كشفت دراسة حديثة عن "ثغرات حرجة" في استعدادات أوروبا لأي حرب مقبلة، وأشارت إلى أنه في حال شنت روسيا هجومًا، لن تتمكن القارة العجوز حاليًا من تشكيل قوة كافية لمواجهة موسكو.
وتواجه القارة العجوز مرحلة تُعتبر الأصعب بعد الحرب العالمية الثانية، كما أكدت رئيسة وزراء الدانمارك ميته فريدريكسن في إشارة إلى الحرب الهجينة الروسية ضد الأوروبيين، مؤكدة أن أوروبا تعيش مرحلة غير مسبوقة من المخاطر، وذلك أثناء القمة التي احتضنتها عاصمة بلادها في أكتوبر الماضي.
وشكل موضوع أمن أوروبا وتشكيل منظومة دفاعية أوروبية واستقلالها الإستراتيجي، حجر الزاوية خلال هذه القمة، في ظل هشاشة البنية الأمنية الأوروبية لدول شمال القارة، وتراجع العقيدة العسكرية الوحدوية لأوروبا، وشكوك متنامية بخصوص المظلة الدفاعية الأمريكية.
ووفقًا لتقرير صادر عن المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "إيفري"، قد تواجه أوروبا صعوبات حالية في تعبئة القوات وإنتاج الأسلحة في حال نشوب حرب مع روسيا، بحسب موقع "إن تي في" الإخباري الألماني.
وأوضح التقرير أن 20 من أصل 30 دولة أوروبية عضو في الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) تمتلك حاليًا جيشًا محترفًا يضم أقل من 15 ألف جندي، ومع ذلك تمتلك أوروبا القدرة على مواكبة روسيا عسكريًا بحلول عام 2030.
وأشار التقرير إلى أنه باستثناء بعض دول المواجهة القادرة على حشد قوات الاحتياط والحرس الوطني على أراضيها، لن تتمكن الدول الأخرى من توفير أكثر من بضع كتائب. وربما ستضطر ست دول، من بينها فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إلى تحمل عبء توفير تشكيلات عسكرية كبيرة وفق التقييم الحالي.
كذلك أشارت الدراسة إلى وجود شكوك أوروبية حول التوافر السياسي والاستراتيجي والعملياتي لعدد من القوات الأوروبية في حال نشوب حرب، مؤكدةً أن أوروبا بحاجة إلى إرادة سياسية واستراتيجية اقتصادية دفاعية موحدة للاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأكد مؤلفو الدراسة أن الحرب المحتملة مع روسيا تُعد "تهديدًا طويل الأمد" لأوروبا، مشيرين إلى فشل الدول الأوروبية حتى الآن في ترجمة زيادة الإنفاق الدفاعي إلى "انتعاش صناعي ملموس"، مثل انخفاض أرقام إنتاج الصواريخ الموجهة مقارنة بما تتطلبه مواجهة عسكرية مع روسيا.
بدوره، شدد رئيس المعهد الأوروبي للدراسات الدفاعية، توماس جومارت، على ضرورة تحديد نقاط القوة والضعف، قائلاً: "إن أوروبا تعاني من فجوات عسكرية حرجة، إلا أن الدول الأوروبية تمتلك الإمكانات اللازمة، أي الموارد الاقتصادية والقدرات العسكرية والمعرفة التكنولوجية، لمواجهة روسيا في عام 2030، شريطة أن تُظهر الإرادة السياسية".
وأوضح التقرير أن أمن أوروبا حاليًا يرتكز على ركيزتين أساسيتين: الالتزام العسكري الأمريكي داخل حلف الناتو، ونجاح أوكرانيا في ساحة المعركة. وفي حال عدم انطباق أي من هذين العاملين، فإن احتمالية المواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا "ستزداد بشكل كبير"، إذ يعتمد أمن أوروبا الآن على أوكرانيا بقدر ما يعتمد على الولايات المتحدة.