الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ترامب يتخلى عن تايوان واليابان.. ثمن "الصفقة الكبرى" مع الصين

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الصيني شي جين بينج ونظيره الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

كشفت اتصالاتٌ دبلوماسيةٌ رفيعةُ المستوى بين الولايات المتحدة والصين واليابان عن تصاعد التوترات حول ملفّ تايوان، بعدما أثارت تصريحاتُ رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي غضبَ بكين وأربكت حساباتِ واشنطن، في وقتٍ يسعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحفاظ على حالةٍ من الهدوء مع الصين لضمان استمرار التفاهمات التجارية بين البلدين.

عدم استفزاز بكين

ووفقًا لمصادر مطلعة تحدّثت لصحيفة "واشنطن بوست"، أمضى الرئيسُ الصيني شي جين بينج نحو نصف ساعةٍ من مكالمةٍ هاتفية مع ترامب هذا الأسبوع لشرح "الحقّ التاريخي" للصين في تايوان، والتأكيد على مسؤولية واشنطن وبكين المشتركة في إدارة النظام الدولي. وتزامن ذلك مع تصاعد الغضب في بكين إثر تحذير تاكايتشي من أن طوكيو قد تشارك عسكريًا في حال شنّت الصين هجومًا على الجزيرة.

وبعد ساعاتٍ من الاتصال مع "شي"، اتصل ترامب برئيسة الوزراء اليابانية، ناصحًا إياها – وفق مسؤولين يابانيين ومصادر أمريكية – بعدم استفزاز بكين فيما يتعلّق بسيادةِ الصين المعلنة على تايوان، وإن كان لم يضغط عليها لسحب تصريحاتها.

وقال مسؤولون يابانيون إن الرسالة أثارت قلقًا لديهم، إذ بدت إشارةً إلى أن الرئيس الأمريكي لا يريد أن تؤدي الأزمة مع تايوان إلى تعطيل التهدئة التجارية التي توصّل إليها مع "شي" الشهر الماضي، وتشمل زيادة مشتريات الصين من المنتجات الزراعية الأمريكية.

ومن جانبه، نفى البيتُ الأبيض، عبر بيانٍ منسوب إلى ترامب، أن يكون قد مارس ضغوطًا على تاكايتشي، مشددًا على متانة العلاقة بين واشنطن وطوكيو، ومكررًا إشادته بالتفاهمات التجارية مع الصين والدول الآسيوية. أمّا مكتبُ رئيسة الوزراء اليابانية فقد وصف التقاريرَ حول نصيحة ترامب بأنها "غير دقيقة"، مؤكدًا أن مثل هذا التوجيه لم يصدر.

المصلحة أولًا

وتُسلّط هذه الواقعةُ الضوء على مدى ترابط المسار التجاري بين واشنطن وبكين مع الملفّ الجيوسياسي الأكثر حساسية في شرق آسيا. فبينما تعترف الولايات المتحدة بمبدأ "الصين الواحدة" دون تبنّي سيادة بكين على تايوان، فإنها تواصل تزويد الجزيرة بأسلحةٍ دفاعية لضمان عدم فرض الصين واقعًا بالقوة.

وأشاد ترامب سابقًا بمواقف تاكايتشي الدفاعية الصلبة، وظهر معها على متن حاملةِ طائراتٍ أمريكية في يوكوسوكا، في رسالة دعمٍ واضحة للتحالف الياباني–الأمريكي. لكن تصريحاتها الأخيرة وضعت واشنطن في موقعٍ حرج بينما يسعى ترامب لتعزيز العلاقة مع شي.

وكانت تاكايتشي قد صرّحت أمام البرلمان في 7 نوفمبر الماضي بأن اليابان قد تنضمّ إلى دولٍ أخرى للتصدي لأي هجومٍ صينيّ محتمل على تايوان، ما دفع بكين إلى اتخاذ إجراءاتٍ اقتصادية ودبلوماسية عقابية ضد طوكيو، في ظلّ تصعيد خطابِ بعضِ المسؤولين الصينيين الذين هاجموا رئيسةَ الوزراء بشكلٍ مباشر.

رسائل بين السطور

ويرى محللون تحدثوا للصحيفة أن ترتيب المكالمات - الاتصال بشي أولًا ثم بطوكيو - يعكس استعداد ترامب لتهدئة مواقف حلفائه عندما تتعارض مع أولوياته في إدارة العلاقات مع بكين. وقال ماثيو جودمان، المسؤول السابق في إدارة أوباما، إن "الترتيب لافت وقد أثار بلا شك تساؤلات في طوكيو".

وركزت المكالمة بين ترامب وشي على التجارة من وجهة نظر واشنطن، خصوصًا مع قلق الإدارة الأمريكية من بطء تنفيذ الصين لوعود شراء فول الصويا والمنتجات الزراعية. بينما كان الهم الأكبر لدى "شي" هو تايوان، حيث ذكر بأن "عودة تايوان إلى الصين عنصر أساسي في النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية"، بحسب القراءة الصينية للاتصال - في إشارة مبطنة إلى اليابان باعتبارها الطرف الخاسر في الحرب.

وكانت تقارير صحفية أشارت في سبتمبر الماضي، إلى أن "شي" يسعى للحصول على تعهد مباشر من ترامب بمعارضة استقلال تايوان، لكن وزارة الخارجية الأمريكية أكدت أنها ترفض "أي تغيير أحادي للوضع القائم من أي طرف"، معتبرة أن الصين "تشكل التهديد الأكبر للسلام والاستقرار في مضيق تايوان".

تخفيف نبرة التصعيد

وفي البرلمان الياباني، حاولت تاكايتشي تخفيف حدة الموقف، مؤكدة أنها لم تكن تنوي الخوض في "تفاصيل محددة" حول سيناريوهات تدخل اليابان في حال اندلاع أزمة في تايوان، في ما اعتبرته بعض التحليلات إشارة إلى رغبتها في احتواء التوتر مع بكين دون التراجع عن السياسة اليابانية التقليدية.

ومن جانبه، وصف ترامب اتصاله بتاكايتشي بأنه "رائع"، مضيفًا: "إنها ذكية وقوية، وستكون قائدة عظيمة".