الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عبدالوهاب الحمادي: نجيب محفوظ العلامة الأبرز في مسيرتي (حوار)

  • مشاركة :
post-title
الروائي الكويتي عبد الوهاب الحمادي

القاهرة الإخبارية - حوار أحمد منصور

وسط أجواء معرض الشارقة الدولي للكتاب، إذ تتجاور الحكايات وتختلط الثقافات، بدا الروائي الكويتي عبدالوهاب الحمادي، حاضرًا بروحه الهادئة ولغته المتزنة، كاتب يؤمن بأن الرواية ليست فقط حكاية، بل وسيلة لإعادة النظر في التاريخ والواقع، ومساءلة الوعي الجمعي من خلال الخيال.

الحمادي الذي وصلت رواياته إلى القوائم الطويلة والقصيرة في جوائز عربية مرموقة، وفازت روايته "ولاغالب" بجائزة الدولة التشجيعية في الكويت عام 2021، عاد العام الجاري بروايته "سنة القطط السمان"، التي أثارت جدلاً نقديًا واسعًا ووصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة كتارا، وبين السرد والبحث وكتابة السيرة، يتنقل بخفة بين الأنواع الأدبية، محتفظًا ببصمته الخاصة.

في هذا الحوار لموقع "القاهرة الإخبارية"، يتحدث الحمادي عن أعماله الجديدة، وعن الحدود المتحركة بين التاريخ والخيال، والسيرة والرواية، ورأيه في الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإبداع.

- ما أبرز أعمالك الجديدة التي تطرحها في معرض الشارقة الدولي للكتاب؟

أشارك العام الجاري بروايتي "سنة القطط السمان" التي صدرت في القاهرة وحققت انتشارًا كبيرًا، حتى قررت دار الشروق إعادة طباعة روايتي السابقة "ولاغالب" بعد فوزها بجائزة الدولة التشجيعية، كما أعمل على كتاب جديد يتناول سيرة الأديب الكويتي أحمد مشاري العدواني، الذي عاش في مصر وغنى له أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، وسأتناول سيرته في قالب روائي يربط بين تجربته في مصر والكويت، باعتباره من أبرز من أسسوا المشهد الثقافي الكويتي الحديث.

- رواية "سنة القطط السمان" أثارت فضول القراء بعنوانها الغريب.. ما القصة وراءها؟

الرواية مستوحاة من حادث حقيقي وقع في الكويت، حين اكتشفت أن أحد المطاعم يبيع لحم القطط على أنه مشويات، وحوّلت هذا الحدث إلى نص رمزي يناقش فكرة الجشع والتزييف في المجتمع، وهي رواية تجمع بين الواقعي والخيالي، وتعيد طرح السؤال القديم ما الذي يجعل الإنسان يبرر القبح باسم المصلحة؟، وربما لهذا التوازن بين الواقع والمجاز لاقت الرواية صدى واسعًا لدى القراء والنقاد على السواء.

- روايتك "ولا غالب" تميل إلى ما تُسميه "التاريخ البديل".. ماذا تقصد بهذا النوع؟

نوع أدبي يقوم على إعادة تخيل مسارات التاريخ، أي ماذا لو جرى العالم في اتجاه آخر؟، وفي الرواية، أتابع رحلة ثلاثة كويتيين يسافرون إلى غرناطة ويجدون أنفسهم يعودون بالزمن إلى عام 1491، لحظة سقوط الأندلس، هذا المزج بين الخيال والواقع يمنح النص مساحة للتأمل في مصير الإنسان العربي، وفي ما يمكن أن نتعلمه من ماضينا لو أُتيح لنا أن نراه من جديد.

- تكتب أحيانًا الرواية وأحيانًا السيرة وأحيانًا أدب الرحلات.. ما الذي يجمع هذه الأنواع في تجربتك؟

ما يجمعها البحث عن الإنسان، سواء كان في خيالي أو في الواقع، كتابة السيرة بالنسبة لي ليست توثيقًا بقدر ما هي محاولة لإعادة بناء الذاكرة، فعلى سبيل المثال، اكتشفت خلال بحثي أن أحمد مشاري العدواني المؤسس الحقيقي لسلسلة "عالم المعرفة" الشهيرة، وهو أمر لم يكن معروفًا على نطاق واسع، كما أؤمن بأن السيرة يمكن أن تُكتب بروح روائية، لأنها تكشف عن لحظات الضعف والتأمل والدهشة التي تصنع المبدع.

- تحدثت عن شخصيات مصرية عاشت بالكويت.. ما تفاصيل مشروعك في هذا الاتجاه؟

نعم، أعمل على مشروع توثيقي روائي يتناول شخصيات مصرية تركت أثرًا ثقافيًا في الكويت، خلال الستينيات والسبعينيات، أبرزهم الفنان الخواجة بيجو، الذي عمل في وزارة التربية ثم الإعلام، وشارك في المسلسل الخليجي الشهير "درب الزلق"، وأرى أن هذه التجارب المشتركة بين مصر والكويت تُمثل جزءًا مهمًا من الذاكرة العربية التي لم تُكتب بعد كما يجب.

- هل الواقعية في الأدب أكثر جذبًا للقارئ من الخيال؟

ليس بالضرورة، القارئ لا يبحث عن الواقع بقدر ما يبحث عن الصدق الفني، وهناك قصص واقعية تُروى بملل، وأخرى خيالية تقنعك بأنها حدثت فعلًا، وأختار الفكرة التي تستفزني كي أكتبها، سواء كانت واقعية أو متخيلة، لأن المعيار الوحيد هو ما تثيره القصة في من رغبة في الكتابة.

- جربت كتابة السيناريو والمسرح مؤخرًا.. هل تجارب عابرة أم مسار جديد؟

امتداد طبيعي لتجربتي الروائية، أنهيت أخيرًا نصًا مسرحيًا سيُعرض في مصر بإخراج المخرج السوري سعد حاجب، وأفكر في تحويل بعض أفكاري الروائية إلى أعمال بصرية، والسرد بالنسبة لي لا يتوقف عند الورق، بل يمكن أن يتحول إلى مشهد أو صوت أو صورة، طالما أن الفكرة تستحق.

- كيف تكتب؟.. وهل لديك طقوس معينة في أثناء العمل؟

لا أملك طقوسًا محددة، أكتب في أي مكان، لكنني أبدأ دائمًا بمسودات عشوائية أجمع فيها الأفكار والمشاهد، ثم أعود لأبني حولها البنية الروائية، والكتابة بالنسبة لي عملية مشاهدة داخلية، كأنني أرى الفيلم قبل أن أكتبه.

- مَن الكتاب الذين تعتبرهم مؤثرين في تجربتك؟

يبقى نجيب محفوظ العلامة الأبرز في مسيرتي، وأعود إلى أعماله باستمرار، لدرجة أنني قرأتها أكثر من سبع مرات، فنجيب محفوظ علمني أن التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع العالم الكبير، وأن الحارة تكون مرآة للكون.

- في زمن الذكاء الاصطناعي.. كيف ترى مستقبل الأدب؟

سنصل إلى لحظة يصبح فيها من الصعب التمييز بين النص الذي كتبه إنسان وذلك الذي أنتجه الذكاء الاصطناعي، لكنني مؤمن أن الروح الإنسانية لا تستنسخ، والآلة تستطيع أن تنتج نصًا متقنًا شكليًا، لكنها لا تستطيع أن تخلق دهشة ولا وجعًا ولا حنينًا، فالإبداع سيبقى ما دام هناك إنسان يكتب لأنه يريد أن يفهم نفسه والعالم من حوله.