يسابق عمال الإنقاذ المُنهكون الوقت واليأس؛ لإنتشال المحاصرين تحت الأنقاض مع تجاوز عدد قتلى الزلزال المُدمر في تركيا وسوريا الخمسة آلاف قتيل اليوم الثلاثاء، فيما خيم اليأس على المشهد وأعاق هول الكارثة جهود الإغاثة، حسبما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء.
ولاتزال أعمال الإنقاذ تجري بين عشرات الأكوام من الركام في مدينة أنطاكية التركية التي تقع قرب الحدود السورية، وانهارت فيها مبانٍ من عشرة طوابق، فيما اقتربت درجات الحرارة من التجمد وانهمر المطر ولا توجد كهرباء ولا وقود في المدينة.
وهزّ الزلزال، الذي بلغت قوته 7.8 درجة، تركيا وسوريا في ساعة مُبكرة من صباح أمس الاثنين فأسقط آلاف المباني، بما في ذلك العديد من المجمعات السكنية ودمر مستشفيات وجعل الآلاف بين مُشرد ومُصاب.
3419 قتيلا في تركيا
وقال نائب الرئيس التركي إن إجمالي عدد قتلى الزلزال في بلده بلغ 3419.
وقالت الحكومة السورية وخدمة الإنقاذ في شمال غرب البلاد، إن عدد القتلى في سوريا التي تعاني ويلات الحرب منذ أكثر من 11 عامًا يتجاوز 1500 قتيل.
وأعاق طقس الشتاء القارس جهود الإنقاذ طوال الليل، وسُمع صوت امرأة تطلب المساعدة تحت كومة من الأنقاض في إقليم خطاي بجنوب تركيا، وعلى مقربة منها كانت هناك جثة هامدة لطفل.
وأعلنت أنقرة حالة الإنذار من المستوى الرابع، وطلبت مساعدات دولية لكنها لم تُعلن حالة الطوارئ التي ستؤدي إلى التعبئة العامة للجيش، وقال أورهان تتار، المسؤول في إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) إن الزلزال تسبب في تدمير 5775 مبنى وأعقبه 285 تابعًا وأصيب 20426 شخصًا بسببه.
وذكرت "الإدارة" أنه جرى إرسال 13740 من عمال البحث والإنقاذ وأكثر من 41 ألف خيمة ومئة ألف سرير و300 ألف غطاء للمنطقة.
وجدير بالذكر أن الزلزال الذي أعقبته سلسلة من الهزات الارتدادية، هو أعنف زلزال تسجله هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية على مستوى العالم، منذ هزة أرضية في منطقة نائية بجنوب المحيط الأطلسي في أغسطس2021.
وقال مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي إن زلزالًا بقوة 5.7 درجة هزّ شرق تركيا اليوم الثلاثاء.
كان زلزال أمس الاثنين هو الأسوأ في تركيا منذ هزة بقوة مماثلة وقعت عام 1999 وأسفرت عن مقتل أكثر من 17 ألف شخص، وأفادت أنباء بإصابة قرابة 16 ألف شخص في زلزال أمس الاثنين.
وأعاقت اتصالات الإنترنت الضعيفة والأضرار التي لحقت بطرق بين بعض من أكثر المدن التركية تضررًا جهود تقييم أثر الكارثة والتخطيط للمساعدة.
كارثة تاريخية
ووصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الزلزال بأنه كارثة تاريخية، وقال إن السُلطات تفعل ما بوسعها، وسيخوض أردوغان انتخابات صعبة في مايو المقبل.
وفي مدينة إسكندرون التركية، تسلق عمال الإنقاذ كومة هائلة من الركام كانت جزءًا من وحدة العناية المركزة بمستشفى الإقليم بحثًا عن ناجين، وبذل العاملون في مجال الصحة ما بوسعهم لإغاثة موجة المصابين الجديدة.
وقالت امرأة في الثلاثينات تُدعى "تولين"، وهي تمسح دموعها وتردد الأدعية من أمام المستشفى "لدينا مريض نُقل إلى الجراحة لكننا لا نعلم ماذا حدث".
وفي سوريا أضيفت آثار الزلزال إلى الدمار الذي ألحقته ويلات الحرب المستمرة منذ 11 عامًا بالبلاد.
وقال الدفاع المدني السوري إن عدد القتلى في شمال غرب سوريا لا يقل عن 790 شخصًا، بينما أصيب 2200، وإن عدد القتلى مُرشح للزيادة.
وأضاف أن مئات الأسر محاصرة تحت الأنقاض وأن الوقت ينفد لإنقاذهم.
المساعدات الدولية
وقال رائد الصالح، مدير منظمة الخوذ البيضاء السورية "ندعو جميع المنظمات الإنسانية والجهات المانحة الدولية إلى تقديم الدعم المادي؛ لمتابعة الاستجابة لهذه الكارثة".
وقال مسؤول كبير بالأمم المتحدة في مجال الشؤون الإنسانية في سوريا إن نقص الوقود والطقس القارس يعرقلان استجابة المنظمة الدولية.
وقال المصطفى بنلمليح منسق الشؤون الإنسانية المقيم التابع للأمم المتحدة لرويترز في مقابلة عبر الفيديو من دمشق إن البنية التحتية متضررة والطرق التي كانت تُستخدم في الأعمال الإنسانية متضررة لكنهم يبذلون جهدا كبيرا ويبتكرون سبلا لانتشال الناس.
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن عدد القتلى في المناطق الخاضعة للحكومة ارتفع إلى 812 قتيلا وأصيب 1449. (شارك في التغطية سليمان الخالدي من عمان وكندة مكية من دمشق ومحمد جاليشكان من خطاي وأوميت أوزدال من ملاطية وإزجي إركويون ودارن باتلر وجوناثان سبايسر من إسطنبول وتيمور