تترقب أنظار العالم الحدث الثقافي الأضخم في القرن الـ21، حين تُفتَح أبواب المتحف المصري الكبير، في احتفال أسطوري بمشاركة قادة ورؤساء من مختلف دول العالم.
لن يكون هذا الافتتاح مجرد تدشين لمتحف جديد، بل إعلان عن ميلاد صرح حضاري فريد يعيد مصر إلى صدارة الخريطة الثقافية العالمية، بما يحتويه من كنوز لا مثيل لها، في مقدمتها المجموعة الكاملة للملك الذهبي توت عنخ آمون، التي تُعرَض لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته قبل أكثر من قرن.
ومن بين تلك الكنوز، يقف القناع الذهبي الخالد، الذي يزن نحو 11 كيلوجرامًا من الذهب الخالص، شاهدًا على براعة المصري القديم الذي جمع بين الطبقات الذهبية بتقنية الطرق، ليمنح وجه الملك الخلود الأبدي.
سر النقوش الخفية
من جهته، كشف الدكتور حسين عبدالبصير، عالم المصريات، لـ"القاهرة الإخبارية"، عن أن الجانب الخلفي من القناع يحمل نقوشًا هيروغليفية، كُتِبت بعناية من الأعلى إلى الأسفل، مأخوذة من كتاب "الخروج في النهار" أو ما يُعرَف بـ"كتاب الموتى"، وهو أحد النصوص الجنائزية الأكثر قدسية في مصر القديمة.
وأضاف "عبدالبصير" أن هذه التعويذات كانت تهدف إلى تأمين رحلة الملك في العالم الآخر، وضمان عودته إلى الأبدية في حماية المعبود رع، تمامًا كما صوَّرتها النصوص التي امتلأت بها المقابر الملكية في الدولة الحديثة.
وأشار إلى أن مصر القديمة تركت لنا تراثًا دينيًا غنيًا ومتعدد الطبقات، تجسَّد في نصوص مثل "متون الأهرام"، وهي أقدم النصوص الدينية التي نُقِشت على جدران أهرامات سقارة، ونصوص التوابيت وكتاب البوابات وكتاب الكهوف وكتاب الليل والنهار، وصولًا إلى أنشودة رع التي تمجِّد الشمس، رمز الخلود والنور.
وبحسب عالم المصريات، كل تلك الكتب لم تكن مجرد طقوس دينية، بل أدلة طريق للروح في رحلتها نحو الخلود، ورمزًا لفلسفة المصري القديم في مواجهة الموت بالحياة.
كنز يفوق الخيال
يضم المتحف المصري الكبير أكثر من 5537 قطعة أثرية للملك توت عنخ آمون، نُقِلت من متاحف القاهرة والأقصر والمتحف الحربي، لتعرض للمرة الأولى في مكان واحد.
ومن بين أبرز هذه المقتنيات أربع مقاصير ذهبية وثلاثة أسرَّة ملكية وأربع عجلات حربية استخدمها الملك في الاحتفالات، وكراسٍ ملكية ومصابيح زيت وألعاب وقطع طعام وشراب، لا تزال تحتفظ ببقاياها بعد آلاف السنين، بالإضافة إلى عربات خيول ومعدات حرب، و427 سهمًا و69 صندوقًا و34 عصا معقوفة، إلى جانب عشرات الجعارين والعقود والتماثيل الصغيرة.
وسيتاح للزوار الاستمتاع بمشاهدة هذه الكنوز في قاعتين تبلغ مساحة كل منهما 7000 متر مربع، تتضمنان عروضًا تفاعلية تحكي قصة اكتشاف المقبرة عام 1922، ولقطات نادرة توثّق لحظة رفع الغطاء عن وجه الملك الذي لا ينام.