في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الصين واليابان على خلفية تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي، حول "احتمال نشوب أزمة تمس وجود اليابان إذا حدثت أزمة بتايوان"، أقدمت سلطات تايبيه على سلسلة خطوات وصفت بأنها مجاملة سياسية لليابان، في توقيت بالغ الحساسية، إذ أعلنت الصين أخيرًا تعليق استيراد المنتجات البحرية اليابانية.
وعلى الرغم من حساسية المرحلة، تحركت سلطات الحزب "التقدمي الديمقراطي" في تايوان باتجاه معاكس تمامًا، مثيرة موجة انتقادات واسعة في الشارع التايواني.
رفع القيود
كشفت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، أن "وزارة الصحة" في تايوان رفعت جميع القيود على واردات الأغذية اليابانية، ورافق ذلك نشر وزير الخارجية في تايوان وو تشاو سه، تغريدة باللغة اليابانية لإظهار الود تجاه طوكيو.
ورغم محاولات السلطات التايوانية تبرير الإجراءات بأنها "لا علاقة لها بالأزمة الحالية"، فإن معظم المواطنين لا يصدقون تلك الرواية.
ومنذ كارثة فوكوشيما النووية عام 2011، فرضت تايوان قيودًا طويلة الأمد -استمرت 14 عامًا- على واردات الأغذية من 5 محافظات يابانية متضررة، لكن 21 نوفمبر الجاري، أعلن الحزب الحاكم رفع جميع القيود دفعة واحدة.
ووفقًا للحكومة اليابانية ووكالة "كيودو"، فقد رحبت طوكيو بشدة بالخطوة، معتبرةً أنها "تُسهم في إعادة إعمار مناطق الكارثة".
وقالت وزارة الزراعة اليابانية، إن القرار جاء "بعد جهود إقناع طويلة، وبناءً على بيانات علمية".
السوشي الياباني
وبدوره؛ نشر رئيس تايوان لاي تشينج تي، الخميس الماضي، صورًا على وسائل التواصل الاجتماعي وهو يتناول السوشي المصنوع من مكونات يابانية، في رسالة دعم واضحة لطوكيو، وسط خلاف متصاعد مع بكين.
الصور، التي نُشرت عبر حسابيه على فيسبوك وإنستجرام، تظهر الرئيس جالسًا على أريكة ويحمل عيدان الطعام وطبقًا من السوشي، مع تعليق يقول فيه: "ماذا تأكلون اليوم؟ ربما يكون الوقت مناسبًا لتناول الطعام الياباني.
وبحسب مسؤولين حكوميين في طوكيو، فإن بكين أبلغت اليابان نيتها وقف واردات المأكولات البحرية اليابانية، في ظل ارتفاع حدة التوتر منذ تصريح رئيس الوزراء الياباني الجديد، بأن طوكيو قد تتدخل عسكريًا إذا تعرضت تايوان لهجوم من الصين، بحسب صحيفة "نيكي آسيا".
كما يُمثل القرار حال تنفيذه أحدث فصول الضغط الاقتصادي، الذي تمارسه الصين على الدول والكيانات التي تتحدى سياساتها.
وقال "لاي"، إن السوشي الذي تناوله -ضم الحبار التايواني، إضافة إلى الهماتشي من كاجوشيما والإسكالوب من هوكايدو اليابانية- يعكس الصداقة الراسخة بين تايوان واليابان
انتقادات واسعة
وأفادت صحف تايوانية بارزة مثل Zhongshi, Lianhe، بأن الخطوة أثارت غضبًا شعبيًا واسعًا، إذ اعتبر نواب من الحزب القومي "الكومينتانج"، قرار لاي بأنه "سياسي بحت"، وأنه "يضع الحسابات الانتخابية فوق سلامة الشعب".
فيما تساءل إعلاميون معروفون مثل جو تشنج ليانج: "إذا كنا سنستورد الأسماك اليابانية ونشجع الناس على أكلها. فماذا سيأكل صيادو تايوان؟".
وقال الإعلامي تشي مينج، إن تايوان تهمل مشكلات سلامة الغذاء المحلية، بينما "تتفرغ لمساعدة اليابان في تصريف بضائعها المرفوضة".
وامتلأت منصات التواصل التايوانية برسائل غاضبة: "الحكومة تبيع تايوان لليابان. تفتحوا الحدود أمام منتجات مشكوك بإشعاعها وتزعمون أنها آمنة؟"، بحسب الصحيفة.
ووجّه البعض عبارات لاذعة إلى الرئيس التايواني لاي تشينج تي: "اشرب بعض مياه الصرف النووي لإثبات ولائك لليابان. يا للعار. اليابانيون يحتفظون بالطعام الجيد لأنفسهم ويصدرون لنا الرديء".
ووصف كثيرون الخطوة بأنها "مجاملة لا مبرر لها"، وأن اختيار التوقيت "مصادفة مشبوهة للغاية".