قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية "الكابنيت" تشكيل فريق وزاري مصغر لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق ما أوردت هيئة البث الإسرائيلية.
وذكرت الهيئة أن الفريق الموكل إليه العمل على تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يضم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، فضلاً عن وزير الخارجية جدعون ساعر، ووزير القضاء ياريف ليفين، وآخرين.
وأوضحت الهيئة أن هذا التحرك يأتي في إطار تعزيز الرقابة السياسية على تفاصيل تنفيذ الاتفاق، خصوصًا فيما يتعلق بالترتيبات الميدانية والإجراءات الإنسانية المرافقة للمرحلة الثانية، في ظل استمرار الجدل داخل الحكومة حول شروط التطبيق والمستجدات المتعلقة بالأوضاع في القطاع.
ونقلت الهيئة عن مصادر إسرائيلية أن الهدف من تشكيل مثل هذا الفريق المصغر هو منع التسريبات من الجلسات المغلقة، كما تأتي هذه الخطوة في إطار التحضير لمفاوضات جديدة بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، والتي تضمنت تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس.
لكن ضم بن جفير وسموتريتش إلى الفريق الوزاري المصغر لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يثير الشكوك حول جدية حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو في تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق.
الجدير بالذكر أن بن جفير وسموتريتش رفضا خطة ترامب بشأن غزة، ولطالما حرضا نتنياهو على رفض اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، والمضي قدمًا في الحرب على القطاع الفلسطيني، وإعادة احتلاله والاستيطان فيه.
تضمنت المرحلة الأولى من الاتفاق وقفاً فورياً ومؤقتاً لإطلاق النار، مع إعادة تموضع جزئية للقوات الإسرائيلية داخل خطوط متفق عليها في قطاع غزة، كما شملت تبادل المحتجزين والسجناء، وتسليم الجثامين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وسبق أن قالت مصادر في البيت الأبيض إن المرحلة الأولى من الاتفاق "نجحت وتمت بصورة مناسبة"، مشيرة إلى اكتمالها بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الخط الأصفر، ووقف إطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وتبادل السجناء الفلسطينيين مع الرهائن الإسرائيليين الأحياء.
وتنص خطة ترامب لإرساء السلام على تشكيل إدارة مدنية لغزة، مكونة من شخصيات فلسطينية مستقلة، بعيدًا عن سيطرة حماس. كما تتضمن الخطة انتشار قوة استقرار دولية متعددة الجنسيات تتسلم المسؤولية الأمنية.
كذلك أشارت المرحلة الثانية إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي لا تزال تحتلها في القطاع، لكنها لم تحدد جدولاً زمنيًا، فضلًا عن نزع سلاح حماس والفصائل المسلحة الأخرى.
والاثنين الماضي، اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارًا مقدمًا من الولايات المتحدة يأذن بإنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، مرحباً بخطة الرئيس دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة لإنهاء الحرب في غزة.
لكن أبرز العقبات المعطلة للمرحلة الثانية، استمرار الخروقات الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي توسعت من مجرد هجمات تسقط ضحايا، لتتجاوز "الخط الأصفر" الذي انسحب إليه بموجب المرحلة الأولى من خطة السلام.
وأشار خبراء إلى أن المرحلة الثانية لا تزال بعيدة، وأن هناك تعمدًا إسرائيليًا لإفساد أي خطوة تجاهها بهذه الخروقات، مشيرين إلى أن الضغط الأمريكي عليه أن يتحرك للجم إسرائيل.
وأعلن المكتب الإعلامي التابع لحماس في غزة في بيان أمس الخميس أن الجيش الإسرائيلي تجاوز "الخط الأصفر" الذي انسحب إليه عقب الاتفاق، عبر التوغل في المنطقة الشرقية في مدينة غزة وتغيير أماكن تموضع العلامات الصفراء، بتوسيع المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال بمسافة 300 متر في شوارع الشعف والنزاز وبغداد.
ويفصل "الخط الأصفر" بين مناطق انتشار الجيش الإسرائيلي، البالغة أكثر من 50% من مساحة القطاع شرقا، والمناطق التي يسمح للفلسطينيين بالتحرك فيها غرباً.
ويعتقد الخبراء أن ما تقدمه إسرائيل بعد قرار مجلس الأمن بشأن خطة ترامب، من هجمات أو توسيع "الخط الأحمر"، يشكل تهديدًا لاتفاق غزة، ويقلل من مصداقية الدور الأمريكي، ويلقي شكوكا على قدرة الولايات المتحدة على كبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ولم تتوقف الغارات الإسرائيلية على القطاع بشكل نهائي منذ 10 أكتوبر الماضي، يوم دخول اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته إدارة ترامب حيز التنفيذ. كما أن نتنياهو لا يزال يهدد بأنه "سينزع سلاح حماس إن لم تفعل ذلك قوة الاستقرار الدولية"، المرجح وصولها الشهر المقبل إلى القطاع الفلسطيني المدمر.