في لحظة استثنائية تشبه استعادة الضوء من قلب العتمة، ارتسمت البسمة من جديد على وجوه أطفال غزة مع انطلاق فعاليات الدورة الأولى من مهرجان غزة لسينما الطفل 2025.
وبين ضحكات صغيرة تحمل عناد الحياة، وبالونات حمراء ترتفع فوق الأنقاض، بدا المشهد كأنه وعد صغير بأن الغد يمكن أن يكون أجمل مهما طال الألم.
وانطلقت فعاليات المهرجان، الذي يُقام من 20 نوفمبر حتى 20 ديسمبر المقبل، تحت شعار "نحب الحياة، غدًا"، ليشكّل نافذة أمل في وقت تتراكم فيه المعاناة على أطفال القطاع. وجاء افتتاحه من قلب مدينة غزة، في ساحة مركز رشاد الشوا الثقافي، الذي سبق أن تعرض للتدمير على يد الاحتلال الإسرائيلي، ليحمل رسالة ضمنية بالمقاومة ويعكس رفض الفلسطيني الاستسلام للموت وأن الفن ما زال يجد طريقه حتى بين الركام.
افتتاح يليق بالأمل
بدأ الحفل بعروض ترفيهية للأطفال، حملت الكثير من البهجة التي غمرت الساحة، ورسومات على اللوحات وإمساك الأطفال بالبالون كما كان لمهرج غزة دورًا في رسم الابتسامة على وجوه الأطفال وتلوين وجوههم برسومات مرحة، مع عرض فيلم للأطفال والكثير من الأنشطة التي صنعت أجواء احتفالية نادرة في قطاع يعاني الحرب والحصار.
وبعد لحظات ممتلئة بالحيوية، انتقل الحضور إلى مشاهدة فيلم الافتتاح "البالون الأحمر"، وهو عمل يحتفي ببراءة الطفولة ورمزية الأمل، في انسجام واضح مع روح المهرجان ورسالته الإنسانية.
مشهراوي: نريد الوصول إلى كل طفل في غزة لرسم البسمة
أعرب مدير المهرجان خميس مشهراوي، عن سعادته الغامرة بما رآه من فرحة على وجوه الأطفال وهم يحملون البالونات، مؤكدًا أن هذه البسمة هي الدافع الأول لولادة المهرجان وكأداة لتعافيهم مما مروا به.
وفي تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية"، قال إن المهرجان يعمل للوصول إلى جميع مناطق غزة، بهدف إسعاد الأطفال، الترفيه عنهم، وعلاجهم نفسيًا بالفن والترفيه بعدما مرّوا به من معاناة "لا يمكن وصفها"، ومحاولة لتخفيف الضغط النفسي ومحو الفقد والألم الذي عاشوها على مدار عامين.
وأوضح "مشهراوي" أن افتتاح المهرجان وعرض فيلم "البالون الأحمر" شهد إقبالًا كبيرًا في حدث يُعد استثنائيًا في غزة للأطفال، ويضم عروضًا سينمائية، مهرجين، فقرات دبكة، مسرح دمى، وورش رسم وتنشيط متنوعة.
وأشار إلى أنه على مدار شهر كامل، سيعيش الأطفال في مدن ومخيمات قطاع غزة تجربة فنية وسينمائية متكاملة، تتضمن عروض أفلام محلية وعالمية موجّهة للأطفال، ورش للرسوم المتحركة والمسرح والدراما، جلسات رسم وتعبير حر، عروض تنشيطية وفرجوية في مناطق متعددة، وكلها أنشطة صُممت بعناية لتوفير مساحة آمنة للطفل، واستعادة قدرته على اللعب والتخيّل، وتعزيز الثقة بالنفس.
مهرجان غزة السينمائي للأطفال ينظم من قبل مؤسسة مشهراوي بالتعاون مع برنامج حكمت فلسطين وعدد من المراكز الثقافية المحلية والدولية، في إطار رؤية تجعل من السينما والفن أدوات للتعافي والمقاومة وبناء الأمل.
وسيقدم المهرجان فعالياته على مدار شهر كامل ويختتم بعرض الأعمال الفنية والأفلام القصيرة التي سينجزها الأطفال خلال الورش، في رسالة تهدف لأن يرى العالم الجانب الجميل من غزة، إلى جانب ألمها.