عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، اليوم الجمعة، جلسة خاصة طارئة لمناقشة الوضع الإنساني والحقوقي المتدهور في مدينة الفاشر السودانية، وذلك في ظل تصاعد المخاوف الدولية من عمليات قتل جماعي واسعة النطاق ارتُكبت إثر سقوط المدينة في أيدي قوات الدعم السريع.
تقاعس دولي
في مستهل الجلسة، حث فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي على التحرك الفوري والفعال، ووجّه تورك انتقادًا لاذعًا للتقاعس الدولي، مؤكدًا أن هناك الكثير من التصنّع والتظاهر، والقليل من العمل، ويتعين الوقوف في وجه هذه الفظائع، التي تمثل استعراضًا لاستخدام القسوة السافرة لإخضاع شعب بأكمله والسيطرة عليه.
وإضافة إلى ذلك، ندد المفوض السامي بشدة بالعنف الذي تشهده الفاشر، واصفًا الوضع بأنه "وصمة عار" على المجتمع الدولي الذي أخفق في وضع حد له.
وأشار تورك إلى أن بقع الدم التي تلطّخ الأرض في الفاشر تم تصويرها من الفضاء، بينما وصمة العار في سجل المجتمع الدولي أقل وضوحًا للعيان، لكن تداعياتها ليست أقل.
وفي إشارة إلى مسار العدالة، أكد تورك أن فريقه يواصل جمع الأدلة على الانتهاكات التي يمكن استخدامها في إجراءات قانونية، لافتًا إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تتابع الوضع عن كثب.
ووجّه رسالة تحذير صارمة إلى الأطراف المتورطة في النزاع، مضيفًا: "على جميع المتورطين في هذا النزاع أن يعلموا: نراقبكم والعدالة ستسود".
مطالبة ببعثة تقصي حقائق
في سياق الجلسة، نظرت الدول الأعضاء في مشروع قرار شامل يهدف إلى تحريك مسار المساءلة والسلام، وتأتي هذه الخطوة لتطالب بإنشاء بعثة أممية لتقصي الحقائق للتحقيق عاجلًا ومفصلًا في الانتهاكات والتجاوزات الأخيرة التي ترتكب في الفاشر، وتحديد هوية مرتكبي هذه الجرائم وضمان المساءلة عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي بالسودان.
كما أدان المشروع بشكل خاص تصاعد العنف والفظائع المرتكبة من قبل قوات الدعم السريع في الفاشر وحولها، بما في ذلك إدانة كل الانتهاكات وعمليات القتل بدوافع عرقية، والإعدامات، والعنف الجنسي.
دعوة لوقف إطلاق النار
وإلى جانب البعد الحقوقي، تضمن مشروع القرار دعوة صريحة إلى وقف فوري وكامل لإطلاق النار، وإنشاء آلية مستقلة لمراقبته، وشدد المشروع على ضرورة التوصل إلى حل سلمي للنزاع على أساس حوار شامل بمشاركة المدنيين.
وفي الإطار السياسي، أكد القرار على ضرورة عملية انتقال سياسي شاملة وذات مصداقية بالسودان، بهدف إقامة حكومة منتخبة ديمقراطيًا بعد فترة انتقالية بقيادة مدنية، كما حث المشروع جميع أطراف النزاع والجهات الفاعلة الخارجية على احترام ودعم وحدة السودان وسلامته الإقليمية، مُدينًا جميع أشكال التدخل الخارجي التي تغذي الصراع.
تفاقم المجاعة
وفي الشق الإنساني، ندد القرار بإدانة عرقلة جميع أطراف النزاع للمساعدات الإنسانية الأساسية في عدة مناطق، داعيًا الأطراف المتحاربة إلى تسهيل الوصول الإنساني الفوري والآمن، والتوسع السريع بتسليم المساعدات عبر الحدود.
كما أعرب المجلس عن قلقه من وجود ظروف المجاعة في الفاشر وكادقلي، مشيرًا إلى أن أكثر من 21.2 مليون شخص يعانون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد في السودان.