ سمح استخدام النار للسكان بالبقاء في بيئات باردة وطهي الطعام، ما أدى إلى تحسين التغذية ودعم نمو الدماغ.
كما أتاحت النار إقامة تجمعات اجتماعية حول الموقد، عززت التخطيط ورواية القصص، وأسهمت في تطور اللغة والمجتمعات المنظمة، ويعتقد الباحثون أن سكان بارنهام كانوا على الأرجح من إنسان نياندرتال المبكر.