الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"دافعوا عن بلادكم".. غضب يواجه اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا

  • مشاركة :
post-title
شباب أوكرانيون في أوروبا - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تواجه ألمانيا وبولندا، أكبر الدول المستضيفة للاجئين الأوكرانيين في الاتحاد الأوروبي، أزمة سياسية واجتماعية حادة مع تدفق آلاف الشباب الأوكرانيين إليهما بعد تخفيف كييف لقيود الخروج من البلاد، وسط تحذيرات من أن هذه الموجة قد تقوِّض الدعم الشعبي للمساعدات العسكرية الأوروبية لأوكرانيا في مواجهتها مع روسيا.

في خطوة مثيرة للجدل نهاية أغسطس الماضي، قرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تخفيف القيود المفروضة على مغادرة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عامًا، وهم الفئة التي لم تبلغ بعد سن الخدمة العسكرية الإلزامية المحددة بـ25 عامًا.

وكانت القيود السابقة تمنع الرجال بين 18 و60 عامًا من مغادرة البلاد، لكن التعديل الجديد سمح للشباب الأصغر سنًا بالسفر والعودة دون مخاطر قانونية.

وبحسب تصريحات زيلينسكي التي أوردتها صحيفة "بوليتيكو"، جاء القرار بهدف مزدوج، وهو تشجيع الشباب الأوكرانيين المقيمين بالخارج على العودة دون خوف من عدم القدرة على المغادرة مجددًا، على أمل أن يبقوا في البلاد ويقبلوا التجنيد عند بلوغهم 25 عامًا.

كما هدف إلى منع الأسر من تهريب أبنائهم في سن 16 أو 17 عامًا إلى الخارج، وهي ظاهرة رصدتها السلطات الأوكرانية.

وقال زيلينسكي: "إذا أردنا إبقاء الشباب في أوكرانيا، نحتاج حقًا إلى أن ينهوا تعليمهم هنا أولًا، وألا يأخذهم أهلهم بعيدًا"، محذرًا من أنهم قد "يفقدون ارتباطهم بأوكرانيا".

"بوليتيكو" تشير إلى أن النتيجة جاءت عكسية تمامًا، إذ كشفت أرقام حرس الحدود البولندي للصحيفة أن عدد الشباب الأوكرانيين بين 18 و22 عامًا الذين عبروا الحدود إلى بولندا قفز من 45,300 شاب خلال الفترة من بداية 2025 حتى نهاية أغسطس، إلى 98,500 في شهري سبتمبر وأكتوبر فقط، بمعدل مذهل بلغ 1,600 شاب يوميًا.

ولم يتوقف الأمر عند بولندا، إذ واصل كثيرون منهم رحلتهم غربًا نحو ألمانيا، حيث ارتفع عدد القادمين الأسبوعي من 19 شابًا فقط في منتصف أغسطس إلى ما بين 1,400 و1,800 شاب أسبوعيًا في أكتوبر، وفقًا لتقارير إعلامية ألمانية استندت إلى بيانات وزارة الداخلية.

غضب سياسي

أشعلت هذه الموجة غضبًا سياسيًا واسعًا في البلدين اللذين يستضيفان معًا أكثر من 2.2 مليون لاجئ أوكراني، يمثلون أكثر من نصف إجمالي الأوكرانيين ذوي الوضع المحمي في الاتحاد الأوروبي، بحسب بيانات يوروستات.

في ألمانيا، حذَّر يورجن هاردت، المشرع البارز في السياسة الخارجية من حزب المستشار فريدريش ميرتس، في تصريحات لـ"بوليتيكو" قائلًا: "ليس لدينا مصلحة في أن يقضي الشباب الأوكرانيون وقتهم في ألمانيا بدلًا من الدفاع عن بلادهم"، مضيفًا أن "التغيير الأخير في القانون أدى إلى اتجاه هجرة يجب معالجته".

وأكد أن الدعم الشعبي للقضية الأوكرانية قد يتراجع إذا رُئي أن الشباب يتهربون من الخدمة العسكرية.

أما في بولندا، فذهب حزب الكونفدرالية اليميني المتطرف إلى أبعد من ذلك، قائلًا في بيان رسمي: "لا يمكن لبولندا أن تستمر ملاذًا لآلاف الرجال الذين يجب أن يدافعوا عن بلدهم، بينما يُثقل كاهل دافعي الضرائب البولنديين بتكاليف فرارهم".

وفي خطوة عملية، استخدم الرئيس القومي كارول نافروكي حق النقض مؤخرًا ضد تشريع لمساعدة الأوكرانيين، مُصرًّا على أن المزايا يجب أن تقتصر على من يعملون ويدفعون الضرائب في بولندا.

معركة الإعانات الاجتماعية

تتجاوز الأزمة البعد الأمني لتطال الجانب الاقتصادي والاجتماعي، خاصة مع استفادة نحو 490 ألف مواطن أوكراني في سن العمل من إعانات البطالة طويلة الأجل في ألمانيا، وفق بيانات وكالة التوظيف الألمانية.

واستغل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، الذي يتصدر الآن استطلاعات الرأي، هذا الملف للمطالبة بوقف المدفوعات الاجتماعية للأوكرانيين وتقليص المساعدات العسكرية، في وقت تعد فيه ألمانيا أكبر داعم لكييف بعد الولايات المتحدة.

وتحت ضغوط ميزانية متزايدة، يعمل ائتلاف ميرتس الحاكم، حاليًا، على مشروع قانون لحرمان القادمين الجدد من حق الحصول على هذه الإعانات.

وقال سيباستيان فيدلر، المشرِّع من الحزب الديمقراطي الاجتماعي الحاكم في ائتلاف مع المحافظين، لـ"بوليتيكو": "كثيرون لديهم مشاعر مختلطة حول كيفية التعامل مع الشباب الأوكرانيين في سن الخدمة العسكرية الذين فروا إلينا وقد يحصلون على إعانات اجتماعية، هذا مفهوم"، إلا أنه أكد أن حزبه لا يرى حاجة للتصرف فورًا، مشددًا على أن "جزءًا من تعاملنا مع أوكرانيا يعني أننا لا نملي عليها متى يمكن لمواطنيها دخول البلاد ومغادرتها".