جاء خطاب حالة الاتحاد، الذي ألقاه الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليوم الأربعاء، في مبنى الكابيتول، بمثابة غصن زيتون للجمهوريين المتشككين، ومخططًا لمحاولته إعادة انتخابه في عام 2024، من خلال خطب ود الأمريكيين.
في أول خطاب له أمام جلسة مشتركة للكونجرس منذ سيطرة الجمهوريون عليه في يناير الماضي، أشار "بايدن" إلى التقدم المحرز في اقتصاد ما بعد جائحة كوفيد 19، وسلط الضوء على مشروعات قوانين البنية التحتية الضخمة والتضخم التي تم تمريرها في عام 2022، وشدد على ضرورة أن يتوحد الكونجرس لسن القوانين في العام المقبل.
استهل الرئيس الديمقراطي خطابه، بتهنئة كيفين مكارثي على رئاسة مجلس النواب، معربًا عن تطلعه للعمل مع الجمهوريين في الكونجرس، وقال: "بالنسبة لأصدقائي الجمهوريين، إذا تمكنا من العمل معًا في الكونجرس الأخير، فلا يوجد سبب يمنعنا من العمل سويا في هذا الكونجرس الجديد".
وأضاف: "إن الشعب أرسل لنا رسالة واضحة. القتال من أجل القتال، والسلطة من أجل السلطة، والصراع من أجل الصراع، لا يوصلنا إلى أي مكان"، وتابع: "كانت هذه دائمًا رؤيتي للبلد: استعادة روح الأمة، وإعادة بناء العمود الفقري لأمريكا: الطبقة الوسطى، لتوحيد البلاد. لقد تم إرسالنا إلى هنا لإنهاء المهمة!".
وشدد بايدن على أن "قصة أمريكا هي قصة تقدم ومرونة.. نحن الدولة الوحيدة التي خرجت من كل أزمة أقوى مما كانت عليه عندما دخلناها. هذا ما نفعله مرة أخرى"، مشيرًا إلى أن فيروس كورونا "لم يعد يسيطر على حياتنا"، كما "واجهت ديمقراطيتنا أكبر تهديد لها منذ الحرب الأهلية"، وذلك في إشارة إلى اقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الكونجرس. ولكن بايدن يشدد على أنه رغم الكدمات، لا تزال ديمقراطيتنا غير منقسمة وغير منقطعة".
بايدن يستعرض إنجازاته الداخلية
واستعرض الرئيس الأمريكي إنجازاته الداخلية، قائلا: "قبل عامين، كان اقتصادنا يترنح. أما الآن، حطمنا رقمًا قياسيًا يبلغ 12 مليون وظيفة جديدة، تم خلق وظائف جديدة في غضون عامين أكثر مما خلقه أي رئيس في أي وقت مضى خلال أربع سنوات".
وأضاف الرئيس الأمريكي إن حكومته تعمل على توفير المزيد من الوظائف للأمريكيين، من خلال مشروعات البنية التحتية، معلنا عزمه تصنيع 500 ألف سيارة تعمل بالكهرباء، الأمر الذي سيوفر آلاف الوظائف.
وأشار إلى "أن خطته الاقتصادية تتعلق بالاستثمار في الأماكن والأشخاص الذين تم نسيانهم. وسط الاضطرابات الاقتصادية التي شهدتها العقود الأربعة الماضية، تُرك الكثير من الناس، أو يعاملون كما لو كانوا غير مرئيين".
ولفت إلى أنه "هذا هو السبب في أننا نبني اقتصادًا لا يُترك فيه أحد. تعود الوظائف، ويعود الفخر، بسبب الخيارات التي اتخذناها في العامين الماضيين. هذا مخطط لإعادة بناء أمريكا، وصنع فرق حقيقي في حياتك".
وقال إن معدل البطالة بلغ 3.4% وهو الأقل منذ 50 عاما، مضيفا أن التضخم يتقلص وتراجعت أسعار المحروقات والغذاء في الولايات المتحدة، خلال الشهور الستة الماضية. كما انخفض العجز الأمريكي في آخر عامين بـ 1.7 مليار دولار.
وذكر بايدن إن الولايات المتحدة في المرتبة الـ13 في البنية التحتية، مشيرا إلى اعتماده تشريع خاص بتطوير البنية التحتية حظى بدعم الحزبين. وشدد على أن كل مواد البناء التي تستخدم في البنية التحتية يجب أن تكون صناعة أمريكية.
انحياز للطبقة الوسطى
وأبدى الرئيس الأمريكي انحيازه للطبقة الوسطى، لافتا إلى إنه يعمل على دعمهم وعدم رفع الضرائب عليهم، وفى المقابل زيادتها على الأغنياء والشركات الضخمة مثل شركات الأدوية والطاقة. وقال: " لن نرفع الضرائب على الشرائح المتوسطة، لن نزيد الضرائب على أي شخص دخله 400 ألف دولار سنويا." وأضاف: "إن الشركات الضخمة ستدفع 15 % من أرباحها للضرائب".
واتهم بايدن شركات النفط الكبرى باستغلال أزمة موارد الطاقة الأخيرة للتربح، مطالبًا بفرض زيادة ضريبية كبيرة على عمليات إعادة شراء أسهم الشركات لتوجيهها للاستثمار أكثر في الإنتاج.
وقال بايدن: "العام الماضي حققوا أرباحًا بلغت 200 مليار دولار في خضم أزمة طاقة عالمية. أعتقد أن هذا أمر فاحش".
كما دعا الرئيس الأمريكي إلى فرض حد أدنى للضريبة على أصحاب المليارات، قائلًا: "لا يجب أن يدفع أي ملياردير معدل ضرائب أقل من مدرّس أو رجل إطفاء".
دعم المسنين والمعاقين
وشدد بايدن على دعم المسنين والمعاقين، قائلا: "نريد للمسنين والمعاقين الحصول على الخدمات داخل منازلهم دون مقابل". وأضاف: "التامين الصحي للمسنين واجب جماعي.. يجب علينا دعم المسنين". وتابع: "لن أسمح بخفض الرعاية الصحية للمسنين سأطلب من الجمهوريين أيضا وضع خطة لرعاية المسنين."
وأقر الرئيس الأمريكي مجانية التعليم وزيادة مرتبات المعلمين، قائلا: " نريد منح المعلمين زيادة في المرتبات وخفض ديون الطلاب".. وأضاف: "قمنا باعتماد العديد من القوانين التي تدعم الرعاية الصحية".
ودعا بايدن لضرورة عمل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس على قوانين لإصلاح الشرطة ومواجهة عنف السلاح، مشيرا إلى أنه وقع أمرً تنفيذيًا يحظر على الضباط التعامل بقسوة مع المتهمين، وأشار إلى اعتماد أكبر قانون ضد عنف السلاح منذ عقود، لكنه شدد على الحاجة إلى العمل سويا من أجل منع الأسلحة الهجومية في الولايات المتحدة.
وأشاد الرئيس الأمريكي بعمل موظفي الحدود، مشيرا إلى أن الهجرة انخفضت 57 %، داعيا إلى دعم ضباط الحدود لأجل حماية حقوق الناس.
ودعا الرئيس الأمريكي إلى التعاون مع الجمهوريين لتمرير رفع سقف الدين، من أجل دعم الخدمات وحماية مصالح الأمريكيين، مشيرا إلى أن سلفه دونالد ترامب حصل على رفع سقف الدين 3 مرات خلال ولايته.
وبخصوص السياسة الخارجية، قال الرئيس الأمريكي: "إذا هددت الصين سيادتنا فسنرد لحماية أنفسنا، وقد فعلنا"... وشدد في خطابه على أن الولايات المتحدة الآن في أقوى وضع منذ عقود لمنافسة الصين أو أي دولة أخرى. وأضاف: "لم يكن أبدًا رهانًا جيدًا أن تراهن ضد أمريكا".
واختتم الرئيس الأمريكي خطابه بالتأكيد على أن الشراكة بين الحزبين ضرورة لمصلحة الولايات المتحدة.