تحتضن دار الأوبرا المصرية، اليوم الأربعاء، فعاليات النسخة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أحد أعرق المهرجانات السينمائية في الشرق الأوسط والعالم العربي.
ويأتي المهرجان هذا العام وسط أجواء احتفالية كبيرة يشارك فيها نخبة من نجوم وصناع السينما من مختلف أنحاء العالم، ليجدد المهرجان مكانته كمنصة ثقافية كبرى تحتفي بالإبداع السينمائي، وتؤكد ريادة مصر كعاصمة للفن السابع في المنطقة.
فلسطين ورسائل إنسانية
تحضر القضية الفلسطينية بقوة في دورة العام الجاري، إذ يخصص المهرجان مساحة واسعة لأفلام تسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني وصموده في وجه العدوان، من خلال أعمال تجمع بين الحس الإنساني والرؤية الفنية العميقة.
من أبرز هذه الأعمال فيلم "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية، الفائز بجائزة الأسد الفضي في مهرجان فينيسيا، الذي يُعرض في عرض خاص يوثق مأساة الطفلة الشهيدة هند رجب، التي أصبحت رمزًا لصمود الطفولة الفلسطينية.
ويشارك الفيلم الفلسطيني "كان يا ما كان في غزة" للمخرجين طرزان وعرب ناصر، ضمن المسابقة الدولية، بعد فوزه بجائزة أفضل إخراج في مهرجان كان، مقدمًا معالجة فنية تمزج بين الرمزية والواقعية لتصوير حياة الشباب في غزة عام 2007.
وفي أسبوع النقاد الدولي يُعرض الفيلم الوثائقي "حبيبي حسين"، إنتاج مشترك بين فلسطين والسعودية وألمانيا والسويد، يتناول قصة آخر عارض أفلام في مدينة جنين.
كما يقدَّم في البانوراما الدولية فيلم "فلسطيني على الطريق" للمخرج إسماعيل الهباش، الذي يوثق رحلة رمزية على طريق المسيح من الناصرة إلى القدس، فيما يعرض ضمن العروض الخاصة الفيلم الوثائقي "من لا يزال حيًا" (فلسطين – فرنسا – سويسرا)، الذي يوثق شهادات مؤثرة من داخل غزة.
حسين فهمي: "مهرجان يليق بتاريخ مصر"
أكد رئيس المهرجان حسين فهمي، أن مهرجان القاهرة يظل رمزًا مشرفًا للسينما المصرية والعربية، قائلًا: "علينا جميعًا أن نتكاتف من أجل مهرجان قوي يليق بتاريخ مصر وحضارتها، وأنا موجود هنا حبًا في السينما وإيمانًا بدور المهرجان في رفع اسم مصر عاليًا".
وأشار فهمي إلى الموقف الثابت للمهرجان في دعم القضية الفلسطينية، قائلًا: "ما زلنا في الخندق نفسه، فالقضية تحظى باهتمامنا في كل دورة. أُجّل المهرجان قبل عامين بسبب أحداث غزة، واحتفينا العام الماضي بالسينما الفلسطينية، ونواصل هذا العام دعمنا الكامل لهذه القضية العادلة".
وأوضح أن مهرجان القاهرة يظل وجهة محببة لكبار المخرجين من مختلف دول العالم، وأن المهرجان يقام في واحدة من أعرق المدن في التاريخ، وهذا يمنحه بريقًا خاصًا، أما بالنسبة لأفلام الذكاء الاصطناعي فلا أرى فيها قيمة تُذكر حاليًا للسينما، وأُفضل الطابع الإنساني الكلاسيكي للمسابقات".
150 فيلمًا متنوعًا
تشهد الدورة الـ46 من المهرجان تنوعًا غير مسبوق في البرامج السينمائية، إذ يشارك 150 فيلمًا من مختلف دول العالم ضمن أقسام المهرجان.
وتضم المسابقة الدولية 14 فيلمًا، بينما يشمل القسم الرسمي خارج المسابقة 15 فيلمًا، وأسبوع النقاد الدولي 8 أفلام، وآفاق السينما العربية 9 أفلام، ومسابقة الأفلام القصيرة 24 فيلمًا.
كما يُعرض ضمن برنامج العروض الخاصة 18 فيلمًا، والبانوراما الدولية 18 فيلمًا، وعروض منتصف الليل 5 أفلام، إلى جانب 12 فيلمًا في كلاسيكيات القاهرة، و21 فيلمًا مصريًا مرممًا، و6 أفلام في البانوراما المصرية خارج المسابقة.
المكرمون
يشهد المهرجان العام الجاري، مجموعة من التكريمات البارزة، إذ يُمنح الفنان خالد النبوي جائزة فاتن حمامة للتميز، تقديرًا لمشواره الفني الثري وأعماله العالمية.
كما يُكرَّم المخرج محمد عبدالعزيز بجائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر، تقديرًا لعطائه الممتد في خدمة السينما المصرية.
وتُمنح المخرجة المجرية إلديكو إينييدي، جائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر أيضًا، من أبرز المخرجات الأوروبيات الحاصلات على جوائز كبرى مثل "الدب الذهبي" و"الكاميرا الذهبية"، وسيُعرض أحدث أفلامها "الصديق الصامت" ضمن المسابقة الرسمية.
كما تكرَّم الفنانة والمخرجة الفلسطينية هيام عباس عن دورها البارز في السينما العالمية وإسهامها في إبراز القضايا العربية، فيما يُكرَّم مدير التصوير محمود عبدالسميع، تقديرًا لمشواره الغني ومشاركته في توثيق لحظات مهمة من تاريخ مصر خلال حرب أكتوبر.
ترميم الكلاسيكيات
أعلن حسين فهمي، إطلاق مشروع جديد لترميم 10 أفلام من كلاسيكيات السينما المصرية، من بينها "خان الخليلي"، "امرأة على الطريق"، و"الزوجة الثانية"، مؤكدًا أن المشروع يُمثل جسرًا بين تاريخ السينما ومستقبلها، ويهدف إلى حفظ ذاكرة الشاشة الفضية للأجيال القادمة.
لجان تحكيم
تضم لجان التحكيم مجموعة مميزة من الأسماء العربية والعالمية.
يرأس لجنة تحكيم المسابقة الدولية المخرج التركي نوري بيلجي جيلان، وتضم في عضويتها المخرجة نادين خان، والممثلة بسمة، والمخرجة ليلى بوزيد، إلى جانب عدد من السينمائيين من الصين وإيطاليا ورومانيا.
أما لجنة الاتحاد الدولي لنقاد السينما (FIPRESCI) فتضم أحمد شوقي من مصر، وتييري فيرهوفن من هولندا، ولورا بيرتوي من فرنسا.
كما تضم لجنة جائزة نيتباك (NETPAC) الكاتب أحمد السعيد من مصر، والمونتيرة بينا باول من الهند، والمبرمجة سيلين روستان من فرنسا.
ويشارك في لجنة أفضل فيلم عربي المخرج كريم الشناوي، والمنتجة رولا ناصر، والمخرج وائل أبو منصور، بينما تتألف لجنة مسابقة الأفلام القصيرة من الممثلة تارا عماد، والمخرجة بوم بونسيرمفيتشا، والمخرج أنس سارين من سويسرا.