الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رغم بيانات حكومية بتراجع الجرائم.. حوادث الطعن تثير الذعر بين البريطانيين

  • مشاركة :
post-title
الشرطة البريطانية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

هزت جريمتا طعن جماعيتان، وقعتا خلال أقل من أسبوع واحد، شعور البريطانيين بالأمان، وأثارتا موجة ذعر واسعة على منصات التواصل الاجتماعي حول سلامة التنقل في الأماكن العامة، كما دفعتا بعض الشخصيات المعروفة مثل أنت ميدلتون، الجندي السابق والناشط اليميني، إلى التوصية بمغادرة البلاد للحفاظ على السلامة الشخصية، فيما تساءل مواطنون كثيرون عما إذا كان السفر بالقطار لا يزال آمنًا في بريطانيا.

حادثان دمويان

الحادث الأول وقع 27 أكتوبر في منطقة أكسبريدج، إذ شن شاب بالغ من العمر 22 عامًا من أصل أفغاني هجومًا عشوائيًا، أسفر عن مقتل واين برودهيرست -49 عامًا- الذي كان يتمشى مع كلبه، إضافة إلى إصابة صبي يبلغ 14 عامًا ورجل في الـ45 من عمره، ووجهت النيابة للشاب تهم القتل والشروع في القتل، وفقًا لما ذكرته صحيفة "فايننشال تايمز".

أما الحادث الثاني فوقع، السبت الماضي، على متن قطار في مقاطعة كامبريدجشاير، إذ ألقت الشرطة القبض على رجل يبلغ من العمر 32 عامًا من بيتربورو.

وأكدت شرطة النقل البريطانية أنه "لا يوجد ما يشير" إلى أن الهجوم كان ذا دوافع إرهابية، لكن الحادث أجج المخاوف بشأن الأمن في وسائل النقل العام.

تناقض صارخ

أشارت الصحيفة البريطانية إلى تناقض لافت بين ما تظهره الأرقام الرسمية وبين ما يشعر به المواطنون على أرض الواقع، إذ كشفت إحصائيات حكومية نُشرت قبل أسبوعين فقط من حادث القطار عن انخفاض ملحوظ في معظم أشكال جرائم السكاكين بإنجلترا وويلز.

كما أشارت البيانات التي نشرتها "فايننشال تايمز" إلى تراجع الجرائم المسجلة بنسبة 5% في العام المنتهي يونيو 2025 مقارنة بالعام السابق، فيما انخفض عدد القتلى في حوادث الطعن بشكل أكبر بنسبة 18% ليصل 196 حالة وفاة.

وتعكس هذه الأرقام استمرار التراجع عن الذروة التي سُجلت عام 2020، إلا أن المعدلات الحالية لا تزال ضعف أدنى مستوى مسجل في مارس 2014.

كما أظهرت إحصائيات خدمات الصحة الوطنية انخفاضًا بنسبة 10% في حالات دخول المستشفيات، بسبب الاعتداءات بأدوات حادة مقارنة بالعام السابق، وتراجعًا بنسبة 27% مقارنة بعام 2020.

هذه الأرقام المطمئنة لم تنجح في تهدئة مخاوف الجمهور، الذي يواجه حوادث عنيفة ومروعة في الشوارع ووسائل النقل.

تضخم الشعور بالخطر

أرجع دال بابو، القائد السابق لإحدى مناطق شرطة العاصمة لندن، التصور السائد بتزايد جرائم الطعن إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم الأحداث.

وقال في تصريحات نقلتها "فايننشال تايمز"، إنه رغم القلق المفهوم الذي تثيره مثل هذه الحوادث، إلا أن هناك تراجعًا حقيقيًا في هذا النوع من الهجمات، عازيًا ذلك جزئيًا إلى التشريعات الجديدة التي أغلقت ثغرات كانت تسمح بشراء سكاكين الصيد عبر الإنترنت، واستُخدمت لاحقًا في جرائم.

وأضاف "بابو"، أن "الناس يستحضرون حوادث أخرى فور وقوع أي هجوم، ما يضخم القضية برمتها ويخلق إحساسًا زائفًا بانتشار الظاهرة".

من جهته؛ أوضح سايمون رودا، المدير السابق للرؤى الاستراتيجية في شرطة لندن، الذي يعمل حاليًا في شركة "آرش 10" الاستشارية، أن مخاوف الجمهور من الجريمة تتأثر بشكل كبير بطبيعة الضحايا والظروف المحيطة بالحوادث.

ولفت "رودا" في حديثه للصحيفة البريطانية إلى أن "الجرأة المتزايدة" من بعض مرتكبي هذه الجرائم تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل تصورات الجمهور حول تكرار حوادث الطعن ومستوى الخطر، إذ إن الفارق شاسع بين جريمة تحدث في زقاق مظلم بسبب ثأر شخصي، وبين هجوم عشوائي يقع في وضح النهار على شخص يمشي كلبه أو على متن وسيلة نقل عامة.

وتشير الإحصائيات إلى زيادة بنسبة 3% في جرائم حمل السكاكين، خلال العام المنتهي يونيو 2025، لكن هذا قد يعكس تكثيف الشرطة لعمليات تفتيش المواطنين، بحثًا عن أسلحة أكثر من كونه زيادة فعلية في حمل السكاكين.

الإحصائيات الرسمية لا توضح بشكل قاطع ما إذا كانت الهجمات العشوائية كالتي شهدتها كامبريدجشاير وأكسبريدج تتزايد فعليًا رغم التراجع العام في الجرائم.

أزمة الخدمات العامة

حذّر الخبراء من أن تدهور حال الخدمات العامة في بريطانيا يرفع احتمالات ارتفاع معدلات جرائم السكاكين مستقبلًا إذا لم تُتخذ إجراءات حازمة ومستمرة.

وأشار "رودا" إلى أن التراكم الهائل للقضايا في المحاكم يعني أن أي شخص يرتكب جريمة يعرف أن الأمر قد يستغرق سنوات قبل مثوله أمام القضاء حتى لو أُلقي القبض عليه، ما يضعف الأثر الرادع للعقوبة.

وتؤكد الأبحاث أن العقوبة تكون أكثر فعالية في الردع عندما تكون صارمة وسريعة التنفيذ.

كما أن هناك مخاطر مستمرة من احتمال تفويت الشرطة وأجهزة الأمن المثقلة بالأعباء لإشارات تحذيرية من أشخاص قد يشكلون خطرًا.

وذكرت "فايننشال تايمز" حالة المراهق أكسل روداكوبانا الذي رفض برنامج "بريفنت" لمكافحة التطرف النظر في قضيته 3 مرات، لأن اهتمامه بالعنف بدا خاليًا من ارتباط بأيديولوجية محددة، قبل أن يقدم على طعن 3 فتيات حتى الموت في صف للرقص بمدينة ساوثبورت، العام الماضي.

وأضاف "بابو" أن قوات الشرطة لا تزال تعاني من تبعات التخفيضات في خدمات الصحة النفسية وعلاج الإدمان، التي قد تؤدي إلى بعض أشكال العنف.