الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

السنيورة: اتفاق 1969 مع منظمة التحرير أدخل لبنان في صراع مع إسرائيل

  • مشاركة :
post-title
لقاء السنيورة على القاهرة الإخبارية

القاهرة الإخبارية - متابعات

أكد فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق، اليوم الجمعة، أن بلاده لا تزال تتأثر بالعوامل الخارجية منذ الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975.

وقال "السنيورة"، خلال لقاء مع الإعلامي سمير عمر، في برنامج "الجلسة سرية"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، إن المشهد اللبناني حاليًا يختلف عمّا كان عليه في عام 1992 عندما دخل معترك العمل السياسي وزيرًا للدولة للمالية، مضيفًا أن: "الحياة مستمرة، ولديها ما يسمى انتكاسات ومن ثم نهوض، وربما بعد ذلك انتكاسات أو ما يسمى انحراف، فهذا الأمر طبيعي بالحياة يعني".

وأضاف أن "ذلك يتأثر بالعوامل ليس فقط الداخلية، ولكن بالعوامل الخارجية، ولا سيما أن بلدًا مثل لبنان، الآن طوى العام الخمسين على بدء الحرب الأهلية التي بدأت في عام 1975، وكان ذلك امتداد أيضًا لأول عمل أدى إلى المساس بسيادة لبنان، ذلك الاتفاق الذي عقد ما بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1969".

وتابع: "هذا الاتفاق زجَّ بلبنان مباشرةً في مواجهات عسكرية ضد إسرائيل"، مشيرًا إلى أن لبنان كان يخضع للاتفاقية التي جرت في عام 1949، وهي اتفاقية الهدنة.

استطرد: "وبالتالي، هذا الأمر الذي مسّ السيادة اللبنانية أدى إلى الإخلال في التوازنات الداخلية اللبنانية، وبالتالي انعكس أيضًا بصراعات في الداخل اللبناني التي نتجت عن استعمال لبنان كساحة أيضًا للمواجهة مع إسرائيل، وبالتالي أدى إلى تراجع دور الدولة اللبنانية، بدلًا من أن تكون صاحبة القرار والسلطة الوحيدة والحصرية في لبنان".

أضاف: "أصبح هناك من ينازعها هذه السلطة، وهذا الأمر بدأ من خلال وجود منظمة التحرير الفلسطينية، وانعكس بعد ذلك بوجود أيضًا قوى محلية أيضًا كانت تنازع هذه السلطة مع منظمة التحرير، ومن ثم أدى إلى وجود ميليشيات".

وذكر رئيس الوزراء الأسبق أنّ لبنان كان جزءًا من السلطنة العثمانية وحصل الانتداب الفرنسي، ومن ثم تم التوافق على أساس ما يسمى سلبيتين، وهما عدم الذهاب للوحدة مع سوريا، الذي يمثله الجناح الإسلامي أو المسلمين، وأيضًا عدم الموافقة على استمرار الانتداب الفرنسي، وهم المسيحيين.

وأضاف: "لكن هذا الأمر طبيعي، وجُمع من خلال هذا الاتفاق الذي جرى بين رياض الصلح والشيخ بشارة الخوري، وهذا الأمر كان دائمًا عرضة لما يسمى خلافات، ولكن وجود الدستور اللبناني كان يرعى هذا الأمر".

وتابع: "كان هناك غبنًا يشعر به البعض، وبالتالي صار هناك مَن استعمل هذا الغبن من أجل الإخلال بهذا التوازن الداخلي، وهو الذي حصل في اتفاق الطائف، والذي حوَّل هاتين السلبيتين إلى إيجابيتين، وهي أن لبنان وطن نهائي لجميع اللبنانيين، وأن لبنان عربي الهوية والانتماء".

وأردف: "فبالتالي نقل هذه المسألة من سلبيتين إلى إيجابيتين، وعلى أساس تم الالتزام بتطبيق اتفاق الطائف، الذي هو الوثيقة الأساسية التي يعتمدها اللبنانيون الآن، والتي يجب أن يحافظوا عليها ويرعوها ويطبقوها بطريقة صحيحة وأن يستكملوا تطبيقها".

بذرة الفتنة

وقال السنيورة، إن اتفاق الطائف أنهى الحرب، ولم يضع بذرة الفتنة لكي تنمو في الأرض اللبنانية، موضحًا: "دستور الطائف يتحدث عن التوافق في اتخاذ القرارات، وإن لم يتحقق ذلك يتم من خلال التصويت، وبالتالي فإن القاعدة الأساسية هي الديمقراطية".

وأضاف: "هذا بالنسبة لمجلس الوزراء ولمجلس النواب.. ومجلس الشيوخ هو أيضًا من الإصلاحات التي جرى إدخالها والتي لم يجرِ تنفيذها".

وتابع: "فالذي جرى عندما تم اتفاق الطائف، أن الظروف -آنذاك- كانت في الإقليم غير مستقرة بسبب الصراعات العربية- العربية، وبسبب قرار صدام حسين بدخول الكويت، وكانت سوريا موجودة في لبنان منذ عام 1976، ولكن أُعطيت الصلاحية لإنهاء العصيان الذي كان يمارسه ميشال عون كقائد للجيش، والذي كان يعتمد على تأييد من صدام حسين، ولم يقرأ جيدًا المتغيرات التي حصلت في المنطقة العربية، ولا سيما بنتيجة دخول الجيش العراقي لدولة الكويت، والقرار العربي والدولي الذي كان يتجه إلى إخراج الجيش العراقي من الكويت".

وأردف: "وبالتالي، كان من مقتضيات ذلك، إنهاء حالات التوتر والبؤر الموجودة في المنطقة، وبالتالي كان هناك حالة استعصاء موجودة عند ميشال عون، وللخروج منها كان هناك توافق عربي ودولي من أجل تكليف سوريا بأن تتولى إنهاء حالة العصيان، ومن ثم تتولى ملف لبنان، وبعد إنهاء حالة العصيان، تولت سوريا عملية الإشراف على لبنان والسيطرة عليه بحيث أنها التي تولت تطبيق الإشراف على عملية تطبيق اتفاق الطائف، ولكن بالطريقة التي تناسبها وتؤدي إلى مزيد من الإطباق على الوضع اللبناني بحيث أصبح اتفاق الطائف يتم حسب مقتضيات التصور السوري".

ميشال عون والاتفاق

وبشأن رأي الرئيس اللبناني السابق العماد ميشال عون في اتفاقية الطائف، قال السنيورة إن "عون" تولى ما يسمى الحكومة المؤقتة في عام 1989 وأُنهي وجوده في عام 1990 ورحل إلى فرنسا، ولكن عملية إخراجه خلقت له شعبية في الوسط المسيحي حاول أن ينميها بمزيد من التأجيج الطائفي والمذهبي.

وأضاف "أحمله المسؤولية في أنه بعصيانه وعدم قراءته للمتغيرات التي حصلت في المنطقة أصبحت سوريا في الموقع الذي حصلت من خلاله على الدعم العربي والدولي من أجل السيطرة على لبنان".

وتابع: "لو أنّ ميشال عون قرأ المعطيات بشكل سليم لفهم هذه المتغيرات وفهم اتفاق الطائف، وبالتالي كان بإمكانه أن يبقى في لبنان وأن يكون له وجوده السياسي المقبول، ولكن على أساس قبول اتفاق الطائف، إلا أنه رفض اتفاق الطائف، ومن ثم جرى ما جرى".

وأردف: "لكنه -أيضًا- استمرّ داخليًا غير متقبل لاتفاق الطائف حتى عندما أصبح رئيسًا للجمهورية، حيث كان يمارس الكثير من الممارسات المخالفة للدستور، ولم يكن راضيًا باتفاق الطائف الذي لم ينهِ الحرب فحسب، بل جمع بين اللبنانيين، ووضع الإطار للحكم في لبنان".

وردًّا على سؤال عمَّا إذا كان هناك قوى وقيادات أخرى ساهمت في تأجيج هذه الصراعات، قال: "دون أدنى شك.. الوضع اللبناني مفتوح على الاعتبارات المحلية والإقليمية والدولية كافة، ودخلت اعتبارات عديدة بسبب الاجتياح الإسرائيلي في عام 1982، وهناك أيضًا العامل الإيراني".

سليم الحص

وتحدث "السنيورة" عن توليه رئاسة الحكومة 10 سنوات وعلاقته بسليم الحص رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، قائلا إن "رفيق الحريري تولى المسؤولية كرئيس للحكومة على مدى 10 سنوات خلال 12 سنة، أي منذ عام 1992 حتى 1998، ثم من عام 2000 حتى عام 2004، وألّف 5 حكومات، 3 في الولاية الأولى، و2 في الولاية الثانية"، موضحًا: "كنت وزيرًا مسؤولًا عن وزارة المالية في جميع الحكومات التي ألفها الرئيس الحريري".

وحول مأزق العلاقة مع سليم الحص في خضم ما يشهده لبنان من هذه الممارسات، قال السنيورة: "ثمّة قاعدة حكمية دائمًا يجب أن نلتزم بها، وهي أنّ الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية".

وأكد السنيورة: "العلاقة مع الرئيس الحص بقيت علاقة الاحترام الكبير الذي أكنه له والاحترام والمحبة التي كان يكنها لي، فقد اختلفنا في وجهات النظر في بعض الأمور، ولكن بقي هذا الود".

وأردف: "كنت على تواصل مستمر إلى يوم وفاته رحمه الله، فهو كان أستاذًا لي، وعندما كان رئيسًا للحكومة رشحني أن أكون رئيسًا للجنة الرقابة على المصارف، وخلال تلك الفترة جرى توجيه اللوم له من قبل القطاع المصرفي بأنه قد أتى بشاب صغير ليتولى مثل هذه المسؤولية، وأسرَّ لي بعد ذلك أن هذه المجموعة التي كانت تنتقد تصرفه وقراره، رجعت عن رأيها وقالت له كان معك حق، وظلت هذه العلاقة مستمرة بشكل طبيعي خلال الفترة التي تولى رئاسة الحكومة ما بين عام 1998 حتى عام 2000".

وواصل: "الحُص اعترف في كتابه بأنه كان هناك نوع من ما يسمى التوجيه الذي كان يمارسه إميل لحود وميشال المر آنذاك بأنهما كانوا مسيطرين على القرار، وبالتالي أحس وأدرك بعد ذلك أنه خُدع بشكل أو بآخر بهذا الشأن، ولكن كان دائمًا هو له المحبة والتقدير والاحترام له والثقة بصدقيته.. وهذا الأمر الحمد لله بقينا محافظين عليه، لكن طبيعي في وجهات نظر مختلفة".

صداقته مع رفيق الحريري

وعن علاقته برئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، قال "السنيورة"، إنّ علاقته بالراحل ترجع إلى أيام الدراسة، حيث كانا يدرسان في جمعية المقاصد الإسلامية، موضحًا: "هو كان في مدرسة وأنا في مدرسة بصيدا، وكنا بعد ذلك أيضًا أصدقاء، ومن ثم أصبحنا في خلية واحدة بالقوميين العرب".

وأضاف "بعد ذلك، سافر الحريري إلى السعودية للعمل، وأنا درست في الجامعة الأمريكية، ومن ثم التقينا وعملنا سويا بالقطاع المصرفي، وعندما أصبح رئيسًا للحكومة ارتأى أن أكون معه أيضًا وزيرًا للمالية، لكن كان هناك بعض الحساسيات، فجاء من يقول إن وزارة المالية يجب أن تكون من نصيب الشيعة، وهذا أمر لم ينص عليه اتفاق الطائف على الإطلاق".

وتابع: "اتفاق الطائف لا ينص على الإطلاق في أي وظيفة كانت في الدولة اللبنانية -ابتداءً من موقع رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس النيابي- أن تكون هناك وظيفة معينة لفئة معينة، فبالتالي قال الحريري أنا بعمل وزير مالية، وفؤاد بيكون وزير دولة للشؤون المالية.. ورفيق الحريري لم يدخل يومًا وزارة المالية".

وردًا على سؤال عن المحاصصة الطائفية وصلت للبلديات والأحياء والسفراء، بمعنى أن هناك سفارات للدروز، وأخرى للشيعة وهكذا، قال "السنيورة" إن "هذا من ضمن ما يسمى الانحراف، والتدرج نحو الهاوية من خلال الممارسات، فهناك أخطاء ترتكب عمليًا باتفاق الطائف، والمشكلة كانت في الممارسات التي مورست خلافًا للاتفاق وروحه والامتناع عن استكمال تطبيقه".

وواصل: "بالتالي، اختارني رفيق الحريري بالحكومات الأولى الثلاثة بناءً على طلبه، والمرة الوحيدة التي تمنيت عليه أن أرجع وزيرًا كانت في الحكومة الرابعة بعد المشكلات التي تعرض لها وتعرضت لها آنذاك، والتي كانت كلها من ضمن ما يسمى المنازعات السياسية".