تواصل لجان الاقتراع أعمالها في استقبال الناخبين الراغبين في الإدلاء بأصواتهم في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب في مصر، والتي تُجرى تحت إشراف مستشاري الهيئات القضائية، وتستمر على مدى يومين متتاليين وسط متابعة من مختلف منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المحلية والدولية.
وتضم المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية 13 محافظة وهي: القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء.
من جانبه، أكد المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار أحمد بنداري، أنه لم يتم رصد أي شكاوى بشأن وجود مظاهر للدعاية الانتخابية في محيط اللجان، مشيرًا إلى أن اليوم الأول من المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 يسير بشكل منظم وهادئ داخل اللجان الانتخابية.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته الهيئة الوطنية للانتخابات، اليوم الاثنين، لمتابعة سير عملية التصويت في اليوم الأول من المرحلة الثانية للانتخابات بالداخل، حيث أوضح بنداري أن الهيئة لم تتلقَّ أي شكاوى تتعلق بسير العملية الانتخابية داخل اللجان حتى الآن، مؤكدًا جاهزية الهيئة للتعامل الفوري مع أي بلاغات ترد من الناخبين أو مندوبي المرشحين.
إقبال نسائي
ومن العاصمة، قال كريم عماد، مراسل "القاهرة الإخبارية" من محيط الهيئة الوطنية للانتخابات، إن اللجان الانتخابية شهدت منذ الدقائق الأولى لفتح أبوابها في التاسعة صباحًاـ إقبالًا لافتًا من مختلف الفئات، خاصة النساء وكبار السن.
وأوضح خلال رسالة على الهواء، اليوم الاثنين، أن دائرة عين شمس تُعد واحدة من 19 دائرة انتخابية بالقاهرة، وقد استعدت مسبقًا لهذا الاستحقاق المهم ضمن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025، حيث جرى تجهيز 343 مقرًا انتخابيًا يضم 724 لجنة فرعية بجميع الاحتياجات اللوجستية لتسهيل عملية التصويت.
وأضاف كريم عماد أن فتح اللجان جرى في موعده المحدد وفق ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات، وأن الساعات الأولى شهدت توافدًا ملحوظًا من المواطنين الذين حرصوا على المشاركة في العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أن الدولة عملت على توفير بيئة مناسبة للناخبين عبر تجهيز المقار الانتخابية ورفع كفاءتها بما يضمن انسيابية الحركة داخل اللجان وسهولة انتقال المواطنين بين المداخل ونقاط الفحص الأمني.
لا مكان في البرلمان إلا لمن اختاره الشعب
أكد المستشار حازم بدوي، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، أهمية أن يحرص الناخبون على المشاركة الإيجابية في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب، مشيرًا إلى أن كل صوت في صندوق الاقتراع له أثر في نتيجة الانتخابات، وأن الهيئة مؤتمنة على إرادة الشعب المصري، ولن تسمح بدخول أي نائب إلى البرلمان ما لم يكن منتخبًا بصورة صحيحة تمامًا تعكس الإرادة الحرة للناخبين وحدهم.
وقال المستشار حازم بدوي إن المشاركة الإيجابية الفاعلة من الناخبين، فضلًا عن كونها حقًا دستوريًا يتعين إعماله والتمسك به؛ نظرًا للأهمية الكبيرة لمجلس النواب في الحياة السياسية المصرية وتحقيق التوازن بين سلطات الدولة، تمثل أيضًا ضمانة إضافية لأن يكون النواب المنتخبون انعكاسًا حقيقيًا لإرادة غالبية المصريين ويمثلونهم ويعبرون عنهم تعبيرًا صادقًا.
رقابة صارمة والتزام بالقانون يوم التصويت
وشدد على أن الهيئة الوطنية للانتخابات لم تألُ جهدًا أو تدخر وسعًا في سبيل الإعداد الجيد للمرحلة الثانية من الانتخابات والتيسير على الناخبين، فضلًا عن إحاطة العملية الانتخابية بسياج من الإجراءات والضمانات القانونية، التي تصون حق الناخبين في الإدلاء بأصواتهم بحرية كاملة وتحمي إرادتهم بداخل صناديق الاقتراع.
وأضاف أن الهيئة الوطنية للانتخابات لم تنفصل يوما عن نبض الشعب المصري، بل هي جزء منه وتعمل علي حماية وصون حقه في الاختيار، وتضمن أن إرادته فقط هي من تحدد نوابه في البرلمان، مُطمئنا جموع الناخبين على أرض مصر بأن الهيئة ستطبق أعلى المعايير الدولية من الشفافية والنزاهة وصولا إلى انتخابات حرة تعبر عن إرادة الناخبين.
وأوضح أنه رُوعي أن تكون لجان الاقتراع الفرعية في جميع محافظات المرحلة الثانية والبالغ عددها 13 محافظة، على مقربة من تجمعات الناخبين بحيث لا يتكبّد الناخب عناء الذهاب لمسافات طويلة إليها، علاوة على أن معظم لجان الاقتراع ستكون بالطوابق الأرضية داخل المراكز الانتخابية، بما يشجع المواطنين كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة على المشاركة ويجنبهم أي مشقة أو عوائق.
وأضاف أن لجان الاقتراع تضم العدد المناسب من الموظفين المعاونين للمستشارين من الهيئات القضائية الذين يترأسون تلك اللجان، على النحو الذي يسهل العملية الإجرائية ويقلل من التزاحم والطوابير الطويلة أمام المراكز الانتخابية، إلى جانب وجود عدد كافٍ من المستشارين في قوائم الاحتياط والذين يُمكن الاستعانة بهم سريعًا حال تبلغت الهيئة الوطنية للانتخابات أو لجان المتابعة بالمحافظات بوجود كثافة كبيرة في أعداد الناخبين أمام بعض اللجان، حيث سيتم الدفع بهم لتسريع وتيرة الاقتراع.
وأكد المستشار حازم بدوي أن الهيئة الوطنية للانتخابات لن تتهاون إزاء أي خروقات قد تطال العملية الانتخابية ومن شأنها التأثير على إرادة الناخبين، موضحًا أنه جرى التأكيد على رؤساء لجان الاقتراع الفرعية واللجان العامة ولجان المتابعة والقوى الأمنية المُكلفة بتأمين المراكز الانتخابية، بالتصدي لأي وجه من أوجه الدعاية أو التوجيه من جانب المرشحين أو الأحزاب السياسية؛ التزامًا بأحكام القانون والضوابط التي أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات.
التصدي لأي خروقات أمام اللجان بحزم
وأشار إلى أن الهيئة الوطنية للانتخابات حريصة على تطبيق قاعدة "الصمت الدعائي" خلال يومي الاقتراع، وأن لجان الرصد المعنية التي شكلتها الهيئة تتابع هذا الأمر عن كثب، لافتًا إلى أن الهيئة الوطنية للانتخابات ترحب دائمًا بتلقي الشكاوى التي تخص العملية الانتخابية من خلال قنوات التواصل المعلنة، وتقوم بالتحقيق في كل ما يرد إليها للتثبت من مدى صحة وقائعها من عدمه.
وشدد المستشار حازم بدوي على أن أي أعمال تنطوي على توجيه للناخبين للتصويت على نحو معين أو التأثير على إرادتهم بأي شكل من الأشكال أمام أي لجنة اقتراع، ستواجه بحسم وحزم، وقد تصل إلى إبطال لجنة الاقتراع الفرعية التي قد تشهد مثل هذا النوع من الخروقات، فضلًا عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال مرتكبي تلك الوقائع حال حدوثها.
وقال المستشار حازم بدوي: "رؤساء لجان الاقتراع وكذا اللجان العامة ولجان المتابعة لديهم الضبطية القضائية التي تمكنهم اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة إزاء أي مخالفات أو خروقات محتملة، ونحن في الهيئة الوطنية للانتخابات نحقق في كل ما يرد إلينا من شكاوى بكل تجرد وحيادية، ولم يسبق أن تسترنا على أي مخالفة ولن نوفر أي تغطية لأي خرق يطال الانتخابات".
وأضاف أنه جرى التنبيه على الأحزاب السياسية، خلال اجتماع ممثليها الذي عُقد قبل بضعة أيام مع الهيئة الوطنية للانتخابات، بضرورة الالتزام الكامل بأحكام القانون وقرارات الهيئة، لا سيما تلك المتعلقة بضوابط الدعاية الانتخابية؛ حرصًا على سلامة جوهر العملية الانتخابية والمشهد الانتخابي برمته، وحتى لا تُضطر الهيئة إلى اتخاذ إجراءات عقابية إزاء من يقدم على المخالفة أو الخرق، مشيرًا إلى أن الهيئة لمست حرصًا من ممثلي الأحزاب على الانصياع الكامل لأحكام القانون والضوابط الانتخابية
قراراتنا مستقلة ولا تخضع لأي توجيه أو ضغوط
وتطرق المستشار حازم بدوي إلى الدوائر الانتخابية التي أبطلتها الهيئة الوطنية للانتخابات في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، مؤكدًا أن القرار بإلغاء الانتخابات في تلك الدوائر وإعادة إجرائها، جاء نابعًا من إرادة الهيئة وحدها، وبعد استكمال جميع عناصر التحقيق والتثبت من الوقائع التي وردت إلى الهيئة، مشيرًا إلى أن تدوينة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إزاء هذا الأمر، سبقت قرار الهيئة والذي كان سيُعلن حتمًا في المؤتمر الصحفي المخصص لإعلان النتائج في اليوم التالي للتدوينة الرئاسية، ولم تمس التدوينة استقلال الهيئة كما أنها لم تحمل توجيهًا من أي نوع وإنما على العكس من ذلك، أسهمت في تهيئة الأرضية الشعبية لتقبل قرار الهيئة الوطنية للانتخابات.
وتابع قائلًا: "مبادرة الهيئة الوطنية للانتخابات إلى المكاشفة الكاملة والإعلان عن وجود أخطاء والمضي قدمًا نحو تصحيحها على النحو الذي يتفق وأحكام الدستور والقانون، والحرص على عدم تكرار مثل هذه الأخطاء، يُحسب لنا وليس علينا".
واختتم حديثه مؤكدًا أن الهيئة الوطنية للانتخابات جهة مستقلة تمامًا عن جميع سلطات الدولة ومؤسساتها، وتدير الاستحقاقات الانتخابية بضمير القاضي المتجرد من أية انحيازات، مضيفا: "نحن لا نقبل على أنفسنا أن نتلقى توجيهًا ما أو أن نخضع لأي إملاءات، كما لا يتصور البعض أن بإمكانه مزاولة ضغوط علينا في سياق تصفية حسابات سياسية أو الخلافات.. نحن خارج دائرة التجاذبات السياسية، ونقف على مسافة واحدة من مختلف أطراف العملية الانتخابية".
ويبلغ تعداد الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم 34 مليونًا و611 ألفًا و991 ناخبًا يتوزعون على 73 دائرة انتخابية تضم 5287 لجنة اقتراع فرعية، فيما يبلغ عدد المرشحين الذين يخوضون غمار المنافسة بالنظام الفردي في هذه المرحلة 1316 مرشحًا ويتنافسون على 141 مقعدًا فرديًا، بالإضافة إلى قائمة انتخابية واحدة في قطاع شرق الدلتا، وقطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا، وذلك بالنسبة للمقاعد المخصصة لنظام القوائم الانتخابية.