الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أحمد المرسي: 6 آلاف شخص وراء رحلة افتتاح المتحف المصري الكبير (حوار)

  • مشاركة :
post-title
مدير التصوير المصري أحمد المرسي

القاهرة الإخبارية - محمد عبد المنعم

المومياوات والكباش والمتحف.. أحداث كبرى نافسنا فيها أنفسنا وتوقعات الجمهور المرتفعة كانت أصعب ما واجهنا
تيمور تيمور كان مسؤولًا عن التصوير في جنوب مصر والقدر لم يمهله مشاركتنا حتى النهاية
فقرة "الآثار الغارقة" واستعراض "توت عنخ آمون" كانا الأحب إلى قلبي

تحدٍ كبير ومسؤولية صعبة، ومهمة استمرت لشهور طويلة من التحضيرات، تفاصيل ضخمة خاضها مدير التصوير والمخرج المصري أحمد المرسي بنجاح في احتفالية المتحف المصري الكبير، ليقدم صورة وشكلاً فنيًا نتاج جهد طويل، جامعًا بين الفن والتقنيات المتطورة، الضوء والظل، الحلم والواقع، صانعًا لوحة تليق بحضارة عمرها آلاف السنين.

واجه المرسي هذه الخطوة كمرحلة جديدة في طريق بدأه من احتفالية موكب المومياوات، تبعها طريق الكباش، وصولًا إلى احتفالية المتحف المصري الكبير. وفي السطور المقبلة، اصطحبنا المرسي في رحلة شرح فيها لموقع "القاهرة الإخبارية" تفاصيل تلك المهمة وصعوباتها وتحدياتها، لينقل لنا صورة من الكواليس عن حجم الجهد المبذول في هذه الاحتفالية الاستثنائية الضخمة.

كيف بدأت التحضيرات الاحتفالية؟

بدأ الأمر معنا بعد موكب المومياوات، حيث كانت لدينا فكرة مبدئية عن الحدث، حتى بدأنا العمل الفعلي في بداية هذا العام، ومنذ ذلك الوقت ونحن نحضر للشكل التنفيذي، وبدأ التنفيذ على الأرض منذ شهر أبريل الماضي.

ما أبرز الصعوبات التي واجهتكم في تنظيم حدث بهذا الحجم؟

واجهنا صعوبات كثيرة جدًا، خصوصًا أن الحدث كان مسؤولية كبيرة؛ لأنه وطني ضخم يحضره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعدد من رؤساء ووفود الدول. إذ كنا نختار بين أفكار كثيرة ونرى مدى ملاءمتها، لكون الحفل ليس مجرد احتفالية عادية بل حدثًا مهمًا يروج للسياحة المصرية ويعرّف العالم بالمتحف الأهم. لذا شرعنا في تطوير الأفكار، تبعها التنفيذ الذي تضمن التعامل مع معدات استعنا ببعضها من خارج مصر، كما أن إدارة كل ذلك لم تكن بالمهمة السهلة على الإطلاق.

مع كل هذه التحضيرات ومشاركة فريق ضخم.. كيف توصلتم لرؤية عامة موحدة لطبيعة الاحتفالية؟

بالتأكيد تخيلناها كرحلة بصرية وروحية في قلب الحضارة المصرية، إذ بدأنا بنداء الفنانة الكبيرة شريهان الذي صممه موسيقيًا هشام نزيه، وتقول فيه: "يلا بينا نحتفل"، فيرد عليها العالم إيذانًا ببدء الاحتفالية من خلال موسيقى في عدد من الدول. وبعدها اصطحبنا الجمهور إلى أرض مصر عبر الأوركسترا بقيادة المايسترو المصري ناير ناجي، لنبدأ معه سرد الحكاية من خلال الأضواء في السماء والاستعراضات.

حرصنا أيضًا خلال الاحتفال على التركيز على فكرة "البناء" لكونها جوهر الحضارة المصرية، فاستعرضنا معالم أثرية متعددة من عصور مختلفة قبل أن نصطحب المشاهد في جولة داخل المتحف ليرى ما سيشاهده الزائر على أرض الواقع بدءًا من تمثال رمسيس، إلى المسلة المعلقة، ثم الآثار الغارقة التي حولناها إلى مشهد تحت الماء بتعليق الراقصين وتحويل المكان إلى مدينة غارقة.

تبع ذلك الصعود على الدرج العظيم لمشاهدة الآثار وعظمتها والغرف المميزة، وأيضًا فكرة النيل وأثره على الحضارة، وقمنا بعمل مشهد بصوت كريم عبد العزيز. ثم توجهنا لمراكب خوفو والفكرة الخاصة بها عبر شكل تخيلي ودعمناه بالمسيرات، كما استعرضنا قاعة توت عنخ آمون ومقتنياتها الكاملة التي تعرض لأول مرة.

وفي النهاية كانت هناك أغنية احتفالية، وربطنا كل هذا بالطفل الصغير المنبهر بالآثار، والذي يستكشف المتحف وأنه يتوجب عليه زيارة المكان أكثر من مرة لكثرة الكنوز التي تملأ المتحف الكبير، وهي الرؤية التي اتفقنا عليها جميعًا.

تنفيذ هذه التفاصيل أمر ليس بالهين.. فما حجم الجهود البشرية والفنية المطلوبة لتنفيذ كل هذه التفاصيل؟

التخطيط لهذا الأمر كان صعبًا جدًا، خصوصًا أن عدد العاملين الذي استلزم خروج الاحتفالية بهذا الشكل وصل إلى نحو 6 آلاف شخص، منهم مخرجون كبار لكل وحدة تصوير، والمسرح، والبث التلفزيوني، وكل منهم يرافقه فريق ضخم ومتخصص، وإدارة هذا الكم الهائل تشكّل تحديًا كبيرًا، في ظل مشاركة نحو الآلاف من الدرون.

أضف إلى ذلك أننا عقدنا مئات الاجتماعات المطولة للوقوف على أدق التفاصيل، والوصول إلى الشكل الذي يليق باسم مصر والمتحف.

بعد نجاح احتفالية موكب المومياوات وطريق الكباش، هل ترى أن التوقعات المرتفعة شكّلت تحديًا بالنسبة لكم؟

بالتأكيد، التوقعات العالية كانت من أصعب ما واجهناه، لأن الجمهور المصري أصبح لديه تصورات مسبقة بعد ما شاهدوه في موكب المومياوات وحفل طريق الكباش.

وما جعل احتفالية المتحف تحديًا صعبًا للغاية هو أن الدعاية للافتتاح وأهميته جعلت الجمهور يضع توقعات عالية، وكل شخص لديه خيال خاص، وعادة ما قد يسبب هذا الأمر للجمهور نوعًا من الإحباط إذا لم يرى شيئًا بحجم خياله. وهذا كان تحديًا كبيرًا على عكس موكب المومياوات إذ لم يسبق لأحد أن يرى مثل هذه الاحتفالات المبهرة، بينما اليوم بات الجمهور في انتظار الأفضل والأضخم والأكثر إبهارًا. لذلك سعينا لتقديم تنوع كبير في العروض، ما بين المسرح والموسيقى، ولكن في النهاية لن يستطيع أحد في العالم تحقيق خيال 100 مليون.

ورغم كل ذلك، كان لدينا احتفالية مبهرة تتمتع بالزخم البصري الهائل، بين عروض على واجهة المتحف، وأخرى بالدرونز، وإضاءات ثلاثية الأبعاد. والتحدي الأكبر كان في أن تلتقط الكاميرا كل هذا وتنقله بوضوح للجمهور، ليشعر بعظمة ما يحدث على أرض الواقع.

ماذا عن مشاركة تيمور تيمور في التحضيرات قبل رحيله؟

مدير التصوير تيمور تيمور كان معنا منذ البداية، وكان مسؤولًا عن الجزء الخاص بجنوب مصر والمعابد في الأقصر وأسوان وأبو سمبل، وبذل جهدًا كبيرًا، لكن القدر لم يمهله حتى التنفيذ النهائي. رؤيته كانت واضحة جدًا وما زالت حاضرة في تفاصيل كثيرة من العرض، وستظل معنا دائمًا.

ما الذي تغير في رؤية أحمد المرسي من موكب المومياوات إلى المتحف المصري الكبير؟

لا شك أن كل تجربة تضيف وتطور الإنسان، وقد شاركت في ثلاثة أحداث كبرى، ولكل منها طابعه الخاص. ويجب أن ننوه إلى أنه من الصعب والتحدي أن نفذ تلك الاحتفالات دون أن نملك مرجعية نبني عليها. فنحن نبدأ من الصفر وننافس أنفسنا، وهو ما يجعل كل مرة أكثر صعوبة وإبداعًا من سابقتها، وفي الوقت نفسه يجب أن نفرق أن لكل حدث ظروفه الخاصة به في طريقة تقديمه.

ما الجزء الأقرب إلى قلبك في العرض؟

أحببت فقرة الآثار الغارقة لأنها تمزج بين الخيال والواقع، وتقدم من وجهة نظر الطفل الذي يتخيل المكان بعينه البريئة، كما أحببت أيضًا استعراض توت عنخ آمون، فكل مشهد فيه يحمل قصة وتاريخًا عظيمين.